آخر الأخبارأخبار محلية

الضغوطات والصعوبات كثيرة…. هل ينطلق فعلا العام الدراسي؟

 


تتجه الأنظار نحو نهاية الشهر الحالي ونحو امكانية العودة الى المدارس فس ظل التدهور الاقتصادي والمعيشي الحاصل وفي ظل المعاناة المستمرة للقطاع التربوي لاسيما في شقه الرسمي، وفي هذا الاطار قالت “الاخبار” أن وزارة التربية حددت يوم غد، الموعد الرسمي لبدء أعمال تسجيل التلامذة في المدارس والثانويات الرسمية للعام الدراسي 2022 ـ2023 من دون أن توضح كيف سيكون شكل العام الدراسي، وما ستقوم به لتفادي تكرار تجربة العام الماضي.

 

فالتسجيل، وإن اكتمل، لا يعني العودة إلى الدراسة في ظلّ غياب مقوّمات العملية التعليمية بدءاً من جهوزية الأستاذ نفسه، وصولاً إلى ضعف الموازنات التشغيلية للمدارس، ما يؤثر جدياً على قدرتها على العمل. في المقابل، تضغط الأحزاب لفرض العودة القسرية كيفما اتفق، فيما تنقسم الروابط بين من يروّج لتسيير الأعمال الإدارية فحسب لاستقطاب التلاميذ وطمأنة أهاليهم، وبين من يتريّث ريثما تتضح الرؤية بالنسبة إلى حقوق المعلّمين.

 

هل يتكرّر سيناريو العودة القسرية للمعلّمين؟

 

ووفقا “للاخبار” تريد وزارة التربية من 15 أيلول أن يكون اليوم الأول في العام الدراسي المقبل، بغضّ النظر عن مطالب المعلّمين وتساؤلاتهم المشروعة عن إمكانية الوصول إلى مراكز عملهم والقيام بمهامّهم، وعن وضع الثانويات التي تعاني من شحّ موازناتها التشغيلية. أما روابط التعليم فمستمرة في خلافها، بين من يسجّل التلامذة بشكل طبيعي مثل رابطة الأساسي، وبين من “علّق” الأعمال الإدارية مثل رابطة التعليم الثانوي، التي ترى على لسان رئيستها ملوك محرز في 15 أيلول “يوماً للتوقيع على سجل الدوام بعد العطلة الصيفية، فقط لا غير”، وما سيأتي بعده له حسابات أخرى.

تحميل المسؤولية للأستاذ
وعليه تقف الروابط اليوم في حيرة بين آراء نقابية تطالب بتحصيل ولو بعض الحقوق لضمان “كفاف يوم الأستاذ” أقلّه، وبين ضغط الأهل والأحزاب الذين يريدون فتح المدارس الرسمية بأيّ ثمن للتخفيف من أعباء “الدولرة” شبه الشاملة في المدارس الخاصة. وسيناريو العودة القسرية مطروح بشدة، وأولى علاماته اجتماع روابط التعليم مع مسؤولي المكاتب التربوية في الأحزاب أخيراً من دون أن يصدر عنهم أي بيان. وحجج ضرب تحرّكات الأساتذة تبدأ من “طلب الرحمة بالتلاميذ الفقراء، وتنتهي بالتشكيك بصحة قبض الرواتب خلال الإضراب، مروراً بتحميل الأستاذ وتحرّكاته مسؤولية تدمير التعليم الرسمي”. وهنا يتخوّف متابعون من “مشهد مرعب”، حسب تعبيرهم، تقفل فيه الثانويات الرسمية هذه السّنة بيد الأساتذة بسبب رفع سقف المطالب عالياً من دون أن تتمكن الدولة من التجاوب، ومع فتح المدارس الخاصة أبوابها مطلع أيلول سنكون أمام هجرة تامة للتلاميذ. ويستشهدون على مدى استعداد القطاع الخاص للحلول مكان الرسمي بقيام عدد من المؤسسات فيه بعمليات توسعة، وشراء أبنية جديدة لاستيعاب القادمين الجدد.

الرأي الآخر
إذاً لم يكن تعليق عمليات التسجيل أمراً محموداً، على العكس تماماً، “كان من الأجدر عدم الصعود إلى رأس الشجرة، وترك الباب موارباً كي لا نصل إلى هذا المكان” بحسب نقابي متابع، ويضيف: “كلّ تراجع من دون تحصيل مكسب خسارة لا تُعوّض، وتسمح للجهة الإدارية الرسمية (وزارة التربية هنا) بطلب تنازلات مؤلمة أكثر”. وهناك اليوم عدد لا يستهان به من الثانويات لم يلتزم بـ”تعليق الأعمال الإدارية ووقف التسجيل” ما سيفتح الباب أكثر أمام ضرب كلّ تحرّك نقابي.

 

الموازنات التشغيليّة عائق إضافيّ
كما رأت “الأخبار” ان  المدارس الرسمية إلى مصاريف تشغيلية أساسية، لا يمكنها أن تعمل قبل تأمينها حتى لو عاد الأساتذة غداً إلى دوامهم. مشكلة هذه الأموال أنّها لا تلفت نظر أغلب المتابعين لأحوال التعليم، فلا يأتون على ذكرها إلا لماماً، ولكنها أساسية والاستمرارية من دون تأمينها مستحيلة. يغطي هذا المال كلّ التكاليف التشغيلية من كهرباء وإنترنت وصيانة وأوراق امتحانات وحبر الطباعة والقرطاسية، مروراً بمصاريف التدفئة في المناطق الباردة، وصولاً إلى أجور عمّال المكننة والنظافة والخدمة في المبنى، وحتى عقود بعض الأساتذة المتعاقدين على «حساب صندوق الأهل». إذاً بغياب هذه الأموال لا يمكن تسيير الأعمال في المدارس الرسمية.

تمويل الثانويات
وعليه، نصّت المادة 49 من قانون «تنظيم التعليم الرسمي» على إنشاء صندوق مالي في كلّ مدرسة رسمية، «يُنفق منه في الحالات التي تستدعيها مصلحة الثانوية ومصلحة التلاميذ». تُموّل هذه الصناديق عبر المساهمات المالية من التلاميذ، و»من الواردات الأخرى المختلفة» على الشكل التالي: يدفع التلميذ بدل تسجيل في المرحلة الثانوية قدره 271 ألف ليرة، يُقسّم المبلغ إلى 150 ألف ليرة تذهب لصندوق الأهل، و121 ألف ليرة لصندوق الثانوية، وتحسم وزارة التربية 10% من بدل التسجيل تأخذها من حصة صندوق الثانوية وتضعها في صندوق تعاضد لدعم الثانويات المتعثرة مالياً. يشرف على الصرف في كلّ من الصندوقين لجنتان مختلفتان، يرأس رئيس لجنة الأهل صندوقها ومدير الثانوية الصندوق الثاني، بالإضافة إلى هذا الأخير، تشرف على هذا الصندوق لجنة مالية مؤلّفة ومنتخبة من أفراد الهيئة التعليمية في المدرسة، تتكوّن بالإضافة إلى المدير (الرئيس) من أمين صندوق وأمين سرّ ومحاسب.

كما حدّدت وزارة التربية سقفاً لقيمة الفاتورة الواحدة بثلاثة ملايين ليرة، وكلّ عمل تزيد قيمته عن هذا المبلغ يتطلّب مناقصة واستدراج عروض قبل تنفيذه. وتقوم اللجنة المالية في الثانوية قبل آخر شهر تموز من كلّ عام بتقديم قطع حساب عن العام السابق، وموازنة تقديرية للعام المقبل تحدّد فيها أبواب الصرف وأحجامها، وفي حال بقي في الصناديق أموال فتُنقل إلى موازنة العام المقبل.

انهيار الموازنات
قبل الانهيار الاقتصادي لم تكن الثانويات الرسمية تقع في عجز مالي لناحية مصاريفها التشغيلية، سيّما الكبيرة منها، فكلّما زاد عدد التلاميذ كانت الأموال أكثر، والثانوية التي يزيد عدد تلاميذها عن الخمسمئة كانت تدوّر ما يقارب المئة مليون ليرة من سنة إلى أخرى. أما اليوم، مع انهيار قيمة العملة الوطنية، فقد أصبحت هذه الأموال دون أي قيمة تُذكر، فقيمة المبلغ المدفوع للتسجيل (مصدر الأموال الخاصة بالموازنة التشغيلية) بقيت في السّنتين الماضيتين على حالها، فيما الموازنة التشغيلية في تضخم مستمر. على سبيل المثال كانت تكلفة طباعة أوراق الامتحانات لثانوية فيها 500 تلميذ عن العام الدراسي كلّه تكلّف حوالي المليوني ليرة، أما اليوم فوصلت التكلفة إلى حدود الخمسة وثلاثين مليوناً، ويجب أن تُغطى من صندوق الثانوية، بالإضافة إلى كلّ البنود السّابقة. أما ما «كسر الصناديق وأفلسها» العام الماضي فكانت تكلفة المحروقات للمولّدات بسبب غياب الكهرباء بشكل كبير، ما أوقع الموازنات في عجز.

ارتفعت تكلفة طباعة أوراق الامتحانات في الثانوية من مليوني ليرة إلى حدود الـ35 مليوناً

هذا الأمر دفع الإدارات إما لإطفاء المولّدات أو قطع الاشتراكات. والمشكلة تتضاعف في القرى والمناطق الجبلية والمرتفعة، حيث برد الشتاء لا يُعالج إلا باستخدام المازوت للتدفئة، ففي منطقة البقاع يصل مصروف الثانوية من المازوت إلى حدود الستة آلاف ليتر سنوياً بين تدفئة وتوليد كهرباء، ما يوجب دفع مبالغ لا يمكن تحميلها للموازنات، إذ يفيد أحد مدراء الثانويات في تلك المنطقة بأنه «لولا المخزون السابق من عام 2019 والكورونا، والإقفال التام لسنتين، لما أمكن تشغيل الثانوية العام الماضي»، ويضيف: «صرفنا من لحمنا الحي ولا إمكانية لتكرار التجربة هذه السّنة».

الدعم الخارجي مجدّداً

خلال العام الدراسي الماضي تدخّلت الجهات المانحة وأرسلت إلى حسابات الثانويات الرسمية في المصارف مبالغ رَاوحت ما بين 200 و400 مليون ليرة، و»لولا هذا الدعم لكنا توقّفنا عن العمل» يقول محاسب لجنة مالية في إحدى ثانويات منطقة بعبدا. يضيف: «وقعنا في مشكلة إضافية تمثّلت بسقوف السحوبات في المصارف التي تعاملت معنا على أنّنا مودعون عاديون، بينما تطلّب تشغيل الثانوية العام الماضي ما يقارب الثلاثين مليون ليرة شهرياً فيما السّقف عشرون مليوناً». ويشير أيضاً إلى أنّ «الحوافز الخاصة بعمال النظافة (90 دولاراً على سعر منصة صيرفة) في الثانوية كانت تُحوّل أيضاً إلى هذا الحساب من دون أن نتمكن من سحبها»، وللوصول إلى حلّ «قمنا بإبقاء أموال التسجيل خارج المصرف كي نتمكن من الصرف على الأمور التشغيلية اليومية».

لا ضمانة إذاً لانطلاقة العام الدراسي الحالي من الناحية التشغيلية، فشراء المازوت فقط لزوم المولّدات قد يستنزف المبالغ الموجودة في الموازنات، ومردود التسجيل فقد قيمته ولا يمكن التعويل عليه، وككلّ الملفات التربوية اليوم تنتظر الدولة «الجهات المانحة» للتمويل وتشغيل مرافقها التعليمية.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى