آخر الأخبارأخبار محلية

محاولة كسر طرابلس ومغزى معركة عبيد

في موازاة حملة الاستنكار العارمة لحادثة التعرض لمفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام، ينبغي رفع الصوت عاليا والاحتجاج ، إذ من غير الجائز الصمت تجاه  محاولة تشويه صورة طرابلس والإساءة إلى تاريخها.

 

لاستباحة طرابلس وجوه عديدة، في المعطى السياسي حيث تحاول “القوات اللبنانية” جاهدة تحقيق اختراق بعد سنوات من الجهد، بينما تقف دماء الشهيد رشيد كرامي حائلا دون ذلك، أما   في الجانب الاجتماعي فتبرز “فقاعة” عمر حرفوش وتسويق نفسه خيارا مدنيا فيما هو ابعد عن ذلك بكثير.

 

ينبغي الاعتراف اولا بحجم التغييرات التي حصلت في طرابلس، المدينة التي منحت أبناءها   ثقافة الحداثة والتعددية والتحرر،  قبل ان تتراكم عليها الازمات وترفع حولها  جدارا من العزلة مع المناطق المحيطة، ففقدت ميزة عاصمة الشمال نسبيا وتقوقعت على نفسها وباتت تفتش عن خلاص لازماتها المتشعبة.

 

صحيح، ان طرابلس تاريخيا هي حاضنة لبيئات فقيرة كانت تستر عوزهم وفقرهم كونها ام الفقير، ولكن الصحيح أيضا انها تحولت ، بفعل  أحزمة البؤس،  إلى بؤرة قادرة على إنتاج اعتى الأفكار تطرفا وحقدا، على حد تعبير الباحث والصحفي الراحل طلال منجد، وهذه ظاهرة خطيرة ينبغي تداركها بالتنمية ، والأخطر ما يعتري الحملات الانتخابية راهنا  من شوائب تخفي نوايا مبيتة ينبغي التنبيه لمخاطرها .

 

اولا :لا ينبغي أن تتحول  الحملات الانتخابية منطلقا لاداء المرشح عمر حرفوش ، كإمتطاء الخيول مرتديا العباءة خلال جولاته الانتخابية ، فذلك لا يعني تظهير خيار علماني، كما يحلو لحرفوش تسويقه، فهذا تسخيف متعمد لقيم اليسار والأفكار المتحررة، وهي قيم سامية بإمتياز عبّرت عنها شخصيات رائدة مثل نزيه المظلوم وقصدي الشهال ورشيد يوسف وميخائيل فرح .

 

ثانيا ، ينبغي التذكير  بأن الراحل الكبير جان عبيد ابن الحقبة التحررية وقد سطع نجمه انطلاقا من طرابلس ،صحافيا ثم سياسيا مخضرما   ليلعب ادوارا تتجاوز الجغرافيا اللبنانية إلى البعدين الإقليمي والدولي، حيث  كانت طرابلس رائدة  في الفكر المتحرر وحاضنة طبيعية لليسار كما لغيره  والتي اتاحت المجال أمام قيام نسج ثقافي متناسق وحيوي.

 

ليس المسألة هنا ، تتصل بالحسابات الطائفية والمذهبية وطغيان الهاجس الاقلوي ،كما تعمل  القوات اللبنانية عبر تجييش  انتخابي متعدد الوجوه يصب في مجال  المشروعية السياسية والتنافس على الزعامة المسيحية ، ذلك أن الحضور المسيحي متجذر ولا إمكانية للتصرف مع الموارنة بصفتهم “أيتاما” في السياسة، وبالتالي تجاوز  سليمان جان عبيد بصفته ابن طرابلس  الذي  يعرفها وتعرفه ناسها جيدا.

 

يقول سياسي مخضرم، بأن معركة المقعد الماروني في طرابلس تحمل رمزية وأهمية فائقة ينبغي التوقف عندها، ليس من زاوية طائفية بقدر التصدي لاستباحة  المدينة منذ جريمة” الرفيق” الياس عطالله بخطف المقعد الماروني في طرابلس.  فوفق السياسي المذكور، الذي رافق الحملات الانتخابية منذ العام ١٩٧٢، فإن طرابلس خط دفاع اول عن هوية لبنان وانتمائه العربي، وتمثيلها النيابي يستلزم مقاربة سياسية خاصة قبل التفتيش عن حواصل وكسور القانون الانتخابي الطائفي  البغيض.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى