آخر الأخبارأخبار محلية

8 أيام فاصلة.. ما “سرّ” تأخير موعد الاستشارات إلى هذا الحدّ؟

أخيرًا، حدّد رئيس الجمهورية موعدًا للاستشارات النيابية الملزمة لتكليف شخصيّة بتأليف الحكومة الجديدة، بعدما كاد شهر كامل يمرّ على تحوّل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي إلى تصريف الأعمال، وبعدما “استنفِدت” الأسباب غير المباشرة للتأخير، رغم عدم ارتباطها بالاستشارات، من إنجاز انتخابات اللجان، إلى زيارة الوسيط الأميركي والانهماك بها.

 

إلا أنّ “المفاجأة” التي توقّف عندها كثيرون تمثّلت في أنّ الرئيس لم يحدّد موعد الاستشارات في غضون يوم أو اثنين، أو حتى مطلع الأسبوع المقبل، كما كان متوقّعًا، وخصوصًا في ظلّ الواقع الحاليّ، بل يوم الخميس في 23 حزيران، أي أنّه ترك مهلة ثمانية أيام كاملة بين الدعوة وحصول الاستشارات، في “مفارقة” قد تكون مثيرة للانتباه والاستغراب، وربما الجدل أيضًا.

 

وفي هذا السياق، طرحت العديد من علامات الاستفهام عن الأسباب الكامنة خلف استمرار “المماطلة” في مقاربة ملف الاستشارات، بعيدًا عن “الاجتهادات” القانونية والدستورية التي يقول فريق الرئيس إنّها تمنحه “مهلة مفتوحة” للدعوة، فالوضع في البلاد استثنائي وليس عاديًا، فكيف بالحريّ مع حكومة ليس أمامها، إن شُكّلت اليوم، سوى أشهر معدودة لتحكم، نظريًا على الأقلّ.

 

بحثًا عن “التوافق”

 

يقول البعض من المحسوبين على المحيطين بقصر بعبدا إنّ هذا الظرف “الاستثنائي” هو السبب الحقيقي والجوهري خلف إطالة المدة الفاصلة بين الدعوة إلى الاستشارات وحصولها، فالرئيس ميشال عون يسعى إلى حدّ أدنى من التوافق يسبق الاستشارات بما يضمن نجاحها، وتأمين “خارطة طريق” للرئيس المكلّف، حتى لا نصبح مرّة أخرى أمام معادلة “تكليف بلا تأليف” التي قد تكون “مدمّرة” على أبواب الانتخابات الرئاسية المفترضة قبل نهاية تشرين الأول المقبل.

 

ويذكّر هؤلاء بما جرى في فترات سابقة حين كان هناك من يكلّف بأكثريات ساحقة، خلافًا لما يبدو عليه الوضع اليوم، لكنّهم رغم ذلك يسقطون في الفخّ عند استحقاق التأليف، فيعجزون عن تقديم صيغ يوافق عليها الرئيس، ليوقّع على مراسيمها، وهو ما يؤدّي إلى هدر الكثير من الوقت، بما يفوق بأشواط مهلة الأيام الثمانية التي يضعها الرئيس لتفادي الدخول بمثل هذه “المتاهات”، خصوصًا أنّ التأخير بتأليف الحكومة قد يدخل البلاد في “المجهول” في هذا الظرف.

 

من هنا، ولأنّ كلّ المؤشّرات تدلّ على انقسام “عاموديّ” في مجلس النواب حيال الاستشارات، وعلى “تشتّت” واضح في أصوات النواب، بمن فيهم أولئك المنتمين إلى فريق واحد، وكأنّ خريطة المجلس النيابي الجديد غير كافية لتعميق “التعقيد” في المشهد، جاء تأخير موعد الاستشارات بمثابة “ضغط” على النواب، للنهوض بمسؤولياتهم، والعمل بشكل حثيث من أجل الاتفاق في ما بينهما على “خريطة طريق” التأليف، ليُبنى التكليف على مقتضاها.

 

ليس نهائيًا!

 

صحيح أنّ هناك من يعتبر أنّ فكرة “التأليف قبل التكليف” ولو بالخطوط العريضة، لا تستقيم، فهي تفرغ مهمّة الرئيس المكلّف من مضمونها، وتصادر صلاحيات رئيس الحكومة بحجّة الاستفادة من “صلاحيات” لرئيس الجمهورية، إلا أنّ المفارقة تكمن في ما يجاهر به بعض المحسوبين على عون، من أنّ موعد الاستشارات قد لا يكون نهائيًا، وأنّ احتمال تغييره يبقى واردًا، إذا ما التمست أيّ كتلة نيابية ذلك، كما حصل سابقًا في كلّ الأحوال.

 

بالنسبة إلى كثيرين، فإنّ “بصمات” رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل أكثر من “واضحة” خلف عملية التأجيل، وهو أفصح عنها بشكل أو بآخر في إطلالته التلفزيونية الأخيرة، علمًا أنّ يتعمّد في كلّ المناسبات التأكيد أنّه سيغرّد خارج سرب حلفائه في الاستشارات، ولن يسمّي الرئيس نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة، فيما يتحدّث العارفون عن “شروط مسبقة” يضعها تتعلق بالحصص، وبعضها قد يكون “تعجيزيًا”.

 

لكن، بمعزل عن مطالب باسيل وشروطه، وبمعزل عن النتائج التي يمكن أن تفضي إليها الاستشارات، يقول الخبراء إنّ احتمال تأجيلها، كما يلمّح البعض، ربما في حال عدم النزول عند “رغبات” رئيس “التيار الوطني الحر”، سيكون بمثابة “خطيئة” تضاف إلى السجلّ، إلا إذا كان “العهد” لا يريد تشكيل حكومة، لأسباب واعتبارات عدّة، من بينها ربما “تشريع” التمديد بحجّة عدم قدرة حكومة تصريف أعمال على الحكم، ولو أنّ الخبراء يدحضون هذه النظرية.

 

قد يكون تحديد موعد الاستشارات، بمعزل عن المدّة الفاصلة عنها، مؤشّرًا إيجابيًا بحدّ ذاته، سواء جاء عن “قناعة”، أو لأنّ “تبريرات” التأخير استنفدت. لكنّ الأكيد أنّ احترام نتائجها، كما موعدها، يبقى ضروريًا، خصوصًا أنّ أيّ “رهانات” على تغيير في “مزاج” هذا أو ذاك لم تعد مجدية، والمطلوب تأليف حكومة في أسرع وقت ممكن، ومن دون إبطاء!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى