آخر الأخبارأخبار دولية

مخاطر طويلة الأمد للتلوث الناجم عن الحرب في أوكرانيا


نشرت في: 17/06/2022 – 16:24

تنطوي الحرب في أوكرانيا على مخاطر بيئية هائلة أبرزها التعرض للغازات السامة والجزيئات الدقيقة الناجمة عن الانفجارات والحرائق وانهيار المباني واستهداف المناجم والمصافي ومخازن السماد، لكن أخطرها اقتحام واستهداف المنشآت النووية، تهديد قد يمتد حسب مراقبين إلى ما وراء الحدود الأوكرانية وله تداعيات طويلة الأمد. فما تأثير هذه الحرب على البيئة؟ كيف يمكن جمع البيانات لتقييم خطر تلك الملوثات؟ ما هي آثار استعمال السلاح النووي التكتيكي والحوادث النووية أو الكيميائية؟ هل الصادرات الغذائية الأوكرانية آمنة؟ أسئلة يجيبنا عليها الدكتور فنسنت-هنري بيوش مدير مرصد كوبرنيكوس لمراقبة الأرض والغلاف الجوي التابع للاتحاد الأوروبي.

أدى التدمير الهائل الذي تتعرض له البنى التحتية والمواقع الصناعية والفلاحية الحساسة في أوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي في 24 فبراير/شباط الماضي، من ذلك: مناجم الفحم والمصافي النفطية وأيضا مخازن السماد العضوي إلى جانب الانفجارات والحرائق وانهيار المباني وتدمير البنية التحتية واقتحام واستهداف المنشآت النووية، إلى تعريض الأوكرانيين وسكان المنطقة ككل لخطر المعادن الثقيلة والغازات السامة والجسيمات الدقيقة الأخرى. تلوث سيستغرق تنظيفه سنوات وله تأثير دائم على صحة الإنسان والحيوان، ما يثير قلق المجتمع الدولي والعلمي.

جهود كبرى لرصد التلوث في أوكرانيا

في السياق، قال ستيفان سميث منسق الكوارث والنزاعات في برنامج الأمم المتحدة للبيئة، في تصريح لصحيفة وول ستريت جورنال: “نواجه مشكلة بيئية ضخمة، وآثار صحية محتملة مرتبطة بالتعرض للمعادن الثقيلة والغازات السامة والجزيئات الدقيقة الناتجة عن الانفجارات والحرائق وانهيار المباني. قد يمتد هذا التهديد إلى ما وراء حدود أوكرانيا”. كما نقلت الصحيفة عن إيرينا ستافتشوك نائبة وزير حماية البيئة والموارد الطبيعية الأوكرانية قولها، إن حوالي 100 مفتش يعملون على جمع العينات من التربة والمياه في المواقع المثيرة للقلق. وقالت إنه من الصعب تقييم الحجم الكامل للضرر الذي يلحق بالبيئة لأن المفتشين يعجزون عن الوصول إلى كافة المناطق.

كما تسعى العديد من الجهات إلى رصد مواقع التلوث في أوكرانيا وهي في الغالب منظمات غير حكومية مثل منظمة باكس PAX الهولندية التي سبق وأن وثقت التلوث في سوريا ومناطق نزاع أخرى، ومرصد الصراع والبيئة وهو مؤسسة خيرية بريطانية، ومجموعة Ecoaction البيئية ومقرها أوكرانيا. تعمل هذه الهيئات حسب وول ستريت جورنال من خلال تحليل منشورات شهود العيان على منصات التواصل وتطبيقات مثل تلغرام وأيضا صور الأقمار الاصطناعية وخرائط غوغل إيرث.

من جهة أخرى، تنطوي هذه الحرب على مخاطر بيئية كبيرة مرتبطة بالسلاح النووي وخطر استهداف أو اقتحام المحطات النووية الأوكرانية، في ظل تهديد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ بدء الغزو باللجوء إلى السلاح النووي للرد على أي تورط غربي مباشر في المعارك، ثم وضع قواته النووية في حالة التأهب في اليوم الرابع من الغزو، ولكن أيضا استهداف الجيش الروسي لمحطة زابوريجيا النووية في الرابع مارس/آذار واقتحامها والعبث فيها ضاربا بعرض الحائط أدنى معايير السلامة النووية. كما هناك إعلان شركة Energoatom الأوكرانية التي تدير محطات الطاقة النووية بالبلاد في مطلع شهر يونيو/حزيران، حول أن “صاروخا روسيا قد حلق على مستوى منخفض للغاية فوق محطة توليد الكهرباء بيفدينو-أوكرانسكا في ميكولايف (جنوب) مستنكرة الإرهاب النووي” حسبما تداولته في حينه وسائل الإعلام الدولية.

ولمحاولة فهم هذا الموضوع بشكل أكبر، طرحنا مجموعة من الأسئلة على د. فنسنت-هنري بيوش مدير خدمة كوبرنيكوس لمراقبة الأرض والغلاف الجوي التابعة للاتحاد الأوروبي، البرنامج الذي يتم تنفيذه بالشراكة مع الدول الأعضاء ووكالة الفضاء الأوروبية (ESA)، المنظمة الأوروبية لاستغلال الأرصاد الجوية (EUMETSAT)، المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى (ECMWF)، والمنظمة الدولية Mercator Ocean.

  • ما هو تأثير الحرب في أوكرانيا وبشكل خاص القصف الروسي على البيئة في هذا البلد والمنطقة؟

يقول فنسنت-هنري بيوش مدير برنامج كوبرنيكوس الأوروبي لمراقبة الأرض إن إحدى النتائج المحتملة المترتبة عن الحرب في أوكرانيا، هي “في الواقع التدهور البيئي (الهواء والماء والتربة) والذي من المحتمل أن يؤثر على صحة الإنسان وأيضا على النظم البيئية على المدى القصير والمتوسط ​​والطويل”. ويضيف محاورنا بأن هذا التأثير يتم وفق آلية محددة هي “انبعاث الملوثات أو الجزيئات الغازية الناجمة عن الانفجارات والدمار الذي يلحق بالبنية التحتية. تؤثر هذه الملوثات بشكل مباشر على الهواء ومن المحتمل أن تتسبب الأجزاء الأخرى التي تستقر في نهاية المطاف على الأرضيات والأسطح في تفاقم التلوث وتنوعه”. ويحذر المسؤول المناخي الأوروبي من أن تأثير هذه الانبعاثات الملوثة لن يقتصر على أوكرانيا وحسب، بل إنه “يتراوح من آثار محلية إلى إقليمية وحتى قارية، وذلك يعتمد على طبيعة هذه الملوثات (إن كانت شديدة أو قليلة التفاعل كيميائيا، قابلة للذوبان إلى حد ما، جزيئات كبيرة أو أقل حجما، إلخ…).

  • ما هي مخاطر المعادن الثقيلة، الغازات السامة، الجسيمات الدقيقة المنبعثة من الانفجارات، الأمونيا الناجمة عن إتلاف مخازن السماد، الحرائق، وانهيار المباني؟

يرى مدير برنامج كوبرنيكوس بأنه من الصعب جدا في هذه المرحلة من النزاع في أوكرانيا، جمع البيانات المتعلقة بتأثير المعادن الثقيلة والغازات السامة والجسيمات الدقيقة الناجمة عن الانفجارات إلى جانب الأمونيا الناجمة عن إتلاف خزانات الأسمدة والحرائق وانهيار المباني على صحة الإنسان والحيوان. ويقول محاورنا ههنا: لا زلنا لحد الساعة “نفتقر إلى البيانات الميدانية وإلى المعطيات التي تجمعها الأقمار الصناعية. تمكنا فقط من تغطية عدد محدود من الملوثات”. ويشير بيوش إلى “تعذر جمع معلومات دقيقة بسبب كثافة الغيوم في المنطقة (وهو ما كان عليه الحال لمدة شهرين تقريبا في بداية الحرب)”. لكن يستدرك بالقول إن “من المحتمل جدا أن نشهد انعكاسات ناجمة عن العناصر التي أشرتم إليها، لكن في هذه المرحلة من المستحيل تأكيد أو دحض انتشار هذه الأنواع من الملوثات بدون بيانات ميدانية”.

  • هل يجب إذا إرسال فرق مراقبة ميدانية إلى أوكرانيا لجمع تلك البيانات؟ كيف يمكن أن يساعد الأوكرانيون في تقييم تلك الملوثات؟

نعم، قد يكون من المفيد إجراء قياسات ميدانية في أوكرانيا لاستباق تداعيات الآثار المحتملة للتلوث على المديين المتوسط ​​والبعيد. يتعلق الأمر بإرسال معدات محددة بشكل عام لكن يصعب العمل عليها بدون الخبرة اللازمة؛ لا أتحدث ههنا عن معدات مثل أجهزة الاستشعار منخفضة التكلفة التي يستطيع الجميع استخدامها فهي أداة غير موثوق بها. بالتأكيد، يمكن أن يساعد إرسال معدات القياس المناسبة إلى العلماء الأوكرانيين الذين من المرجح أن تكون أجهزتهم قد تعطلت أو تعرضت للتلف. كما يمكن أن يساعد إرسال الفرق المتخصصة في فحص المنشآت المستهدفة أو المتضررة أو المدمرة والتي تشكل خطرا خاصا (المواد الكيميائية، إلخ..). إنها مهمة ضخمة وتطرح تساؤلات حول سلامة هذه الفرق في المناطق التي تشهد الصراع.

  • ما هي الآثار المحتملة لاستعمال روسيا للسلاح النووي التكتيكي أو في حال وقوع حادث نووي أو كيميائي؟

من الممكن أن يؤدي الانتشار النووي في الهواء الطلق أو تسرب الجسيمات المشعة إلى عواقب لن تشمل فقط أوكرانيا بل قد تمتد إلى النطاق القاري وهذا يعتمد على حجم المادة المطلقة في الغلاف الجوي. حيث تعتبر حالة الأرصاد الجوية في وقت الإطلاق حاسمة لتحديد المناطق التي سيؤثر عليها الانتشار (النووي أو الإشعاعي). تصعب الإجابة عن هذه النقطة بشكل عام فهذا الانتشار سينتقل بواسطة الرياح. وتحت رعاية المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، تتولى العديد من الكيانات الأوروبية حاليا مسؤولية وضع نماذج التشتت (النووي أو الإشعاعي) بناء على تنبؤات الطقس للمساعدة في إدارة الوضع. كما توجد شبكة كثيفة للغاية لقياس الإشعاعات النووية في أوروبا. في هذه المرحلة، على حد علمي، لم تكتشف أي من المحطات مستويات مثيرة للقلق.

  • هل الصادرات الغذائية الأوكرانية آمنة بالنظر إلى التسمم المحتمل الناجم عن المعارك؟

من الصعب جدا الإجابة عن هذا السؤال دون توفر البيانات الميدانية من أوكرانيا. في هذه المرحلة، ليس لدي أي علم بأي تلوث كيميائي أو إشعاعي من المحتمل أن يجعل المواد الغذائية المنتجة في أوكرانيا غير صالحة للاستهلاك. يبقى أن هناك مخاطر محتملة كبيرة، ولكن في هذه المرحلة لا توجد مؤشرات واضحة في حوزتنا لتحديد مدى سلامة الصادرات الغذائية الأوكرانية.

أمين زرواطي


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى