آخر الأخبارأخبار محلية

الحب في زمن الدولار… “يلا عقبالكن”

سامر” و”ندى”، شاب وصبية في مقتبل عمرهما جمعتهما كلية الهندسة في الجامعة اللبنانية في أروقتها وصفوفها، فتحوّلت زمالتهما الى صداقة، فحب صامد على الرغم من منصات الدولار المتحركة على خطوط التوتر المعيشي، والتي حوّلت حظوظ الحياة في لبنان برمتها ودون اي استثناء، الى تحديات وصعاب قد تكون مستحيلة او في أفضل الحالات شبه مستحيلة.

وحكاية الحبيبين “سامر” وندى” قد تكون مشابهة لالاف حكايات الحب والغرام في لبنان التي وضعت في معظمها في خانة الانتظار والترقب بحثا عن طاقة فرج على الأرجح لن يتم العثور عليها أقله في المدى المنظور ضمن حدود الـ10452 كيلومترا مربعا، التي ضاقت بأهل الأرض واتسعت للاجئين والنازحين وطالبي الحياة في بلد يموت فيه أولاده الف مرة في اليوم وهم على طريق الحياة.

تقول” ندى” لـ”لبنان 24″ نيابة عنها وعن خطيبها” سامر”: “اخبرنا الاهل والاقارب والأصدقاء يوم خطوبتنا في 6 شباط 2018، ان فترة الخطوبة لن تتعدى السنة ونصف السنة في أقصى الحالات، يومها امتعض والدي دون ان يتكلم فظهرت على وجهه علامات الاستعجال، التي تظهر ايضا بطريقة علنية في أحاديث كل معارفنا بشكل كبير وكثيف دون ان يحسبوا اي حساب للحرج الممكن ان يسببوه لنا وذلك على عكس والدي تماما.

لكن وبغض النظر عن الحرج، كان والدي مستعجلا حتى يفرح بنا وكأنه كان يعلم ان الموت سيكون أسرع من الوصول الى يوم فرحنا، فعمره الذي انتهى قبل قرابة السنة لم يكن هو السبب في عدم رؤيته ابنته وهي تلبس ثوبها الأبيض، انما السبب هو الازمة التي وقعت على رؤوسنا من حيث لا ندري فأدخلتنا مرحلة من الصدمة واللاقدرة على الحركة وادخلت زفافنا  في حالة من الغيبوبة فاذ بنا  لا نعلم متى وكيف تنتهي، لكننا نعلم اننا سنصمد وان حبنا أيضا سيصمد“.

وفي الاطار، يبدو ان الازمة المالية والاقتصادية التي يعيشها لبنان منذ العام 2019 بحد ادنى، ستترك اثارها على اكثر من ملف اجتماعي ولربما ستغيّر الكثير من الانماط الاجتماعية والحياتية في لبنان وقد تدفع أيضا نحو تغيير السن الوسطي للزواج والعدد المتوقع للانجاب خلال السنوات المقبلة.

فاللبنانيون الذين اعتادوا لفترة طويلة من الزمن ان يقدموا على خطوة الارتباط قبل عمر الثلاثين وفي مرحلة مبكرة من عمر العشرين، يبدو انهم سيعرفون متوسطا عمريا جديدا للزواج قد لا يقل عن 35 سنة او أربعين سنة، ما سيؤدي تلقائيا الى تراجع نسبة الانجاب التي قد تصل الى ولد واحد كرقم وسطي بعدما كانت 3 أولاد في أسوأ الحالات.

وأسباب هذا التراجع اكان في نسبة الزيجات أو الانجاب لا تعود فقط الى العامل الاقتصادي، انما قد يكون مردها الى النمط الاجتماعي الذي رسمه المواطن اللبناني لنفسه او رسم له، وحتى الساعة ليس بمقدوره الخروج منه، وهنا لا بد من الاشارة الى ان اي عملية اصلاحية لبنانية لا بد لها من ان تطال موضوع التنميط الاجتماعي الذي يحدد أطرا وطرقا للحياة ويجعل الخارجين عنها يعيشون شيئا من القلق واللاسعادة وذلك باعتبار انهم خرجوا عن القواعد العامة التي يحددها المجتمع.

وانطلاقا من هذا الكلام، قد تكون مسألة الوصول الى حل شامل للازمة الاقتصادية اللبنانية صعبة وبعيدة المنال، لذلك لا بد من العمل على اعادة طرح مفاهيم حقيقية تشبه المجتمع اللبناني بأصالته وجذوره، وبعيدة عن الشكل الأخير الذي اكتسبه في السنوات العشرين الاخيرة والذي أرسته قواعد التجارة والتسويق والعمل على تنشيط الأسواق من دون الأخذ بعين الاعتبار المواطن كفرد وكانسان ودون الأخذ بعين الاعتبار القيم والاخلاقيات اللبنانية.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى