آخر الأخبارأخبار محلية

محاولة “ضغط” على الرئيس المكلف.. هل سيناريو “الاستقالات” واقعي؟!

رغم أنّ رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي لم يتأخّر في القيام بواجباته من خلال تقديمه تشكيلة حكومية كاملة المواصفات لرئيس الجمهورية ميشال عون، بعد 24 ساعة فقط على انتهاء استشاراته النيابية غير الملزمة، إلا أنّ هناك على ما يبدو من لا يزال مصرًا على عدم “تلقف” كرة المسؤولية، راميًا بين الفينة والأخرى “بالونات” لا توحي بالجدّية المطلوبة.

 
في هذا السياق، تندرج على سبيل المثال التسريبات التي تكثّفت في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة حول “ورقة” بيد رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل سيرميها في وجه الرئيس المكلّف، وقوامها “استقالة الوزراء المسيحيّين” من حكومة تصريف الأعمال، واعتكافهم بالتالي عن “تسيير الأعمال” في وزاراتهم كما يجري حاليًا.
 
بحسب هذه التسريبات “غير البريئة”، فإنّ الهدف الجوهريّ من التلويح بهذه “الورقة” هو الضغط على الرئيس المكلّف من أجل أن يقدّم بعض “التنازلات” التي تراعي طلبات “التيار الوطني الحر”، أو بمعنى آخر، أن “يرضخ لشروط” الوزير السابق جبران باسيل، لناحية الحصص والحقائب، ولو أنّ الأخير أبدى “تعفّفه” عن المشاركة في الحكومة منذ اليوم الأول.

 
احتمال وارد؟!
 
لا يؤكد المحسوبون على “التيار الوطني الحر” وجود نيّة جدّية باستخدام “ورقة” استقالة الوزراء المسيحيين كما توحي التسريبات، لكنّهم لا ينفونها في الوقت نفسه، بوصفها “احتمالاً واردًا”، باعتبار أنّ رئيس الجمهورية، كما يقولون، لا يمكن أن يبقى “متفرّجًا”، وهو يصرّ على لعب دوره كاملاً بوصفه “شريكًا دستوريًا” في عملية تأليف الحكومة، ومن حقّه بالتالي اقتراح أسماء الوزراء وتوزيع الحصص، لا “المصادقة” على ما يقترحه الرئيس المكلّف.
 
بالنسبة إلى هؤلاء، فإن الحديث عن هذا “السيناريو” لم يأتِ سوى بعد شعور “التيار” بأنّ الرئيس المكلَّف مصرّ على مواقفه، وأنّه غير مهتمّ عمليًا بالاعتراضات التي أبداها رئيس الجمهورية على تشكيلته الأولى، علمًا أنّ الأخير كان ينتظر زيارة منه منذ مطلع الأسبوع إلى قصر بعبدا، لكنها أرجئت على ما يبدو إلى ما بعد عطلة عيد الأضحى، في “رسالة” قرئت في أوساط “التيار” سلبيًا، بوصفها تأكيدًا على تمسّك الرئيس المكلّف بشروطه.

 
يرى المقرّبون من “التيار” أن رئيس الحكومة المكلف يتصرّف وفق معادلة “رابح-رابح”، فهو يجمع في الوقت نفسه بين “منصبي” رئيس الحكومة المكلف ورئيس حكومة تصريف الأعمال، ما يجعله غير “مستعجل” لتشكيل حكومة جديدة طالما أنّه “باقٍ” في الحالتين، ولذلك فهم يرمون بورقة “الاستقالات” للضغط عليه، باعتبار أنّ الرئيس المكلَّف يدرك أنّ حكومة تصريف الأعمال لن تكون قادرة على الحكم من دون وزرائها المسيحيّين.
 
ما الفائدة؟
 
تُطرَح أسئلة كثيرة حول “ورقة” استقالة الوزراء المسيحيّين هذه، ومدى إمكانيّة تحوّلها إلى “سيناريو” جدّي، فهل مثل هذا السيناريو “واقعي”، ويمكن فعلاً لـ”التيار” أن يلجأ إليه؟ وما الفائدة منه في هذه الحالة، بعيدًا عن محاولة “ابتزاز” الرئيس المكلَّف؟ ألا يُعَدّ مجرّد التلويح به “مغامرة غير محسوبة”، بل “مقامرة” بمصير البلد، خصوصًا في ظلّ الخوف المشروع من “شبح” الفراغ الذي سيكون على الحكومة أن تملأه في حال حصل؟!
 
استنادًا إلى كلّ ما تقدّم من علامات استفهام، يعتقد البعض أنّ “السيناريو” غير واقعيّ، وأنّ التلويح به قد يكون دافعه “تحسين الواقع التفاوضي” لـ”التيار” ليس إلا، بعدما شعر أنّ “أوراق القوة” سقطت من يديه، على أبواب نهاية “العهد”، حيث يشير هؤلاء إلى “صعوبة” تحمّل “التيار” لتداعيات مثل هذه الخطوة، فضلاً عن أنّ الكثير من الوزراء المسيحيين لن “يتجاوبوا” مع مثل هذا الطلب، الذي سيضعهم تلقائيًا في خانة “المعطّلين” لتسيير شؤون الناس.
 
أما في حال وقع “المحظور”، وقرّر “التيار” اللجوء إلى مثل هذه الخطوة، فيقول العارفون إنّه وحده من سيتحمّل التداعيات الناجمة عنها، لأنّ الرئيس المكلَّف الذي أبدى “انفتاحه” مرارًا وتكرارًا على النقاش بالصيغة الحكومية التي قدّمها لرئيس الجمهورية، وإجراء بعض التعديلات عليها، لن يتراجع تحت “الضغط والابتزاز”، فيما سيكون متعذّرًا على الفريق الآخر “تبرير” تصرّفه، خصوصًا إذا ما وقع الفراغ الرئاسي، ودخلت البلاد في “المجهول”.
 
صحيح أنّ أوساط “التيار” تصرّ على القول إنّ “سيناريو” استقالة الوزراء المسيحيين “احتمال وارد”، إلا أنّ العارفين يستبعدون ذلك، ويتمسّكون بقناعة أنّ التلويح بهذه الورقة جزء من “المسار التفاوضي” من أجل تحسين الشروط الحكومية. لكن، بعيدًا عن المنطق والواقعية، يبقى “الخوف” مشروعًا من خطوات يمكن أن يلجأ إليها البعض، في محاولة لفرض “أمر واقع”، في “سيناريو” خبره اللبنانيون على مدى السنوات!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى