آخر الأخبارأخبار محلية

مُفاجآت عن حرب غزّة قد يشهدها لبنان.. تفاصيل مثيرة لسيناريو صعب ينتظرنا!

لم تكُن الحرب الإسرائيلية التي شهدها قطاع غزّة لمدة 3 أيام متتالية، مجرّد صُدفةٍ عابرة حتى وإن كانت مُفاجئة. في الواقع، فإنّ ما حصلَ ثبّت حقيقة التحليلات التي تطرّقت إليها، كما أكّد بشكل قاطع أن إسرائيل وجدت في تلكَ الحرب “مُتنفساً” لها في ظلّ اختناقٍ كبير على الصعيدين السياسي والعسكري. 


بشكل أو بآخر، ما يتبيّن من وقائع الحرب القصيرة أن السيناريو المُرتبط بها قد يُطبّق في لبنان في أي لحظة، وهذا الأمرُ حذّرت منه تل أبيبَ مؤخراً. إلا أن ما يمكن جزمُه بشكل أكبر هو أنّ أي مغامرة إسرائيلية باتجاه لبنان لن تلقى رداً عادياً، ولهذا تُحسب للأمورِ ألف حسابٍ في الوقت الرّاهن.  


منذ العام 2006، أيقنت قيادة الجيش الإسرائيلي أنّ شنّ حرب على لبنان سيكونُ بمثابة أمرٍ صعب، فالقوة العسكرية الموجودة فيه ليست موجودة في غزّة في حين أن هناك فصيلاً واحداً سيُقاتل، كما أن الاختلافات كبيرة وعديدة. ولهذا، حاولت إسرائيل أن تنأى بنفسها عن أي صراعٍ عند حدودها الشمالية، فاتجهت نحو غزّة التي يُمكن أن تصبح متنفساً مستمراً للقيادة الإسرائيلية متى وجدت نفسها مُحاصرة داخلياً وسياسياً، ومن الممكن أن تستهدفَ فصائل محدودة القوة.  


هذه المرّة، تركّز العدوانُ بشكلٍ مُفاجئ على حركة “الجهاد الإسلامي” الفلسطينية حصراً. هنا، إسرائيل غيّبت الفصائل الأخرى من مروحة الاستهداف، وأكثر ما يثير الاستغراب هو ترويج وسائل إعلامٍ إسرائيلية لأجواء الأروقة السياسية التي تشيرُ إلى أنّ عدم لجوء حركة “حماس” إلى التدخل في الحرب التي شُنّت على غزة، هو أمرٌ مرحب به! حُكماً، الأمر هذا ليس عادياً، وقد يرتبطُ بأبعادٍ كبيرة أبرزها على الصعيدين العسكري والسياسي وتاليها على الصعيد الاقتصادي الذي يضغطُ بقوّة على المشهد. 


ما تزعمهُ التقارير الإسرائيلية يكشفُ عن توجّه داخلي لدى القيادة هناك مفاده أن الحرب على “حماس” قد تتراجع بشكل حاسمٍ بسبب معطيات اقتصادية تطفو على الواجهة، وأساسها أن هناك انفتاحاً غير مسبوقٍ بين إسرائيل وحكومة “حماس” المسيطرة على قطاع غزّة، سواء على صعيد الأعمال أو التعاون من ناحية الوظائف أو من خلال استقدام يد عاملةٍ فلسطينيّة إلى الدّاخل الإسرائيلي.  

 

الأمرُ هذا أثيرَ عبر برامج إسرائيلية بُثت خلال الساعات الماضية، إذ كشفت أنه خلال الأشهر التي سبقت بدء العملية، شعر سكان غزة بالارتياح الاقتصادي نتيجة الإجراءات الإسرائيلية، وقد أرادوا استمرارها. فمن ناحية، تجلّت تلك الإجراءات بـ”رافعة اقتصادية” تمثلت في زيادة عدد العمال الذين أتوا للعمل في إسرائيل، ومن ناحية أخرى ارتبطت بإدخال آليات إسرائيلية زراعية إلى قطاع غزة. كذلك، كان هناك طلبٌ متزايد على تصاريح لعمال في غزة من أجل العمل في إسرائيل وقد كان عددها بالآلاف.  


المضمون الإسرائيلي لتلك المعلومات يشيرُ إلى أن معظم المستفيدين من التطورات الاقتصادية قد يخسرون ما يحاولون جنيه في حال أغلقت إسرائيل باب التعاون معهم، ما يعني خسارة يومية تُقدّر بنحو ألف شيكل لكل عامل.  

 

إضافة إلى ذلك، فإن ما كشفه سياق التطورات الأخيرة يشيرُ إلى أنّ مضمون العدوان انتهى تماماً عقب وقف إطلاق النار بوساطة مصرية. فما جرى كان مُفاجئاً من حيث التوقيت، إذ تبين أنه فور انتهاء الأعمال العسكرية، أدخلت إسرائيل وقوداً إلى محطة الكهرباء الوحيدة التي تشغلها حكومة حماس في غزّة، في حين أشارت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية إلى أن اتفاق الهدنة لم يتضمن أي شروطٍ تفرضُ إطلاق عدد من سراح الأسرى الفلسطينيين، لكن الأمر مفتوح للنقاش. 


حُكماً، فإن ما تقدم من معطيات يمكن أن يشكّل أزمة كبرى على صعيد الصراع بين العدو الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية في غزّة. وفي حال صدقت المعلومات التي تروجها وسائل الإعلام الإسرائيليّة، فإن ذلك يعني تماماً انكفاء حركة “حماس” عن أي مواجهة مُستقبلية، علماً أن الأخيرة على “تناقض” و “تماس” مع حركة “الجهاد الإسلامي” والتي تعتبرُ على المستوى العسكري، من الأطراف الضعيفة نسبياً.  


بين غزة ولبنان.. ما الفرق؟ 


عملياً، فإن الصراع في غزة مع إسرائيل يختلف تماماً عن أي صراعٍ قد يحصلُ بين لبنان وتل أبيب. بالدرجة الأولى، الأمور مختلفة وأوراق القوّة أكبر وأوسع. ففي لبنان، لا علاقات مع إسرائيل كما أنه لا تعاون أبداً.. لا معابر مشتركة مثلما يوجد في غزة، ولا تعاون حكوميا أو رسميا، كما أن العلاقات مقطوعة تماماً و”العداوة” قائمة. أما على الصعيد العسكري، فإن امتلاك “حزب الله” لقدراتٍ عسكرية هائلة يجعل من إسرائيل متأهبة باستمرار وبعيدة عن الانجراف نحو حربٍ قد تنقلبُ عليها في أي لحظة. أما الأمر الأهم فهو أنّ إسرائيل ليس لها أي تعاطٍ اقتصادي مباشر على لبنان مثلما يحصلُ في غزة. لكن الأمر الأساس الذي قد يُغير المعادلة هو منصات الغاز والاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، إذ أن هذا الملف سيؤسّس لورقة ضغط جديدة ستطرحُ نفسها بقوة في المرحلة المقبلة.  


في الواقع، فإن إسرائيل، وفي حال شنّت حرباً على لبنان، ستقوم بتدمير البنى التحتية ومعامل توليد الطاقة وغيرها من المرافق العامة التي تعاني من التآكل والإهتراء. إلا أنه علمياً، فإن كلّ ذلك بات يعتبرُ من “كليشيهات الحرب”، فاقتصادُ لبنان يتداعى وبالتالي فإن إسرائيل تسعى إلى إيجادِ عنصر جديد للضغط من خلاله على لبنان، وقد كانت منصات الغاز هي العامل الأساس والوحيد لذلك.  


وكما هو معروف، فإن المسعى اللبناني الأساس من ترسيم الحدود البحريّة يكمن في انتزاعِ انتعاشٍ اقتصادي وسط أزمة كبيرة. وفي حال حصل ذلك، فإن المليارات ستدخلُ إلى لبنان. هنا، يكمن الرهان الإسرائيلي لناحية حصول نهضة في لبنان من بوابة الغاز، والشرط الأساس هنا هو أن ذلك يجب أن يحصل من خلال منصة غاز لبنانية مُستقلة بإمكان إسرائيل الاعتداء عليها في حال قرّر “حزب الله” شنّ أي حرب مستقبلاً. وبشكل أساسي، فإنّه في حال كانت هناك شركات دولية قد استملت التنقيب والإستخراج لصالح لبنان، عندها ستكون إسرائيل مُحرجة في استهدافها وبالتالي لن تبادر إلى ضربها. أما في حال كانت المنصة لبنانية، فإن قدرة التحرك ستكون أسهل.  


وإنطلاقاً من كل ذلك، تبدو الأمور في ملف ترسيم الحدود ضبابية، في حين أن مقاربة أي صراع بين لبنان وإسرائيل يجب ربطه من الآن وصاعداً بالغاز. وعند هذه النقطة يجب التفتيشُ عن دور “حزب الله” في إيجاد معادلة ردعٍ جديدة من الممكن أن تفرض نفسها على الساحة العسكرية. وبشكل واضح، فإن معادلة “كاريش” التي أعلن عنها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله مؤخراً قد تكونُ هي المتفوقة على معادلة “الجيش – الشعب – المقاومة” في وقتٍ لاحق. عندها، سيكون الصراع “غازياً” بامتياز تحت عنوان: إن ضربتم منصة غازنا سنقصفُ منصات الغاز الخاصّة بكم. 


ختاماً، ما يمكن استنتاجهُ تماماً هو أن معطيات أي صراع تختلف بين لبنان وغزّة، وما يتوضّح أكثر هو أن الرهان الإسرائيلي على تطويقِ مختلف الأطراف المناوئة لها بات يرتبطُ من البوابة الاقتصادية، وهُنا بيت القصيد والعنصر الأكثر ضغطاً وتأثيراً.  


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى