ثقافة

سلمان رشدي…صاحب “تنهيدة المغربي الأخيرة” الذي سئم أن يكون “رجلا خفيا”


نشرت في: 13/08/2022 – 17:06

إنه صاحب “تنهيدة المغربي الأخيرة” والكثير من الأعمال الأخرى التي نالت إعجاب القراء عبر العالم، لكن في العالم العربي والإسلامي ارتبط اسمه بـ”الآيات الشيطانية” خاصة بعد أن أصدر مرشد الجمهورية الإسلامية في 1989 فتوى بإهدار دمه. هو الروائي البريطاني سلمان رشدي الذي يعتبر أحد كبار الواقعية السحرية، واضطر عقب التهديد الإيراني بقتله إلى العيش في الظل. وبعد سنوات، أعلن في تصريح تعقيبا على هذا الوضع أنه سئم أن يكون “رجلا خفيا”، قبل أن يتعرض إلى الطعن قبل محاضرة كانت مقررة الجمعة في نيويورك.

سعى الكاتب البريطاني الهندي الأصل سلمان رشدي إلى ألا يختصر كروائي بقضية الفتوى التي أصدرها بحقه مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله روح الله الخميني في 1989، بهدر دمه بعد صدور روايته الشهيرة “آيات شيطانية”،

وقال هذا المفكر الحر الذي يحدد نفسه ككاتب وليس كرمز وأصيب بجروح بالغة في هجوم طعنا بسكين الجمعة في ولاية نيويورك، إن “مشكلتي هي أن الناس ما زالوا ينظرون إلي من منظار الفتوى فقط”.

لكن مع صعود التطرف الإسلامي في السنوات الأخيرة، ترسّخت صورته كرمز للكفاح ضدّ التطرف ولحرية التعبير، وهي صورة لطالما لازمته بنظر الغرب.

واعتبر رشدي عام 2005 أن الفتوى بحقه كانت مقدمة لاعتداءات 11 أيلول/سبتمبر 2001. وكتب في 2016 “لم تكن حالتي سوى تمهيد لظاهرة أوسع بكثير باتت تعنينا جميعا”.

وروى في مذكراته بعنوان “جوزف أنطون” الصادرة عام 2012 كيف انقلبت حياته رأسا على عقب في 14 شباط/فبراير 1989 حين دعا آية الله الخميني مسلمي العالم إلى قتله إذ اعتُبرت روايته “آيات شيطانية” مسيئة للقرآن وللنبي محمّد.

“رجل خفي”

وانطلاقا من ذلك التاريخ، اضطر إلى التواري والعيش في سرّية تحت حماية الشرطة، متنقلا من مخبأ إلى مخبأ تحت اسم مستعار هو جوزف أنطون، اختاره تكريما لكاتبيه المفضلين جوزف كونراد وأنطون تشيخوف.

عانى من العزلة، واشتدت وحدته مع انفصاله عن زوجته الروائية الأمريكية ماريان ويغينز التي أهدى إليها روايته “آيات شيطانية”.

وكتب “إنني مكموم الفم ومسجون… أود أن ألعب كرة القدم مع ابني في المنتزه. حياة طبيعية، عادية، حلم مستحيل علي”.

لكن اعتبارا من العام 1993، ضاعف السفر والظهور العلني وقد سئم أن يكون “رجلا خفيا”، فيما أبقت الحكومة البريطانية على مراقبته.

ومع انتقال الكاتب للإقامة في نيويورك، استعاد حياة شبه طبيعية واصل فيها الدفاع في كتبه عن الحق في التهكم وفي انتقاد الأديان.

ولم ترفع الفتوى بحقه وتعرض العديد من مترجمي روايته لهجمات أصيبوا فيها أو حتى قتلوا على غرار الياباني هيتوشي إيغاراشي الذي قضى طعنا بخنجر عام 1991.

وعلى الرغم من ذلك، قال رشدي في خريف 2018 “مضت ثلاثون سنة. الآن كلّ شيء على ما يرام. كان عمري 41 عاما في ذلك الوقت (عند صدور الفتوى)، عمري اليوم 71 عاما. نعيش في عالم تتبدل فيه المواضيع ذات الاهتمام بسرعة كبيرة. هناك الآن دوافع أخرى تبعث على الخوف، أشخاص آخرون مطلوب قتلهم…”.

وإذ يقول إنه غير سياسي، يؤكد أن روايته “أسيء فهمها إلى حد بعيد”، موضحا “إنها في الواقع رواية تتحدث عن المهاجرين الآسيويين في جنوب لندن، ولم تكن ديانتهم سوى جانبا من تلك القصة”.

وللمفكر واسع الثقافة الذي يعتبر من كبار أدباء الواقعية السحرية، حوالى 15 مؤلفا ما بين رواية وقصص للأحداث وقصص قصيرة ومقالات وكتابات نقدية، كتبها بالإنكليزيّة في حين أن لغته الأم هي الأوردو.

“طبيعية نسبيا”

في مقابلة أجريت معه قبل أسابيع، قال الروائي إن حياته باتت “طبيعية نسبيا” بعد أن عاش مختبئا لسنوات بسبب تهديدات بالقتل.

وتحدث رشدي في مقابلته مع مجلة (شتيرن) الألمانية عن التهديدات التي يرى أنها تحيق بالديمقراطية الأمريكية. كما وصف نفسه بأنه شخص متفائل بطبعه، وأشار إلى أن الفتوى التي صدرت في إيران عام 1989 وتدعو المسلمين حول العالم إلى قتله باعتباره مجدفا، صدرت قبل وقت طويل للغاية.

وكان من المقرر أن تنشر المجلة المقابلة في 18 أغسطس/آب، لكن شتيرن نشرتها اليوم السبت، بعد يوم من الهجوم على رشدي. وقال مكتب تحرير المجلة إن المقابلة أجريت قبل نحو أسبوعين.

وقال رشدي الذي صار مواطنا أمريكيا في عام 2016، ويعيش في مدينة نيويورك، إنه يشعر بالقلق حيال التهديدات التي تواجه الديمقراطية في الولايات المتحدة.

وأضاف أن هذه التهديدات مدفوعة بالعنصرية وكراهية إنجازات الليبرالية وتشكل “مرحلة أولية من الفاشية”.

وردا على سؤال حول ما إذا كان يشعر بالحنين إلى حياته السابقة، قال رشدي (75 عاما) “ليس بالضرورة. أنا أحب التاريخ، لكن عندما يتعلق الأمر بحياتي، أفضل أن أتطلع إلى الأمام”.

أين نشأ سلمان رشدي؟

ولد سلمان رشدي في 19 حزيران/يونيو 1947 في بومباي بالهند في عائلة من المثقفين المسلمين غير الممارسين للشعائر الدينية، عائلة ثرية وتقدمية ومثقفة. قرأ بنهم الملاحم الهندية وشارك في الأعياد الهندوسية كما المسلمة والمسيحية.

في الثالثة عشرة، توجه إلى إنكلترا لإتمام دراساته. وبعد تخرجه من جامعة كامبريدج، عمل منتجا تلفزيونيا في باكستان غير أنه اصطدم برقابة متواصلة، فعاد إلى لندن حيث كسب عيشه في مجال الإعلانات.

اشتهر مع صدور روايته الثانية “أطفال منتصف الليل” التي فازت بجائزة بوكر عام 1981. وتلتها “العار” التي حازت جائزة أفضل كتاب أجنبي في فرنسا عام 1985، و”تنهيدة المغربي الأخيرة” و”الأرض تحت قدميها” و”شاليمار المهرج” و”ساحرة فلورنسا” وغيرها.

غالبا ما يتحدث رشدي الذي يهوى الملاحم الخارقة، في مؤلفاته التخيلية عن الهند وعلاقاتها مع الغرب. كان رئيسا سابقا لمركز “بين” الأمريكي PEN American Center للدفاع عن حرية التعبير. تزوج وطلق أربع مرات آخرها مع الممثلة وعارضة الأزياء هندية الأصل بادما لاكشمي التي طلقها عام 2007.

 

فرانس24/ أ ف ب/ رويترز


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى