آخر الأخبارأخبار دولية

حركة طالبان تفرض ارتداء البرقع على مذيعات التلفزيون: “نحن آخر من يقاوم”

نشرت في: 25/05/2022 – 19:11آخر تحديث: 26/05/2022 – 16:20

تلقت مذيعات التلفزيون والصحافيات من النساء اللاتي يعملن في التلفزيون الأفغاني أمرا في 19 أيار/مايو بـ”تغطية وجوههن”. وتوضح مراقبتنا وهي مذيعة أفغانية كيفية اضطرارها للتأقلم مع هذا القرار الجديد وكيف تقاوم الصحافيات أمام حركة طالبان العازمة على “فسخ المرأة من المجتمع”.

أصدرت وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الأفغاني هذا الأمر بحق كل الصحافيات من النساء في كامل أنحاء أفغانستان. ودخل حيز التنفيذ في 21 أيار/مايو 2022. وأكد مسؤولو طالبان أن “كل مذيعة تلفزيونية تظهر على الشاشة دون تغطية وجهها يجب عليها العثور على عمل آخر أو سيتم إبعادها عن وظيفتها بكل بساطة” حسبما نقلته سونيا نيازي المذيعة التلفزيونية في تولو نيو وهي قناة إخبارية مستقلة في أفغانستان.

وغداة دخول هذا القرار حيز التنفيذ، رفضت صحافيات يعملن في ثلاث مؤسسات إعلامية خاصة في أفغانستان بينهم قناة تولو نيوز الامتثال لهذا القرار وقدمت الصحافيات برامجهن على المباشر بوجه مكشوف. ولكن في 22 أيار/مايو، اضطرت هذه القنوات للامتثال لأوامر السطلة بسبب “الضغط وتهديد حركة طالبان”. وارتدت كل النساء الصحافيات إما البرقع أو قناعا يغطي النصف السفلي من الوجه.

وارتدى عدد كبير من الصحافيين الرجال ومذيعي التلفزيون كمامات سوداء تضاما مع زميلاتهن. وانتشرت الظاهرة على نطاق أوسع لتشمل عموم الصحافيين في بلدان مختلفة وقد نشروا صورا لهم وهم يرتدون أقنعة سوداء مع استخدام وسم #freeherface (حرروا وجوههن).

{{ scope.counterText }}

{{ scope.legend }}

© {{ scope.credits }}

{{ scope.counterText }}

 مذيعون تلفزيونيون رجال في قناتي تولو نيوز و وان تي في ارتدوا أقنعة سواء تضامنا مع زميلاتهن النساء، 23 أيار/مايو 2022. 

وغادر عدد كبير من الصحافيين البلاد أو تواروا عن الأنظار بعد عودة حركة طالبان إلى السلطة في 15 آب/أغسطس وذلك بعد مخاوف على تعرضهم للاضطهاد. وفي المجمل، أغلقت 257 وسيلة إعلام أبوابهما خلال الأشهر الثلاثة التي تلت سيطرة عناصر الحركة على العاصمة كابول فيما قلصت مؤسسات إعلامية أخرى من عدد موظفيها. وكانت أولى ضحايا هذا القمع الواسع لحرية الصحافة من النساء حيث بقي عدد كبير منهن في البيت خوفا من رد فعل حركة طالبان في حال مواصلة عملهن.

Présentateur de télévision sur TOLOnews, diffusion le 23 mai 2022. © TOLOnews

مقدمة تلفزيونية في قناة تولو نيوز، من برامج القناة في 23 أيار/مايو 2022. صورة من قناة تولو نيوز.


Le 19 mai, Yalda Ali, présentatrice de TOLOnews, a publié une vidéo dans laquelle elle montre comment elle s’habille pour se conformer au code vestimentaire des Taliban. Elle couvre d’abord ses cheveux avec un bandeau puis passe un voile par dessus. Elle met ensuite des manches serrées pour cacher ses bras et un long manteau surdimensionné afin de masquer la forme de son corps. Tout ses habits sont noirs. Yalda Ali a publié cette vidéo sur sa page Facebook, avec le titre : “Comment je dois m’habiller pour l’émission d’aujourd’hui”.

في 19 أيار/مايو الجاري، نشرت يلدا علي مذيعة تلفزيونية في قناة تولو نيوز مقطع فيديو تظهر فيه كيفية قيامها بلباس ثياب تتلاءم مع شروط اللباس النسوي التي فرضتها حركة طالبان. وتقوم في البداية بتغطية شعرها بالحجاب وثم ترتدي لباسا أسودا فضفاضا يغطي ذراعيها وكامل جسدها حتى لا تظهر أي تفاصيل. كل ردائها كان باللون الأسود. ونشرت يلدا علي هذا المقطع المصور على صفحتها في موقع فيس بوك مع النص التالي: “كيف يجب علي أن ألبس لتقديم برنامجي لهذا اليوم”.

“كان لدي إحساس بأنهم سرقوا هويتي”

تروي يلدا علي لفريق تحرير مراقبون فرانس24 حياتها كصحافية امرأة ومقدمة تلفزيونية معروفة في قناة تولو نيوز ، بعد سيطرة حركة طالبان على الحكم:

عندما سيطر مقاتلو حركة طالبان على كابول، قررت البقاء في أفغانستان، لأنني سمعت أنه سيتم ملاحقة عائلات الصحافيين اللذين يغادرون البلاد. ولم أكن مستعدة لترك عائلتي تعاني من تداعيات قراري بالهرب. قررت البقاء، وإذا ما جاء عناصر طالبان للقبض علي، فإنهم سيتركون عائلتي وشأنها. وهو ما جعلني أبقى في البلاد. وفي الأسبوعين اللذين تليا سيطرة طالبان على كابول، تم إغلاق القناة التلفزيونية التي أعمل لصالحها. وبعد ذلك، علمت أن أحد زملائي من الرجال سيتولى تقديم “بامداد إي خوش” وهو البرنامج الذي كنت أنشطه.

وجعلني ذلك أشعر بحزن شديد لدرجة أنني بكيت وقلت بيني وبين نفسي: “انتهى كل شيء، لقد حذفوا النساء من الساحة (الإعلامية) ولن يكون هناك سوى رجال في التلفزيون اعتبارا من الآن”. كل يوم كنت أقول بيني وبين نفسي إذا كان مجرد هذا الأمر قد كسر قبلي وبخر آمالي بشأن مستقبل النساء في أفغانستان، فإنني متأكدة أن عددا كبير ا من نساء أفغانستان كان لديهن نفس الشعور عند رؤية رجل يأخذ مكاني.

وفي ذلك المساء، قمت بالاتصال بالمسؤولين عن القناة وقلت لهم إنني أرغب في العودة إلى مكاني وعبرت لهم عن رغبتي في تقديم برنامجي من جديد. ومن حسن الحظ أنهم وافقوا على مقترحي وعدت إلى عملي.


Yalda Ali tweeted this photo of herself and one of her colleagues crying on May 20, 2022. “My smile is banned, my lips are banned, women are going to be banned soon,” she wrote.

صورة 4 يلدي علي نشرت هذه الصورة لها على حسابها في تويتر تظهر فيها مع إحدى زميلاتها بصدد البكاء في 20 أيار/مايو 2022 وكتبت “لقد تم كبت ابتسامتي وتكميم شفتاي وسيتم حذف النساء من المشهد قريبا”.

كنت أول امرأة صحافية تعود إلى عملها ولم يكن الأمر سهلا. كان الأمر مريعا، كنت أتوقع أن يأتوا لاعتقالي في كل لحظة. وفي نقاط المراقبة الأمنية، كنت أغطي وجهي حتى لا يتم التعرف علي.

أعتقد أن ظهوري الجديد في شاشة التلفزيون أعطى الأمل للنساء الأفغانيات. وفي كل يوم، أتلقى رسائل من رجال ونساء يعبرون لي عن كم سعادتهم برؤيتي وأنا أقدم برنامجي.

ولكن كان علي القيام ببعض التنازلات. فقد قال مسؤولو حركة طالبان بوضوح أنه يجب أن يكون لباس النساء في التلفزيون مطابقا للشريعة الإسلامية بالطريقة التي يعرفونها بها.

واضطررت إلى ارتداء معطف أسود فضفاض لتغطية ”تفاصيل جسدي الأنثوية” وتغطية شعري بعناية شديدة. قبل ذلك، كنت معتادة على ارتداء الفساتين الملونة وصبغ شعري. وكنت أختار كل ملابسي التي أظهر بها على الشاشة بنفسي.


Yalda Ali and one her colleagues from TOLOnews in May 2021, before the Taliban took the country.

يلدا علي وإحدى زميلاتها كن يرتدين ملابس ملونة داخل قناة تولو نيوز في أيار/مايو 2021 قبل سيطرة طالبان على الحكم في بلدهم.

كان الوضع كذلك إلى غاية يوم 19 أيار/مايو، كنت بصدد تسجيل مقطع فيديو ترويجي لبرنامجنا عندما جاء المسؤول على الاأستوديو ودخل وقال لي “أنا آسف، لكن يجب عليكم أرتداء قناع أسود لتغطية وجوهكن”.

وجاء هذا القرار بعد أسبوعين من فرض حركة طالبان ارتداء البرقع على كل النساء الأفغانيات في الأماكن العامة ما أدى إلى احتجاجات من طرف بعض المدافعين عن حقوق المرأة.

في البداية، لم آخذ الأمر على محمل الجد واعتقدت أن الأمر مجرد مزحة. ولكن مدير المحطة التلفزيونية جاء حاملا ورقة بيده وأكد أن الأمر حقيقي والقرار نهائي. كنت أول مذيعة تلفزيونية تظهر لتنفيذ هذا القرار.

لقد حطم الأمر قلبي، كان لدي إحساس بأنهم سرقوا هويتي. لقد فسخوا شخصيتي كإنسان مستقبل وكامرأة أيضا.

 

Journalists on TOLOnews and Shemshad TV wore black masks to present on May 24.

Journalists on TOLOnews and Shemshad TV wore black masks to present on May 24. © .

صحافيات من قناتي تولو نيوز وشمشاد تي في التلفزيونية يرتدين أقنعة سوداء لتقديم برامجهن في 24 أيار/مايو 2022.

“إذا ما تخليت عن وظيفتي الآن فإنني أسمح بذلك لحركة طالبان بتحقيق هدفها الأسمى وهو إقصاء النساء بشكل كلي من المجتمع”

لقد استهلك الموضوع كثيرا من طاقتي، وفكرت كثيرا إذا ما كان علي الالتزام بالقرار أم لا. ولكنني أعقتد أنه في نهاية الأمر، معركتنا هي أبعد بكثير من مجرد ما ترتديه النساء أو بخياراتنا الشخصية. يتعلق الأمر بوجودنا كنساء في المجتمع. وهنا يتعلق الأمر بمجرد حضوري في استوديو تلفزيوني في حد ذاته.

وإذا تطلب الأمر تغطية وجهي، فليكن الأمر كذلك ولكنني لن أتخلى عن مكاني وسأقاوم وأكافح حتى أبقى على الساحة حتى النهاية. سأحاول إبقاء هذا البريق مشتعلا كلفني ذلك ما كلفني. سأعمل على إحياء جذوة الأمل والرغبة والإصرار على النضال من أجل حقوقنا كنساء أفغانيات.

إذا ما تخليت عن وظيفتي الآن فإنني أسمح بذلك لطالبان بتحقيق هدفهم الأسمى وهو إقصاء النساء بشكل كلي من المجتمع ولكنني لن أسمح بذلك.

إذ أن حضور النساء الأفغانيات في المجتمع قد تقلص أصلا بشكل كبير ونحن آخر من يقاوم. ولكنني أشعر أن الأمور لن تتوقف عند هذا الحد. سيقومون عاجلا أم آجلا بمنع حضور النساء في وسائل الإعلام على غرار ما حدث في باقي الأماكن العامة، أنا متأكدة من ذلك. بصراحة، لا أملك أية فكرة عما سأقوم به عندما يأتي ذلك اليوم.

منذ عودة حركة طالبان إلى السلطة، خاطرت بحياتي وحياة عائلتي أيضا. وفي اليوم الذي سيمنعون فيه حضوري في التلفزيون لن يكون لدي أي سبب للبقاء هنا. الشيء الوحيد الذي أفكر فيه في هذه الأيام، هو أن النساء الأفغانيات لن يتخلين أبدا عن حقوقهن. سنكافح من أجل حقوقنا وحريتنا وآمل ألا ينسانا العالم.

وتملك حركة طالبا ماضيا مليئا بالعنف ضد الصحافيين خصوصا من النساء. ومنذ سيطرة الحركة على السلطة في آب/ أغسطس 2021، تعرض ما لا يقل عن 50 صحافيا وعاملا في وسائل الإعلام للاعتقال أو الإيقاف بطريقة عنيفة في معظم الحالات لمدة تترواح بين عدة ساعات وأسبوع حسب تقرير لمنظمة مراسلون بلا حدود.

في سنة 2021، قتل تسعة صحافيين في أفغانستان ما جعل حصيلة البلاد الأكثر دموية في العالم بالنسبة إلى الصحافيين.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى