آخر الأخبارأخبار محلية

إقفال وتصفية فروع: مصارف لبنان تحت المجهر.. ماذا عن أموال المودعين؟

شكّل القطاع المصرفي في لبنان لسنوات ركيزة رئيسية للاقتصاد، وتمكّن من جذب الودائع ورؤوس الأموال، سواء من المستثمرين العرب أو المغتربين الذي رأوا في مصارف بلدهم ملاذاً آمناً.

 

وبلغت قيمة الودائع الإجمالية في ذروتها أكثر من 150 مليار دولار قبل بدء الأزمة عام 2019 ، وذلك وفق تقديرات رسمية.

 

لكنّ هذا المشهد تغيّر كلياً على وقع الانهيار الاقتصادي الذي شهده لبنان منذ عام 2019 وفرض المصارف قيودا، مشددة على عمليات السحب بالدولار ومنع التحويلات الى الخارج، ومع فقدان الودائع بالليرة قيمتها مع انهيار قيمة العملة المحلية في السوق الموازية

 

وانخفض عدد الفروع المصرفية من 1081 نهاية عام 2018 الى 919 فرعاً نهاية تشرين الثاني الماضي، أي بنسبة 15 في المئة. كما تقلّص عدد الموظفين في الفترة ذاتها من 25908 موظفين إلى نحو عشرين ألفاً، أي بنسبة 23 في المئة.

 

ولفت مؤخرا إعلان بعض المصارف اللبنانية في العاصمة العراقية بغداد، عن تصفية طوعية لفروعها عبر وضع لافتات على ابوابها، في خطوة تبين انعكاس الازمة الاقتصادية. كما قررت المصارف اللبنانية في قبرص والبالغ عددها 9 إغلاق فروعها في الجزيرة، فكيف سيؤثر هذا الأمر على الوضع المصرفي في الداخل؟ 

 

خبير المخاطر المصرفية والباحث في الاقتصاد محمد فحيلي اعتبر في حديث لـ “لبنان 24” ان “تأثير إقفال المصارف اللبنانية في مصر والعراق كان إيجابيا لأن هذا الأمر أدى إلى رفع حجم سيولة هذه المصارف في لبنان“. 

 

وقال فحيلي: “عندما يقفل مصرف فرعا آخر في الخارج كما حصل في قبرص او العراق يحرر رؤوس الأموال التي وضعها ليحصل على الترخيص لفتح المؤسسة المصرفية في هذه البلدان، والأموال التي تحررت يمكنه ان يتصرّف بها ويوظفها ويضيفها على رؤوس الأموال في لبنان ليمكن عملياته في لبنان لذا نتحدث في هذه الحالة عن تأثيرات إيجابية“. 

 

وتابع: “في قبرص الأمر مختلف لأنها طلبت من المصارف اللبنانية شروطا تعجيزية، حيث طلبت بتحويل الفروع اللبنانية مبالغ مالية توازي حجم ودائعها كإجراء يحمي المودعين من أي تعثّر قد يصيب المصارف اللبنانية.  فعند ارتفاع منسوب المخاطر يتم اتخاذ إجراءات تحمي المودع، وفي قبرص طُلب من المصارف اللبنانية ضمانات إضافية لأنهم مروا بتجربة قاسية من خلال إفلاس مصرفين في الجزيرة كانا من أكبر المصارف وهدفهم عدم تكرار التجربة لذا الإجراءات في قبرص لم تكن مستغربة“.  

 

هل أصبحت المصارف اللبنانية “مصارف زومبي”؟  يجيب فحيلي: “لا أوافق على هذا التعبير وهو يشكل إدانة للقطاع المصرفي، ففي عام 2017 بدأ التدهور في القطاع المصرفي وبدأت المصارف تستثمر بالدين السيادي وكل القروض التي قدمت كانت من أموال المودعين“. 

 

ولفت إلى ان “العودة إلى العام 2017 لم تكن عبثية، ففي هذا العام بدأ مجموع الودائع بالتراجع مقارنة بالسنوات السابقة، ولم يسجل نمواً بأكثر من 2.8 في المئة، الامر الذي أشار بوضوح إلى ارتفاع حركة السحوبات المصرفية، وذلك على الرغم من تجاوز الفوائد على الدولار 5 في المئة، و8 في المئة على الليرة.”

 

هل من خطر إفلاس عدد من المصارف؟

يشير فحيلي إلى ان “المصارف تقوم بإعادة هيكلة ذاتية من خلال تقليص الفروع وعدد الموظفين والخدمات وهذا إجراء طبيعي”، وأضاف ان “هناك مصارف قابلة للاستمرار ومصارف غير قابلة للاستمرار وهي تشكل 60 % من عداد المصارف“. 

 

ولفت إلى ان “هناك مصارف لم تطبق التعميم رقم 158 الذي يسمح بسحب شهريا مبلغ 400 دولار أميركي نقدا و400 دولار على سعر 12000 ليرة لبنانية للدولار نصفهم نقدا والنصف الآخر على بطاقات الدفع، ولا التعميم رقم 151 الذي يسمح بسحب الدولار على سعر 8000 ليرة، وثمة تصرفات استنسابية ولجنة الرقابة على المصارف لا تحرك ساكنا“. 

 

كما أشار إلى قرار المصارف التوقف عن قبول الشيكات فوق الـ 15 ألف دولار، معتبرا انه في قانون النقد والتسليف يجب قبول الشيكات المصرفية.

 

خطة التعافي

وعن انعكاس خطة التعافي على القطاع المصرفي، لفت فحيلي إلى ان الرئيس نجيب ميقاتي أصر ان يُقر خطة التعافي في آخر اجتماع لمجلس الوزراء ايمانا منه ان الحكم استمرارية، وعلى الحكومة المقبلة تنفيذ مكونات خطة التعافي“.

 

وتابع: “جزء كبير من خطة التعافي يجب ان يقر في الهيئة العامة لمجلس النواب بموجب قانون وسيكون على اكتاف المجلس النيابي الجديد العبء الكبير لجهة الشروط التي وضعها صندوق النقد الدولي بالاتفاق المبدئي الذي أبرمته حكومة الرئيس ميقاتي وهذه خطوة أساسية في سياق التفاوض مع صندوق النقد الدولي“. 

 

ولفت إلى ان “الاتفاق المبدئي هو المباشرة بتنفيذ الحكومة اللبنانية الإصلاحات ثم ينتقل ملف لبنان إلى المجلس المركزي لصندوق النقد الدولي لدراسته وإقراره لجهة تأمين السيولة للبنان“. 

 

ما الحل؟

يؤكد فحيلي انه “يجب ترميم الثقة بين المودعين والمصارف على أن تترافق هذه الخطوة مع إعادة الحياة الى القطاع المصرفي وتوسيع رقعة تعميم مصرف لبنان رقم 158، والغاء التعميم 151، ورفع كل الضوابط عن التداول الحر في منصة صيرفة“.

 

ورأى انه “اذا كان لا بد من تسديد الودائع وكانت هناك نية حقيقية للمحافظة على الودائع تحت الـ 100 ألف دولار كما تم الإعلان عن ذلك مؤخرا، فيجب ان تتحول من ودائع “لولارية” إلى دولارية تحت أحكام التعميم الأساسي رقم 150.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى