آخر الأخبارأخبار محلية

عرّاب التسوية.. هل سيكونُ جنبلاط الوسيط بين حزب الله والسعودية؟

كانت مُنتظرة خلال الأيام الماضية، الزيارة التي سيقومُ بها السفير السعودي وليد البخاري لرئيس الحزب “التقدّمي الإشتراكي” وليد جنبلاط. الأمرُ هذا لا يعني أنّ الجولة التي قام بها البخاري على مختلف السياسيين ليست مُهمّة، إلا أنَّ التشاور مع زعيم “المختارة” يكتسبُ أبعاداً عديدة يمكن أن تتخطّى الملف الرئاسي. وحقاً، حصلت زيارة السفير إلى جنبلاط، حيث التقاه، أمس السبت، في كليمنصو. من هناك، جدّد البخاري تأكيده على “الحل اللبناني الداخلي”، فيما كان هناك تمسّكٌ بالموقف الذي يؤكد على أنه لا مرشحين للرئاسة لدى المملكة، كما أنه لا “فيتو” منها على أي شخصيّة.


في الواقع، بات موقف السعودية من ملف الرئاسة واضحاً، فلا قرار بالتّدخل في الوقت الرّاهن، وما يمكن رؤيته حالياً هو أنّ المملكة مُصرّة على “النأي بنفسها” عن الإستحقاق، مع ترك هامشٍ واضح للسياسيين بإختيار من يرونه مناسباً شرط أن يكون جامعاً ويحظى بثقة الجميع ويكونُ ساعياً لربط لبنان بالمحيط العربي. إلا أنه ، ووسط كل هذه الرسائل، كان لافتاً عدم تطرُّق البخاري إلى ما قيلَ عن حوارٍ بين “حزب الله” والمملكة، خصوصاً أن هذا الأمر أخذ حيزاً واسعاً من الإهتمام خلال الأيام الماضية. وفي هذا السياق، طُرحت تساؤلات أيضاً عمّا إذا كان لقاء جنبلاط مع السفير السعودي سيتطرّق إلى هذه المسألة، باعتبار أنّ الأول على علاقة جيدة مع الحزب في الوقت الرّاهن، لكنّ مصادر مقرّبة من “الإشتراكي” استبعدت أن يُفتح هذا الملف حالياً مع جنبلاط. ولكِنْ، ماذا لو حصل هذا الأمر فعلياً؟ هل يمكن أن يكون جنبلاط وسيطاً في الحوار بين الحزب والمملكة؟


قبل نحو عامٍ، وتحديداً بعد إنتهاء الإنتخابات النيابيّة في أيّار 2022، قرّر جنبلاط فتح صفحةٍ جديدة مع “حزب الله”، وحتماً هذا ما حصل. فبعد لقاء جنبلاط الشهير مع رئيس وحدة التنسيق والإرتباط في الحزب وفيق صفا والمعاون السياسي للأمين العام للحزب السيد حسين الخليل، اتخذت العلاقة بين المختارة وحارة حريك مساراً أكثر ليونة، حتى أنّ الحزب بات يُراعي هواجس جنبلاط أكثر فأكثر، ويقفُ عند خاطره ويستمعُ إلى آرائه ويتبنى بعض وجهات نظره.

 

كل ذلك، يمكن أن يُشكّل “خميرة” لأن يكون جنبلاط محور تسوية ما قد تخصّ الحزب، علماً أن تقاربه مع الأخير لا يعني أنه أصبح في فلكِه، فجنبلاط يحافظ على مواقفه المعهودة، أي أنه لم يُبدل رؤيته من الإستراتيجية الدفاعية، ولم ينفِ خصومته مع النظام السوري، كما لم يُغير نظرته بشأن سلاح “حزب الله”. لكنه في الوقت نفسه، آثر “ربط النزاع” مع حارة حريك، فالضرورة الوطنية تقتضي ذلك، والملفات الضاغطة تحتاجُ إلى هذا الأمر لا محال.


إذاً، وأمام كل ذلك، يُصبحُ جنبلاط العنصر الوسطي الذي يُمكن أن يكون همزة وصلٍ بين الحزب والمملكة. فمن خلال علاقاته بالطرفين، يستطيع رئيس “الإشتراكي” أن يعمل على تقريب وجهات النظر في حال طُلِب منه ذلك، وهو الأمر الذي يمهد حُكماً لأن يكون جنبلاط أساس التسوية التي ينتظرها لبنان، سواءً على الصعيد الرئاسي أو الحكومي وحتى السياسيّ بشكلٍ عام.


فعلياً، بدأت أصداءٌ غير مباشرة تلوحُ في أفق جنبلاط عن دورٍ ينتظرهُ لاحقاً في التقريب بين المملكة و”حزب الله”، لكنّ المختارة ما زالت بعيدة عن كل ذلك.. إلا أن السؤال المحوري الذي يُطرح هنا هو التالي: لماذا تعدّ الخيار الأنسب لتكون الوسيط؟ بكل بساطة، الإجابة على هذا الأمر سهلة، فدور جنبلاط “الوسطي” هو الذي يجعلُ منه في موقع قريب من الجميع، كما أنّ دوره على الصعيد الوطني يدفع بالآخرين للجوء إليه بُغية فتح ثغرةٍ ما في ملفٍ أساسي. وضمنياً، إن كان جنبلاط محور تقارب بين الحزب والمملكة، فإن ذلك لا يعني أنه بات “ناقل رسائل أو ساعي بريد”، بل ما قد يحصل سيشيرُ إلى أن زعيم المختارة كان بمثابةِ عنصرٍ أساسي في تسوية أنقذت البلاد من فراغٍ دستوري قاتل، وساهمت في تقريب متخاصمين سياسياً حتى وإن لم يتحاوروا بشكل مُباشر.


مع كل هذا، قد يكونُ جنبلاط العنصر الأكثر ضمانة للخطوط مع المملكة، وذلك بحسب أوساط مقرّبة من “حزب الله” تعتبر أيضاً أن التواصل بينه وبين السعودية يكون دائماً صريحاً، والأمر نفسه مع الحزب، أي أن الأمور ستكون واضحة وبعيدة عن أي إرتيابٍ قد يطرأ. وعليه، يمكن أن يشكل جنبلاط الضمانة لتقريب وجهات النظر، فالسعودية “تثق به” وكذلك الحزب، ولهذا قد يكونُ المفتاح الأساسي لإتفاقات أكبر يمكن أن تكون أساس التسوية المُنتظرة.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى