استمرار هروب الأدمغة من أفغانستان بعد عام من عودة طالبان للحكم
نشرت في: 15/08/2022 – 15:59
رغم دعوات حركة طالبان للأفغان المتعلمين للمساهمة في إعادة إعمار البلاد، فإن النخبة الأكثر تعليما من الشعب الأفغاني التي هربت من البلاد بعد سقوط كابول لا تبدي أي رغبة في العودة طالما بقيت الحركة الإسلامية في السلطة.
بعد منع الطالبات من العودة إلى مقاعد الدراسة في آذار/ مارس 2022، أصبحت شبكة الإنترنت الوسيلة الوحيدة لاستكمال الدراسة الجامعية في أفغانستان. ولكن مع سوء الخدمة وانقطاع الكهرباء، فإن التعلم عن بعد بات في معظم الأحيان يتطلب صبرا كبيرا لشابات أفغانستان الطامحات في مستقبل أفضل.
وخلال حوار مع فرانس24 في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، تحدثت هوما أوسيان، وهي طالبة في سن السادسة عشرة، عن الصعوبات التي تواجهها لمواصلة تعليمها في بلد يرزح من جديد تحت ظلامية طالبان.
وبفضل الدعم الذي تلقته خصوصا من أستاذ لغة إنكليزية، نجحت المراهقة في الحصول على موعد اختبار للتسجيل في جامعة أمريكية وذلك بعد أن تابعت طيلة أشهر عدة دروس عبر الإنترنت.
ولكن في يوم الاختبار، كانت شبكة الإنترنت مقطوعة. ولم يكن ذلك سببا في إحباط أوسيان التي سارعت بالذهاب إلى كابول حيث كانت شبكة الإنترنت تعمل ونجحت في إجراء الاختبار. وبعد بضعة أسابيع، تلقت رسالة بقبول تسجيلها وحصولها على منحة للدراسة في الجامعة التي اختارتها، وهي كلية “وورلد كوليج” بولاية نيو مكسيكو.
ولكن بما أن كل شيء صعب في أفغانستان، أُجبرت أوسيان على قضاء ثلاثة أسابيع في باكستان للحصول على تأشيرة دراسية أمريكية. فمع إغلاق السفارات الغربية في كابول، ليس للأفغان الراغبين في الهرب من البلاد حلا آخر سوى الذهاب إلى إسلام آباد ما خلق تجارة مربحة لوكالات السفر ووسطاء آخرين. وخلال الأسابيع الأخيرة، وصل سعر التأشيرة إلى ألف دولار لكل مواطن أفغاني.
انعدام الثقة
ولا يعد الهروب الجماعي للأفغان أمرا جديدا. فبعد أربعة عقود من النزاعات، يشكل الأفغان أكبر عدد لاجئين حول العالم. فحسب الأمم المتحدة، إن عدد اللاجئين الأفغان يبلغ 2.6 مليون شخص ولكن الخبراء يقدرون أن الرقم الحقيقي أكبر بكثير.
وضاعفت حالة الفزع التي خلفها هجوم طالبان الخاطف على كابول من هذه الظاهرة. وسرعت في هروب الأكثر تعليما منهم إلى الخارج. وسرعان ما أثار هروب الأدمغة قلق طالبان التي ينحدر معظم منتسبيها من مناطق ريفية ولا يملكون أي كفاءة لممارسة السلطة.
وكان الناطق باسم الحركة ذبيح الله مجاهد طالب الغرب بالاكتفاء بإجلاء الأجانب وترك “الخبرات الأفغانية” بالبلاد. ولإقناع هؤلاء بالبقاء، وعدت حركة طالبان بعفو عام مؤكدة ألا أحد في أفغانستان “سيكون مهددا”.
ولكن في وقت لاحق، انقطع حبل الثقة. حيث لم تلتزم طالبان بأي من وعودها. إذ وعدت الحركة المجتمع الدولي بالسماح للبنات بالدراسة، ولكنها تراجعت عن كلامها يوم إعادة فتح المؤسسات التعليمية ما أدى إلى خيبة أمل وسط الطالبات الأفغانيات.
يقول تميم أسيي مساعد وزير الدفاع الأفغاني السابق: “تعليم البنات هو عامل مهم جدا في تفسير مغادرة كثير من الأفغان لبلادهم بما أنه لم يعد بإمكانهم إرسال أطفالهم إلى المدارس. وبعد أن كان البعض اختاروا البقاء لأنهم شعروا أن البلاد بحاجة إليهم، أصبحوا الآن يبحثون عن تهريب أخواتهم وبناتهم بأي طريقة من البلاد كما لو أنهن كن في السجن”.
“المدينة الأمريكية التي أسكن بها تشبه قريتي”
ووسط معاناتهم من أزمة إنسانية غير مسبوقة والخوف على أمنهم الخاص، أصبح الجزء المتعلم من الشعب الأفغاني يرى الأمل بمستقبل أفضل يضيق شيئا فشيئا منذ عودة طالبان للسلطة. وتحت تأثير العقوبات الغربية، انهار القطاع البنكي مع التوقف الفجائي للمساعدات الدولية التي كانت تمثل 45 بالمائة من الناتج الداخلي الخام.
وفي سياق هذه الأزمة الحادة، لم يعد لدى المهندسين والتقنيين والأطباء والطلاب اللامعين مثل أوهيا أوسيان أي رغبة في العودة إلى البلاد تحت حكم طالبان، رغم أن وجودهم ضروري لتنمية واستقرار البلاد.
وبعد إقامتها في باكستان، وصلت هوما أوسيان أخيرا إلى الولايات المتحدة في 30 تموز/ يوليو 2022 فيما التحقت أمها وإخوتها الأربعة بوالدهم اللاجئ في هولندا.
وبالنسبة إلى الطالبة الشابة، فإن زمن العمل والتضحيات لم ينته بعد. ولكنها تعتبر وصولها إلى مدينة سانتا في “مذهلا”. وقالت في في اتصال مع فرانس24: “كان الأمر مختلفا جدا عما كنت أتوقعه. كنت أنتظر مشاهدة مبان شاهقة، ولكن هنا في مدينة سانتا في، يوجد منازل بطابق واحد مع حدائق. وفي الأخير، المدينة تشبه قريتي في أفغانستان”.
النص الفرنسي: ليلا جاسينتو| اقتباس: عمر التيس
مصدر الخبر
للمزيد Facebook