آخر الأخبارأخبار محلية

بعد 22 عاماً.. قصص تروى للمرة الأولى من أسرى الخيام

كتبت زينب حمود في “الأخبار” ثمّة شعور بالعظمة يُراود أسيراً يفكّ أصفاده بيديه، يحطّم قضبان الأسر، ويخرج إلى الحرية ملكاً. حرية أحلى ما فيها أنها لم تُمنح، بل انتُزعت من براثن السجّان. ليس إفراجاً يا سادة ولا عملية فرار جماعي، إنه تحرير معتقل الخيام على أيدي الأهالي وخروج الأسرى بعد ظهر 23 أيار عام 2000.

 

ظلّ بعض الأسرى تحت تأثير الصدمة حتى بعد فكّ قيدهم. لم يصدّق الأسير المحرر من بلدة كفركلا محمد نايف أنه صار حرّاً على أيدي الأهالي وأنّ الاحتلال هُزم وغادر المعتقل كما غادر الجنوب “من دون أي قيد أو شرط”. رأى ما يحصل “فرصة للهروب من الأسر وليس تحريراً فعلياً”. أثناء توزيع الطعام على الأسرى في اليوم الذي سبق، شعر بحركة غريبة في المعتقل: “قوات الأمن يحرقون الملفات، وشرطة لحد يستعجلوننا في التوزيع، وآخرون غرباء مستنفرون في باحة المعتقل”. صبيحة التحرير، استيقظ الأسرى على صوت ضرب المدفعية وسمعوا عن سقوط نقاط للاحتلال. ومع ذلك، “اعتقدنا أنّ صراخ الأهالي داخل ساحة المعتقل يأتي من الحسينية المجاورة، وعندما ضربوا على الأبواب اختبأنا ظناً منا أنها عملية إعدام جماعي». وبينما كانت الجموع المتراصّة تهنّئ الأسرى المحرّرين للتو، تقبّلهم، تحضنهم تارة وتطير بهم تارة أخرى، ركض نايف “حتى وصلت إلى حسينية الخيام حيث ركن الصليب الأحمر الدولي سياراته ليقلّنا، عندها صدّقت التحرير”.

تحرّر الأسرى تاركين كثيراً منهم داخل الزنازين. تركوا سنوات شبابهم وأحلامهم وصحتهم. تروي الأسيرة المحرّرة سكنة بزي من بنت جبيل ظهور آثار أربع سنوات من التعذيب والعيش في ظروف قاسية، «منذ عشر سنوات بدأت أُعاني التهابات في المفاصل وأمراض عصبية وآلام في المعدة وأكزيما». غيرها خرج عقيماً أو معوّقاً أو مريضاً جسدياً أو نفسياً. وهناك من لم يخرج حيّاً. من خرجوا من المعتقل، لم يخرج المعتقل منهم. فصارت حريّتهم مكبّلة بالذكريات. لا تنسى سكنة أيام الأسر وتمرّدها في عمر 17 عاماً على السجّان مع شابات شاركنها العيش في الزنزانة: «مريم نصار، مريم جابر، فريدة أرسلان، كفاح عفيفي، وسهى بشارة»، تذكرهم، ثم تضحك وهي تستذكر ردّها على تهديدات العملاء: «رقصنا كثيراً على الكهرباء وارتحنا كثيراً في الانفرادي، ممَّ سنخاف؟»

 

«الأسى ما بينتسى»، يلخّص كلاكش عناد ذاكرة تحمل معاناة 14 عاماً و4 أشهر و20 يوماً من الأسر. «كانت فترة التحقيق في السنتين الأوليين الأصعب، ولا سيّما عند الإساءة إلى أخواتي والتهديد بزجّهن في المعتقل». أما المشهد الذي «كلما ذكرته أدمعت» لحظة لقائه بشقيقه عادل بعد أربع سنوات على أسر الأخير. لم يسمح المحتل بلقاء الأخوين، وعندما التقيا صدفة لم يتعرّف أحدهما إلى الآخر لأنّ مرارة الأسر بدّلت ملامحهما. أما نايف، فلم يفارق المعتقل بعد تحريره. صار دليلاً لزوّار المعتقل اللبنانيين والأجانب حتى حرب تموز عام 2006. «مثل الشريط يكرج لهم رواية الأسر عن ظهر غيب».

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى