آخر الأخبارأخبار محلية

من السلاح إلى حرب تموز.. لماذا تطغى “السياسة” على الانتخابات؟

لطالما كانت الانتخابات النيابية في لبنان، “سياسيّة” في الشكل والمضمون. على خطّها، كانت الملفّات السياسيّة تُستحضَر دومًا، في إطار حشد وتعبئة الناخبين، فتتحوّل المعركة جنوبًا وبقاعًا مثلاً إلى “استفتاء على المقاومة”، فيما ترفع في مناطق معيّنة شعارات الرفض لـ”هيمنة” إيران، وتلجأ في أخرى إلى محطّات فاصلة، مثل “غزوة بيروت”.

 
لكنّ كثيرين اعتقدوا أنّ انتخابات 2022 لن تكون كذلك. ما حدث منذ الانتخابات الأخيرة في البلاد كان كفيلاً بـ”تعرية” أيّ طابع “سياسي” للمعركة، بدءًا من الحراك الشعبي في 2019، الذي واجه المنظومة بمجمل أعضائها، “كلن يعني كلن”، وصولاً إلى الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة، التي أحدثت “انقلابًا” في أولويات الناس، الذين ما عاد الجزء الأكبر منهم قادرًا على “التعايش” مع الانهيار “المجنون” لعملتهم بعد احتجاز ودائعهم.

 
لذلك، ساد الاعتقاد بأنّ هذه الانتخابات، إن قُدّر لها أن تكون “استفتاء”، فلن يكون سوى على الخيارات الاقتصادية التي أوصلت البلاد إلى “جهنّم”، إن جاز التعبير، بعيدًا عن كلّ العناوين السياسية التي باتت هامشية بل شكليّة برأي كثيرين، من مشروع “حزب الله” إلى سلاحه، مرورًا بالاستراتيجية الدفاعية، وصولاً حتى إلى علاقات لبنان بمحيطه العربي والدولي، ناهيك عن موقفه من “حروب” الإقليم، وآخرها تلك الروسية الأوكرانية!
 
“السلاح” يتصدّر
 
لكن، خلافًا لكلّ التوقعات، يبدو أنّ “حزب الله” عاد ليتصدّر المشهد الانتخابي في الأيام الماضية. لعلّ خطاب الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله يوم الإثنين، وهو الأول من سلسلة خطابات “جماهيرية انتخابية” منتظرة هذا الأسبوع، يؤكد هذا “المنحى”، بعدما استعاد نغمة “الاستفتاء على المقاومة”، معتبرًا الانتخابات بمثابة “حرب تموز سياسية”، والاقتراع للوائح الحزب نوعًا من “المقاومة السياسية” تضمن بقاء “المقاومة العسكرية” التي يُراد إسقاطها.

 
وإذا كان البعض يحمّل “حزب الله” مسؤولية “استدعاء” خطاب السلاح، بما يضمن “جذب” المتردّدين، خصوصًا بعدما تبيّن أنّ كثيرين من مؤيّدي خط المقاومة تاريخيًا، يبحثون التصويت للوائح “تغييرية”، كـ”عقاب” للسلطة التي أوصلت البلاد إلى ما وصلت إليه، فإنّ هناك من يلفت في المقابل إلى أنّ الحزب ليس وحده من “استحضر” مثل هذا الخطاب، إذ إنّ هناك في الطرف الآخر من يخوض فعلاً المعركة تحت عنوان “إسقاط السلاح”.
 
في هذا السياق، يشير البعض إلى أن “سلاح حزب الله” بالفعل أصبح عنوانًا للمعركة، وقد تصدّر بعض الحملات الانتخابية في الأيام الماضية، حتى لبعض “خصوم” الحزب، الذين استحضر بعضهم القرار 1559 مثلاً، فيما ذهب البعض الآخر إلى اعتبار السلاح “أساس الويلات”، وهو خطاب لا شكّ يجد “صداه” في السياسة، لكنّه قدّم برأي كثيرين “هدية مجانية” إلى الحزب، بدليل اقتصار خطاب السيد نصر الله عليه دون غيره!
 
إفراغ للمعركة من مضمونها؟!
 
هكذا، نجح “المتحاملون” على السلاح كما “المدافعون” عنه في جعله “محور” النقاش، على بعد أيام من الانتخابات، وسمح لـ”حزب الله” بتحويل خطاب انتخابي من “الدفاع” عن الخيارات الاقتصادية والاجتماعية، إلى “مطالعة هجومية” على الراغبين بإسقاط سلاحه، بل “سردية تاريخية” عن أهمية المقاومة والإنجازات التي حققتها منذ تأسيسها حتى اليوم بما يرضي البيئة الحاضنة، التي كان بعضها متردّدًا، كما أصبح واضحًا.
 
لكن، بين الدفاع والهجوم، يرى الكثير من المتابعين أنّ ما يحصل في هذا الإطار هو “إفراغ للمعركة من مضمونها”، خصوصًا في ظلّ شبه إجماع على أنّ السلاح، الذي لطالما كان بندًا خلافيًا من الطراز الأول، لا يمكن، بل لا ينبغي أن يكون “أساس” انتخابات 2022، التي تأتي في ظلّ ظروف جعلت السلاح بنظر الكثير من رافضيه أمرًا ثانويًا، ولا سيما أنّ “الاستراتيجيات الكبرى” لم تعد تعني الشعب، العاجز في بعض الأحيان عن تأمين “قوت يومه”.
 
ولأنّ هذا الشعب “موعود” سلفًا بالمزيد من الإجراءات القاسية بعد الانتخابات، وسط إشاعات عن ارتفاع “غير محدود” في سعر الدولار بعد الخامس عشر من أيار، وعن ارتفاعات إضافية في الأسعار ستشمل كلّ القطاعات، وعلى رأسها قطاع الاتصالات والإنترنت، يصبح الحديث عن “سلاح المقاومة” في عزّ “الحرب الاقتصادية”، بالنسبة إلى هؤلاء، “مؤامرة” بالفعل، ليس على مبدأ “المقاومة”، ولكن على “الانتخابات” بحدّ ذاتها، عبر “تحريفها عن مسارها”.
 
هكذا، يخشى كثيرون أن تكون السياسة جاءت على عادتها لـ”تفسد” كل شيء، فـ”تفرغ” المعركة من مضمونها الذي ينبغي أن يكون الهمّ المعيشي والاقتصادي عنوانه الأول. إلا أنّ هناك من يرى أنّ ما يحصل من “غلبة” للخطاب الاقتصادي “بديهيًا”، بل كان “متوقَّعًا”، بل إنّ كل التقديرات تشير إلى أنّ “وتيرته” سترتفع أكثر هذا الأسبوع لتصل إلى “ذروتها”، في خطابات متتالية، قبل “الضربة القاضية”…


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى