آخر الأخبارأخبار محلية

كي لا تتكرّر كارثة سلسلة الرتب والرواتب

يعتقد كثيرون من الخبراء الماليين أن من بين الأسباب الكثيرة للأزمة الإقتصادية والمالية التي يعيشها لبنان اليوم تأتي في الطليعة غلطة الإسراع في إقرار سلسلة الرتب والرواتب، التي إعتبرها البعض في حينه إنجازًا ما بعده إنجاز، فيما رأى فيها آخرون أنها ستؤدي إلى كارثة إقتصادية غير مسبوقة، وهذا ما حصل.لا أحد ينكر أن وضع الموظفين في القطاع العام مزرٍ، وأن رواتبهم تكاد لا تكفيهم لشراء بضعة ليترات من البنزين للوصول إلى مراكز عملهم، فيما هم عاجزون عن تأمين أبسط مقومات الصمود لعائلاتهم.وهؤلاء الموظفون موجودون في كل مكان، وعليهم يعّول عليهم لبقاء الوطن مستقرًا. وهنا نتحدث عن العناصر التابعين لمختلف القوى والأسلاك العسكرية، الذين يقدّمون أغلى التضحيات.هؤلاء الموظفون كانوا أساس الطبقة الوسطى في المجتمع،  وهي الطبقة التي عليها كان يقوم الإقتصاد اللبناني، لكنهم أصبحوا اليوم تحت خط الفقر، وهم غير قادرين على الإستمرار مع رواتب هزيلة بعدما تراجعت القيمة الشرائية لليرة اللبنانية في شكل مأسوي ودراماتيكي مخيفين.إن عين حكومة تصريف الأعمال بصيرة ويدها قصيرة. هذا ما حاول رئيسها نجيب ميقاتي شرحه في أول جلسة تشريعية لمجلس النواب أمس. فإيرادات الدولة محدودة، وهي لا تسمح في ظل هذه الأزمة، التي لم تعد أزمة محلية فقط، بل عالمية، بأن تخطو الحكومة خطوة ناقصة معروفة النتائج لناحية زيادة التضخم.ما أراد أن يقوله الرئيس ميقاتي أنه لا يريد أن يعطي الموظف بيد ويأخذ منه بيد أخرى.فالرجل يعرف تمام المعرفة أكثر من غيره أن الوضع المعيشي للموظف “الأدامي” مزرٍ، ولكنه يعرف أيضًا أن وضع الخزينة محزن ومبكٍ في آن.كان من السهل على الرئيس ميقاتي إتخاذ مواقف شعبوية، كما فعل غيره مع سلسلة الرتب والرواتب، ويتخذ قرارات تحقق مطالب الموظفين. ويكون بذلك قد أرضى فئة من الشعب على حساب مستقبل وطن يعاني وينازع.ليس أسهل على المسؤول من إتخاذ قرارات شعبوية ومتسرعة وغير مدروسة وغير محسوبة النتائج. ومن السهل عليه أن يلجأ عندما تقع الكارثة إلى مقولة ” ما خلونا”، أو أن الظروف لم تسمح لنا بأكثر مما فعلناه.هذا ما يفعله الآخرون ولكن ليس الرئيس ميقاتي، الذي يحاول بشتى الطرق أن “يحارب” على أكثر من جهة، وهو الذي يُحًارب من أكثر من جبهة، أقله من الجبهة التي تطلق عليه نيران عرقلة تشكيل حكومة أصيلة بمواصفات حدّدها في العريضة التي حملها معه إلى القصر الجمهوري منذ فترة غير قصيرة، لتحل محل حكومة تصريف أعمال لا حول ولا قوة لديها.وعلى رغم كل هذا لا يزال يسعى، ومن ضمن الإمكانات المتوافرة والمتواضعة، للوصول إلى حلول وسطية  لملف موظفي القطاع العام، وقال : “بما أن الموازنة تأخرت، نحن كحكومة كنا قد أرسلنا بموجب مشروع بـ10 آلاف مليار، وكنا فندنا هذه المبالغ، ولجنة المال والموازنة طلبت من وزير المال يوسف خليل مؤخراً تقديم عرضٍ حول هذه النفقات التي ستذهب لأمور عديدة منها: بدل نقل للسلك العسكري، بدل استشفاء، بدل مرض وأمومة، واعتمادات لوزارتي التربية والداخلية”.وأضاف: “الموضوع المرتبط بقبول الموظفين بالحلول التي نقدمها من عدمه هو بحث آخر، لكننا نقوم بأقصى ما يُمكن، ولا موارد لدينا وسنعمل بكل جهدنا لنحقق ذلك إلى حين صدور الموازنة”.أما إذا أصرّ الموظفون على موقفهم المبدئي الرافض الحلول الممكنة والمؤقتة فإنه لا يعود في اليد أي حيلة، وعندها تكون حكومة تصريف الأعمال براء من دم التدهور الإقتصادي الآيل إلى إنزلاقات غير مسبوقة، وليتحمّل الجميع مسؤولية هذا التدهور، وعلى رأسهم معرقلو قيام حكومة كاملة الأوصاف.  


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى