آخر الأخبارأخبار محلية

الأهالي يتجهون الى المستعمل.. الكتاب المدرسي الجديد عالطلب

كتبت زينب حمود في “الأخبار”: يبدو موسم بيع الكتب المدرسية هذا العام باهتاً، يحاكي وجوه الأهالي الذين لم يستفيقوا بعد من صدمة الأقساط الدولارية المرتفعة، ليجدوا أنفسهم تحت وقع صدمة أسعار الكتب والقرطاسية. لم تتدخل “الدولة” لتدعم الكتاب الوطني. تركت الأهالي يبحثون عن كتب مستعملة بحالة جيّدة، كمن يتوسّل إحياء ميت فيما بعض المدارس لا ترحم. تغيّر طبعات، وتطلب كتباً أجنبية تفوق أسعارها ثلاثة أضعاف الوطنية، وتبيع إجباريّاً زيّاً مدرسياً وقرطاسية باهظة الثمن.

 

جهّزت دور النشر والمكتبات الخاصة نفسها لافتتاح موسم بيع الكتب المدرسية “من دون أن نعرف إن كنّا سنبيع أو لا”، يقول مدير المطبعة والمكتبة العصرية عاصم الشريف. يرى المشهد التعليمي على بعد أيام من العودة إلى المدارس “ضبابياً”. فعدا عن التدهور العام للأوضاع في البلاد، تستصعب بعض المدارس إصدار لوائح الكتب لأنها تشكّك في قدرة الأهالي على الدفع. والكثير منهم لم يحسموا خيار مدرسة أولادهم بعد لأنّ شبكة من الأسئلة تدور في رأسهم: هل يمكننا تسديد الأقساط وتكاليف الكتب والقرطاسية والزيّ المدرسيّ؟ كم ستبلغ كلفة الباص المدرسي التي تتأثر بكلفة المحروقات؟ هل يوجد مدرسة ذات كلفة أقل ومستوى تعليمي جيّد؟ هل سيكون هناك تعليم رسمي؟ فكّر الشريف في حلّ “يرضي جميع الأطراف”: تقسيم لائحة الكتب على فصلين، والاقتراح على من يعجز عن تسديد ثمنها دفعة واحدة شراء كتب الفصل الأول وترك البقية لمنتصف العام الدراسي. رحّبت بعض المدارس بالفكرة ووعدته بأن تعرضها على لجان الأهل.

 

شكو دور النشر تآكل أرباحها بعد حسم 24% من ثمن الكتاب، عدا عن التخلي عن 20% منه لمصلحة المكتبات، ما يعني تخلّيها عن 44% من هامش ربحها. وتتحدّث عن تكاليف عالية تشمل أسعار الورق (ارتفعت 220% خلال العامين الماضيين)، والطباعة وحقوق المؤلف والرّسام… لكن الخسارة الكبرى، وفق عاصي، ليست مادية بقدر ما هي تربوية، وتتمثل في عدم القدرة على تجديد المناهج وتطويرها. «فلم نعد نتجرّأ على الطلب من المؤلف كتابة مجموعة جديدة من الكتب، وهذا يقتل الإبداع والتطوّر، ويترتّب عليه نتائج وخيمة على المدى البعيد، فالأوضاع المادية تتحسّن مع الوقت لكن خسارة كهذه يصعب تعويضها”.

 

من جهة ثانية، هناك مدارس لم يعجبها دور “المتعاطفة” مع الأهالي الذي قامت به خلال السنتين الماضيتين. مسلسل الأزمة بالنسبة إليها انتهى. تصارح الأهالي: لا نقبل بكتب مستعملة، نريد كتباً أجنبية تكلّف نحو ثلاثة أضعاف الكتب الوطنية، سنبدّل الطبعات من دون إحداث أي تغييرات تذكر في المحتوى فلن تتمكنوا من شرائها مستعملة… كما أعادت فتح مزاريب الأرباح المتشعّبة. ففرضت على الأهالي أن تبيعهم قرطاسية بأسعار مرتفعة بحجة توحيد الشعار، إضافة إلى الزيّ المدرسي الذي بلغ ثمنه في إحدى المدارس 175 دولاراً لأنه يتألف من 7 قطع!

يحصل ذلك كلّه من دون تدخّل وزارة التربية والتعليم العالي التي لم تفكّر في دعم الكتاب الوطني على الأقل. وعندما وجد الأهالي أنفسهم متروكين وحدهم وعاجزين عن تحمّل هذه الأعباء المادية، بحثوا في المكتبات الخاصة عن كتب مستعملة، التي تتحدّث ندى، مديرة مكتبة الساحة في برج البراجنة، عن “تهافت” على شرائها. أما الكتاب الجديد “فنطلبه من دور نشر بالحبّة بعد أن يدفع الزبون رعبوناً”. جرت العادة أن يباع الكتاب المستعمل بنصف ثمنه جديداً لكن ذلك سيكون “ثقيلاً” على الأهالي مع أسعار كتب “صادمة” تصل إلى المليون ليرة. لذلك، تسعير الكتب المستعملة يخضع “لضمائر المكتبات”.
المثير للاستغراب هو كيف تصمد الكتب الوطنية للسنة الدراسية الثالثة؟ فمع بدء الأزمة الاقتصادية منذ عامين والتوقف عن إصدار طبعات جديدة والتوجه نحو الكتب المستعملة، تدور الكتب بين الطلاب، تُمحى ثم يعاد استخدامها، حتى تهترئ، وخاصة أن “الكتب الوطنية لا تخدم أكثر من عامين خلافاً للأجنبية التي تخدم نحو 4 سنوات لأن غلافها سميك وتجري حياكتها بإحكام”، كما يؤكد الشريف. يبدو أن الأهالي يتوسّلون إحياء ميت عندما يبحثون عن كتب مستعملة بحالة جيدة. “لا يُحسدون على هذه الحال»، بهذه الكلمات تختصر رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة لمى الطويل «الضغوط التي تثقل كاهل الأهالي لتأمين تكاليف تعليم أولادهم، وتتعدّى الكتب والقرطاسية إلى الأقساط ورسوم التأمين والزي المدرسي والباص”.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى