آخر الأخبارأخبار دولية

قبيل مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني…شي جينبينغ يواجه تقهقر “الحلم الصيني”


نشرت في: 14/10/2022 – 18:07

 لطالما جسدت الطبقة الوسطى الصينية “الحلم الصيني”، رمز القوة الاقتصادية للبلاد. ولكن في مواجهة تباطؤ النمو، يواجه هؤلاء الملايين من الناس واقعا جديدا: ارتفاع تكلفة المعيشة، المنافسة المهنية الشرسة، فقاعة العقارات … لدرجة أن البعض يحاول التحرر من هذا النموذج من النجاح، ما يعتبر تحديا كبيرا محتملا لشي جينبينغ. 

يشكل مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني، الذي سيفتتح الأحد 16 أكتوبر/ تشرين الأول، حدثًا مهما لأنه سيكون فرصة لشي جينبينغ للترشح لولاية ثالثة على رأس البلاد، وهو أمر غير مسبوق منذ وفاة ماو تسي تونغ، في عام 1976. وبينما يجب أن يبدو الرئيس الصيني أقوى من أي وقت مضى، فإنه يواجه سلسلة من التحديات أبرزها: الشعور المتزايد بالضيق لدى الطبقة الوسطى لا سيما بين شبابها، تعمقه استراتيجية لا نهاية لها لمكافحة كوفيد19 والاقتصاد الراكد. 

ومع ذلك، فإن هذه الطبقة الوسطى هي أحد أعمدة سياسة شي جينبينغ منذ ترقيته إلى منصب رئيس الحزب في عام 2012. هي في قلب “حلمه الصيني”، هذا المفهوم العزيز على الرئيس، والذي يهدف إلى جعل الصين دولة قوية، ومتقدمة تكنولوجيا، مع ضمان الصعود الاجتماعي والازدهار لسكانها. ففي غضون عشر سنوات، تم انتشال ملايين الصينيين من براثن الفقر، حيث تمتعوا بمتوسط ​​نمو سنوي قدره 6٪. 

“لقد تغير المجتمع الصيني بشكل عميق وبسرعة كبيرة. في غضون سنوات قليلة فقط، تمكن مئات الملايين من الصينيين من الوصول إلى وظائف جامعية وبأجور جيدة، وبالتالي، الاستفادة من أنماط الاستهلاك الجديدة.” وفق ما أوضح جان لويس روكا، عالم سينولوجيا في كلية العلوم السياسية ومتخصص في الطبقات الوسطى الصينية. وتشير التقديرات اليوم إلى أن ما بين 350 و700 مليون شخص ينتمون إلى الطبقة الوسطى بعد أن كانوا حوالي 15 مليونا في بداية القرن. 

الشباب في مواجهة “أزمة وجودية” 

صعوبات في الاندماج في الحياة المهنية، قلة الآفاق … في هذا السياق، يفضل جزء من جيل الشباب التقليل من طموحاتهم. وفي الأشهر الأخيرة، دعا العديد من مستخدمي الإنترنت على الشبكات الاجتماعية إلى “تانغ بينغ” أو “لاينغ فات” – وتعني بالعربية “ابق مستلقيا”. تقوم الفكرة على تحرير الذات من نماذج نجاح المجتمع الصيني لتبني أسلوب حياة أبسط وأكثر سعادة. 

يرجع أصل هذه الحركة، إلى نص مكتوب من قبل مستخدم إنترنت صيني بعنوان “لاينغ فلات إن جاستيس” وتم نشره على منتدى على الإنترنت في يوليو/ تموز 2021. يقول لويو هيوازونغ إنه قبل خمس سنوات، استقال من وظيفته كعامل من أجل الذهاب إلى التبت. يعمل من حين لآخر ويعيش على حوالي عشرين يورو في الشهر. وقال في شهادته التي كتبتها صحيفة نيويورك تايمز وهي الآن خاضعة للرقابة في الصين: “بعد العمل لفترة طويلة، شعرت أني مخدر، وكأني آلة. لذلك استقلت”. ومنذ ذلك الحين، تكثر على الويب الشهادات التي تعبر عن هذا الإرهاق من الحياة اليومية، ويتم حذفها على الفور. في الشارع، يرتدي البعض قمصانا تحمل شعار #لاينغ فات. منصة وايبو، أجرت سبرا لآراء مستخدميها في الفترة ما بين 28 مايو/ أيار و 3 يونيو/ حزيران كشف أن 61٪ من المستجيبين البالغ عددهم 241 ألفا قالوا إنهم مستعدون لتبني حالة “اللاينغ فات” أي “ابق مستلقيا”. 

يحلل جان لويس روكا: “لقد تحولت معاناة جيل الشباب إلى أزمة وجودية”. “في مواجهة تقلص الآفاق، لم تعد ترى مغزى الخضوع للنظام الصيني شديد التنافسية وهذا المخطط 9-9-6، والذي يتكون من العمل من الساعة 9 صباحًا حتى 9 مساء، ستة أيام في الأسبوع.” 

“حتى ذلك الحين، اعتقد الجميع أن الحلم الصيني يعني أن كل جيل سيستفيد من وضع أفضل من السابق” ، هذا ما يحلل أليكس باييت، عالم السينولوجيا ومدير شركة سيركوس غروب، ومقرها مونتريال. “يجد السكان أنفسهم الآن في مواجهة حدود الحلم الصيني”. 

من “الاستلقاء على الأرض حتى دعه يتعفن” 

في الأشهر الأخيرة، اتخذ شعار “لايتنغ فات” منعطفا جديدا، مما أفسح المجال لـ “لات إيت روت” (“دعه يتعفن” ، باللغة العربية). يوضح أليكس باييت “الأول كان نوعا من الدعوة إلى الحياة البسيطة، والثاني يأخذ بعدًا أكثر سلبية، من اللامبالاة”. “على سبيل المثال، إذا طُلب مني القيام بأمر ما، فلن أتجنب تنفيذه فحسب، ولكن إذا اضطررت إلى ذلك، فسأفعل أقل قدر ممكن.” 

ويشير أليكس باييت إلى أن “دعها تتعفن” تنتشر حتى بين قياديي الحزب. ويوضح قائلاً: “لقد رأينا ذلك، على سبيل المثال، أثناء الفيضانات: يفضل التنفيذيون انتظار تعليمات واضحة من الهيئات الإدارية بدلا من اتخاذ مبادرات، حتى لو كان لذلك عواقب وخيمة”.  

من الضيق الاجتماعي إلى الضيق السياسي؟ 

والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أنه تم التعبير عن قلق الطبقة الوسطى أيضا على أرض الواقع، خلال مظاهرات نادرة في بلد يتم فيه قمع أي محاولة للاحتجاج بعنف.  

مع اقتراب المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي، هل ينبغي للهيئات الحاكمة أن تخشى تحول هذا الاضطراب الاجتماعي إلى احتجاج سياسي؟ الأمر مستبعد وفقًا لجان لويس روكا. “سواء كانت- لايتينغ فات- أو حتى هذه المظاهرات… هذه التحركات تظل غير سياسية “، وفق ما أكدت عالم السينولوجيا، الذي يعتبر أن ظاهرة “ابق مستلقيا” هي ظواهر تقتصر على مستوى الأفراد. 

ويؤكد روكا أن “عضوية الحزب لا تزال قوية للغاية في صفوف الطبقة الوسطى”. “الغالبية العظمى، وخاصة أولئك الذين عايشوا الثورة الثقافية والأحداث في ميدان تيان آن مين، سيقولون إنهم تمكنوا بالفعل بفضل الحزب من تحقيق الازدهار. هناك موقف غامض في موضع ما، هناك إرهاق، لكن اعتبار أن الحزب يعتني جيدا بالسكان لا يزال قائما.” 

على الرغم من كل شيء، فإن عالم السينولوجيا مقتنع، أن أسباب توعك الطبقة الوسطى ستكون في قلب مؤتمر الحزب. ويوضح قائلا: “إننا نرى باحثين مخولين بانتقاد ضعف السياسات العامة، ويدعون إلى تمويل أفضل للتأمين الصحي ومحاربة أفضل للتفاوت الاجتماعي وخفض أسعار العقارات. وهذا يدل على أن البعض داخل الحزب يرغبون في هذه الإصلاحات”.

“على أي حال، السكان لا يريدون العودة إلى الوراء. فيما يتعلق بالاستقرار السياسي، يعرف الحزب أن هذا عنصر مهم للغاية.” خاصة وأن مسألة “الرخاء المشترك” – بعبارة أخرى، إعادة توزيع أفضل للدخل – يجب أن تكون أولوية على جدول أعمال المؤتمر. “ستركز الصين على سد الفجوات [الاجتماعية والاقتصادية]. سيصبح هذا هدفا سياسيا واستراتيجيا مهما بالنسبة لنا”. وفق ما صرح أحد المقربين من الحزب لصحيفة ساوث شاينا مورنيغ بوست

 

جان لوك مونييه/ اقتبسته للعربية صبرا المنصر


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى