آخر الأخبارأخبار محلية

تفاصيل عملية “حزب الله” فوق حقل كاريش.. الدلالات تنكشف!

شاءَ “حزب الله”، أمس السبت، أن يكسر خطوط الحذر والترقّب المسيطرة على ملف الحدود البحرية بين لبنان والعدو الإسرائيلي. 


عند الساعة 3 من بعد ظهر السبت، نفذ الحزبُ عملية أمنية تمثلت بإرسال 3 طائرات مُسيّرة “غير مسلحة” إلى ما أسماها “المنطقة المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل عند حقل كاريش”، وذلك لـ”إجراء مهمّة إستطلاعية”. 

 

كذلك، يقول الحزب في بيانه إنّ “الرسالة وصلت” باتجاه العدو الإسرائيلي، مشيراً  في الوقت نفسه إلى أن العمليّة نُفذت بواسطة طائرات من أحجامٍ مختلفة. 

في الواقع، ساهمت تلك العملية في خلط الأوراق بقوة إزاء ملف الحدود البحرية، كما أنها جاءت بعد حديثٍ أخير عن “إيجابية” طرأت على خطّ المفاوضات التي تتولاها الولايات المتحدة الأميركية بين لبنان وإسرائيل بشأن القضية المطروحة.  

 

عملياً، لم تكن العملية التي قام بها الحزب “مُفاجئة”، بل كانت متوقعة، في حين أنها تندرجُ في إطار المهام الإستطلاعية التي بدأها الحزب مؤخراً على صعيد الحدود البحريّة. إلا أن الأمر الأهم هو ما يرتبطُ بالخفايا التي يتضمنها بيان “حزب الله” عن العملية التي نفذها، فالدلالات التي يحملها كثيرة، وفيها معانٍ عديدة تفتح الباب أمام نقاشٍ مستفيض حول ما ستشهده المرحلة المقبلة من تطورات على صعيد ملف الحدود. 

 

ماذا في خلفيات العملية؟ 

 

من يقرأ بيان “حزب الله” بتمعنّ إنما سيقفُ عند 5 عبارات مهمة وهي: “مسيرات غير مسلحة ومن أحجام مختلفة”، “مهمة إستطلاعية”،  “المهمة المطلوبة أنجزت”، “الرسالة وصلت” و”المنطقة المتنازع عليها عند حقل كاريش”. 

 

في شرح مُبسّط لذلك البيان، فإنّ ما لا يمكن نفيه هو أن “حزب الله” شاء الدخول إلى حقل كاريش من الجو، في رسالة واضحة إلى أن الحراك الإسرائيلي هناك تحت الرقابة والرّصد. لكنه رغم ذلك، قرر الحزب إسداء رسالة من باب “الإستطلاع”، وإصراره على القول بأنه أرسل “مسيرات غير مسلحة”، يشيرُ إلى أن “الصدام في هذه المرحلة غير قائم”. وبعبارة أخرى، فإن الحزب لم يرسل مسيرات مفخخة ليُقال أن هناك عملية استهدافٍ كادت أن تطال منصة الغاز العائمة في بحر كاريش. هنا، فإن الحزب اكتفى بمسيرات تفتقد لقدرات هجومية، لكنها في الوقت تتمتع بقدرات استخباراتية، ومهمتها نقل كافة المعلومات التي تصورها مباشرة إلى غرفة العمليات المركزية التابعة للحزب. 

 

إضافة إلى ذلك، فإنّ حديث الحزب عن “مسيرات من أحجام مختلفة” إنّما يكشف عن “تكتيك عسكريّ” يعتمده، فمن الممكن أن تتتولى كل طائرة مهمة مُحددة، إما تصويراً وجمعاً للمعلومات، أو في اعتماد التشويش خلال المسار. كذلك، يمكن أن تكون الإشارة إلى أحجام مختلفة للطائرات هي دلالة على أن الحزب يمتلك أنواعاً عديدة من الطائرات المسيرة، وبالتالي يكشف هذا الأمر عن “تطور جديد” في سلاح الجو الذي يعود للحزب. 

 

يوم أمس، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه تم اعتراض تلك المسيرات، وقد نشرت صحيفة “يديعوت أحرنوت” مقطع فيديو يوثق تلك العملية. إلا أن “حزب الله” لم يكشف مصير تلك الطائرات، لكن إشارته إلى أن “المهمة المطلوبة أنجزت”، يعني أن كافة المعلومات التي تم جمعها عبر المسيرات باتت بحوزته.  

 

مع هذا، فإنّ تأكيد “حزب الله” على أن “الرسالة وصلت” يعني أنّ القدرة على دخوله حقل “كاريش” أو أي منطقة إسرائيلية، هو أمرٌ سهل التحقيق. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه العبارة تشيرُ إلى أنّ الحزبَ يعملُ باستمرارٍ على مراقبة كل الأنشطة الاسرائيلية في حقل كاريش. أما الرسالة الأهم فقد كانت واضحة للإسرائيليين وعنوانها: “لا تعتقدوا بأنهُ يمكنكم البدء بالتنقيب عن الغاز في حقل كاريش قبل بدء المفاوضات بين لبنان وإسرائيل”.  

 

حتماً، الرسالة الأخيرة هذه تقودُ إلى الباب الأبرز في بيان “حزب الله”، والذي يرتبط بإشارته صراحة إلى أن العملية جاءت في “المنطقة المتنازع عليها عند حقل كاريش”، وهنا بيت القصيد.

 

بشكلٍ غير مباشر، كشف الحزب عن موقفه بشأن الخط 23 والمفاوضات القائمة حوله. فبالنسبة له، ما يتبين هو أن المنطقة المتنازع عليها هي بين الخط 23 و 29، أي أن الحديث في المفاوضات يجب أن يرتكز على تلك المنطقة بشكل خاص، وليس على المنطقة التي تشمل الخط 23 وحقل قانا فقط. هنا، يكون “حزب الله” قد فتح الباب أمام إمكانية حصول لبنان على كامل حقل قانا بالإضافة إلى فتح المجال أمام إمكانية الوصول إلى الخط 29، وبالتالي عودة لبنان إلى حقل كاريش المتنازع عليه. 

 

هل ستردّ إسرائيل على ما حصل؟ 

 

بعد تلك العملية، جاء الرّد الإسرائيلي على لسان الجيش هناك، إذ تمت الإشارة إلى أن “المسيرات لم تشكل تهديداً حقيقياً في كل مدة تحليقها وحتى اعتراضها فوق البحر الأبيض المتوسط”.  
وبحال الوقوف عند هذا الكلام، فإن ما يظهر هو أن إسرائيل لن تبادر إلى الرّد بشأن ما حصل، باعتبار أن الطائرات لم تكن مسلحة، وبالتالي “لا هجوم”، في حين أن إقرارها بعدم وجود تهديد يعني أن الأمور بقيت ضمن الأطر المضبوطة.  

 

أما على صعيد “التهديد المُستهلك”، فقد بات من “عدّة المعركة والخطابات المستمرة” لدى الإسرائيليين، وبالتالي لا ترجمة فعلية وعملية له في الميدان. اليوم، لا تحتاجُ إسرائيل إلى مُجازفة عسكرية، خصوصاً أنها تريدُ تثبيت نفسها كدولة نفطية من دون أي إشكالات. إلا أن ما حصل بالأمس أرسى إرباكاً في الداخل الإسرائيلي بطبيعة الحال، وقد كشف عن أن السفن العائمة التي يجري استقدامها، قد تتعرض لاستهدافٍ في أي وقت، الأمر الذي يُهدّد تعاطي شركات النفط العالمية المتخصصة في التنقيب عن النفط والغاز مع إسرائيل. 

 

لهذا، فإن عملية الأمس، تستحق الوقوف والتفكّر بحيثياتها، وقد تكون بمثابة “ورقة قوة” جديدة بيد لبنان خلال المفاوضات التي لا يمكنها بعد الآن تهميش فرضية أي تهديد عسكري قد يحصل في حقل كاريش. وعليه، الأمور قد تتخذ منحى جديداً والمواقف يمكن أن تتبدّل بشأن ملف ترسيم الحدود البحرية، والآفاق المقبلة ستكشف الكثير في طياتها.  

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى