آخر الأخبارأخبار محلية

الإنتخابات انطلقت… بين قرار الحريري والتبعيّة للاحزاب هل يختار المغتربون التغيير؟

رغم كل التشكيك حول إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، انطلقت اليوم المرحلة الاولى من الاستحقاق الديمقراطيّ في البلدان العربيّة، والاحد المقبل في بلدان الانتشار الاخرى، حيث التعويل كبير على المغتربين اللبنانيين لاحداث فرقٍ حقيقيٍّ في صناديق الاقتراع. غير أنّ سيناريو العام 2018، قد يتكرّر، إذ أنّ الاحزاب نجحت مجدّدا برفع حدّة الخطابات السياسيّة في ما بينها، واصطفّ الناخبون خلف زعمائهم، على الرغم من كلّ الصعوبات الحياتيّة والمعيشيّة والاقتصاديّة التي تمرّ بها البلاد.

 
من هذا المنطلق، إضافة إلى كلّ العوامل التي دفعت المنتشرين لترك بلدهم وعائلاتهم، وخصوصاً عبر تعريض حياتهم للخطر هرباً في البحر بطريقة غير شرعيّة، يبقى الامل كبيرا بأنّ يكون صوت المغترب قدوة للمواطن المقيم ليتحرّر من لعنة الاحزاب والطائفيّة، ويقترع لمرّة واحدة من أجل خلاص لبنان، ولمشروع إنتخابيّ جادّ، قادر على انتشال البلاد، عبر رؤية حقيقيّة قابلة للتنفيذ، وليس عبر إطلاق الشعارات، وزيادة الاحتقان الطائفيّ، والتفرقة بين اللبنانيين.

 
في السيّاق، من الطبيعي أنّ يختار كلّ ناخب، وبشكل خاص بعد ما مرّت به البلاد منذ ثلاث سنوات تقريباً، نهجاً تغييراً. ولكن، أثبتت السنوات الماضيّة، أنّ كلّ محاولة للتغيير فشلت أمام الخطاب الطائفيّ، والمذهبيّ، والعقائديّ، الذي نجح بشدّ العصب في الشارع، وتجييش الناخبين وتوجيههم. وللتذكير، فقد كانت إنتخابات العام 2018 في بلدان الاغتراب، كارثيّة للوائح المجتمع المدنيّ. حيث نالت فقط 6 بالمئة من أصل 47 الف ناخبٍ، شاركوا في عمليّة الاقتراع.
 
وأيضاً، رغم الانجاز التي حققته أرقام المسجّلين في بلدان الانتشار، والتي تُعتبر سابقة تاريخيّة، مفادها في المرتبة الاولى، إندفاعة المغتربين بإحداث تغيير في الواقع السياسيّ اللبنانيّ، تبقى علامات إستفهام كثيرة تُطرح. هل سينتخب جميع الذين تسجّلوا؟ لمن سيقترعون؟ هل تعلّموا من التجارب السابقة التي دفعتهم للعمل خارج لبنان أو الهجرة؟

 
والجدير بالذكر، أنّ عددا كبيرا من اللبنانيين في البلدان العربيّة والخليجيّة، هم من الطائفة السنّية، ما يعني أنّ لقرار الرئيس سعد الحريري بتعليق عمله السياسيّ، وعدم مشاركته في الانتخابات النيابيّة، تأثير بارز على اندفاعهم نحو صناديق الاقتراع. ففي بيروت الثانيّة على سبيل المثال، هناك 17282 مغترباً مسجّلين على لوائح الاقتراع في كافة بلدان الانتشار. هذا الرقم كفيلٌ بحسب مراقبين بتحقيق حاصل ونصف، إذا انتخب هؤلاء، وللائحة واحدة، وخصوصاً إذا كانت من قوى المجتمع المدنيّ. فالواقع السائد في بيروت، لا يزال على حاله. قوى “سياديّة” بمواجهة فريق “الممانعة”. وهو منطق يُقسّم اللبنانيين إلى طوائف، ويزيد من التدهور الاقتصاديّ، على حساب السياسة والمصالح الداخليّة والخارجيّة. كذلك، فمن شأن إنخفاض نسبة المشاركين في الانتخابات، زيادة حظوظ الاحزاب التي لديها قاعدتها الشعبيّة، التي تُترجم في صناديق الاقتراع، بحسم المقاعد، بأغلبيتها في الدوائر. وحدها زيادة نسب إقتراع المغتربين من جهة، والمقيمين من جهة ثانيّة، وخصوصاً هؤلاء الذين لا صوت لهم بعد في صناديق الاقتراع، ويُمثلون 50 بالمئة من الشعب اللبنانيّ، تقف عائقاً أمام قوى السلطة في تحقيق الفوز بالانتخابات.
 
في الاطار عينه، وبينما تتحضّر قوى المجتمع المدنيّ لتحقيق فوزٍ بمقعدين في دائرة بيروت الاولى، يُذكّر مراقبون أنّ الحاصل في العام 2018، كان فقط 5500 تقريباً. أمّا عدد المغتربين في هذه الدائرة، فهو 9668، واي أصوات كفيلة بإيصال نائبين إذا كانت خيارات المغتربين هي عينها. ويُضيف المراقبون أنّ المنطقة المقابلة لمرفأ بيروت عانت الكثير بعد الانفجار، إضافة إلى الاوضاع المعيشيّة. ولهذا السبب، يجب أنّ تتقدّم هذه الملفات الاساسيّة لمحاسبة مرشّحي الاحزاب، وإيصال نفسٍ جديدٍ لمجلس النواب.
 
وصحيحٌ أنّ المجتمع المدنيّ، بتشتته وتشكيله عدّة لوائح، في الدائرة عينها، صعّب من مهمّة خرق لوائح الاحزاب، وربما ضرب المساعي بالتغيير في صناديق الاقتراع، إلّا أنّ مراقبين يرون أنّ في الاختلاف تنوّعا، ما يفتح الافاق أمام الناخب، وبشكل أساسيّ المغترب، لاختيار مرشّحه والتصويت له، من لوائح تغييريّة مختلفة. وحتّى لو لم تصل لائحة ما من تلك التي يدعمها المجتمع المدنيّ للحاصل، يبقى الصوت الذي ناله كلّ مرشّحٍ، عبرة للانتخابات المقبلة، لكيّ يتوحّد المرشّحون، ويتّفقوا في ما بينهم لاحقاً. فالتغيير حتماً لن يكون بين ليلة وضحاها، ويتطلب الانتقال من دعم الحزب إلى دعم المشروع وقتاً طويلاً، للخروج من ذهنيّة “الزعيم” إلى ذهنيّة الوطن ومصلحة المواطن أوّلاً.
 
من هنا، فإنّ كلّ الانظار تتّجه اليوم والاحد إلى المغتربين. وما يُمكن أنّ يساهموا به في صناديق الاقتراع. فوحدهم يعرفون المصاعب التي واجهتم للاستقرار حيث يتواجدون. ووحدها الاوضاع السياسيّة في البلاد، وتأثيرها على الملفات المعيشيّة أرغمتهم على المغادرة. وعليه، كلّ الاتّكال عليهم في أنّ يكون صوتهم بالاتّجاه الصحيح، وأنّ يكون مدوّياً في صناديق الاقتراع، وينتفضوا على الاحزاب، ويُحدثوا تغييراً، ليكون بداية لرسم مشهدٍ جديدٍ في لبنان، يُشبههم، وعلى أساسه يعودون للعمل والاستقرار في وطنهم.

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى