آخر الأخبارأخبار محلية

الجماعة الإسلامية تواجه “انتخابياً”.. هل أعلنت معاداة جنبلاط؟

في كانون الثاني الماضي، وحينما خرج الرئيس سعد الحريري بخطابه الشهير الذي أعلن فيه تعليق العمل السياسي وعدم مشاركة تيار “المستقبل” بأي لوائح انتخابية أو ترشيحات، اتجهت الأنظارُ مباشرة إلى الجماعة الإسلامية في لبنان باعتبار أنها كانت المرشح الأقوى لتكون “البديل” عن التيار في السّاحة السنيّة.  

 

حتماً، كان هذا الأمرُ حاضراً لدى الكثير من الأطراف، في حين أنّه لم يكن بعيداً عن الواقع. فبعد تيار “المستقبل”، تعتبرُ الجماعة الإسلامية جهة لها حيثية تمثيلية في مختلف المناطق اللبنانية، وعلى أساس ذلك تعملُ وتنشط انتخابياً بقوة في الوقت الحالي. إلا أنه في مقابل ذلك، كانت هناك أصواتٌ معارضة لـ”تعويم الجماعة الإسلامية”، خصوصاً أن هناك أطرافاً تعتبرها من الجهات “غير المفضّلة داخلياً وعلى الصعيد العربي”. لهذا، فقد وُضِعت بشأن التحالفات مع الجماعة الإسلامية الكثير من علامات الإستفهام، حتى أنّ جهات سياسية مثل رئيس “الحزب التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط تراجع عن “تقارب كلامي – انتخابي” باتجاه الجماعة، وذلك لحسابات سياسية وانتخابية.

 

على صعيد دائرة الشوف – عاليه، كانت الجماعة سبّاقة في إعلان طرح مرشح منها لخوض الانتخابات، وقد كان ذلك كافياً لجعلها عنصراً أساسياً في مفاوضات تشكيل اللوائح والتي يبلغ عددها 7 في الدائرة. أما الأمر الأهم والذي أعطى الجماعة أولوية في المفاوضات، فيرتبط بشكل مباشر بحيثيتها الشعبية التي تقدّر بعض مراكز الأبحاث بأنها تتراوح بين 3 و 4 آلاف صوت. هنا، فإنّ الجماعة تعتبرُ هذا الرقم بمثابة “استفزاز” لها وانتقاصاً من قيمتها ووجودها، ولهذا فإنّ كوادرها يتحدثون عن رقم أعلى بكثير من الرائج، وتشيرُ بعض التقديرات إلى أنه للجماعة الإسلامية في الشوف حوالى 7 آلاف “مُلتزم” بقرارها.  

 

على أرض الواقع، فإنّ الجماعة الإسلامية تخوض معركتها ضمن لائحة “سيادة طن” عبر مرشحها محمد عمار الشمعة. في الأساس، فإنّ الجماعة فشلت في التحالف مع الحزب “التقدمي الإشتراكي” كما فشلت أيضاً في التحالف مع تكتل “التيار الوطني الحر – الوزير السابق وئام وهاب  والأمير طلال أرسلان”. كذلك، فإنّ الجماعة ترى أنها تعرضت للاقصاء من قبل لائحة “توحدنا للتغيير” المنضوية تحت لواء المجتمع المدني، في حين أن هناك أطرافاً أخرى رفضت انضمام مرشح الجماعة إليها.  

فعلياً، فإنّ “النفور” من الجماعة ارتكزَ إلى أمور أساسية يتم الترويج لها باستمرار. وكمثال على ذلك، فإنّ الكثير من الأطراف ترى أن الجماعة متحالفة ضمنياً مع جنبلاط وتصبّ انتخابياً لديه. إضافة إلى هذا الأمر، فإنّ الابتعاد عن الجماعة قد يكون سببه أيضاً ثقلها وتأثيرها الانتخابي، لأنه في حال انضمت إلى لائحة قوية، فإن مرشحها ستكون له حظوظ بالفوز بمقعد سنّي، وبالتالي إقصاء مرشحين آخرين.

طعنة من المجتمع المدني

قبل أسبوع من الآن، غازل رئيس كتلة “اللقاء الديمقراطي” تيمور جنبلاط الجماعة الإسلامية بخطابٍ ألقاه من برجا، إذ قال: “أوجّه تحية للإخوان في الجماعة الإسلامية الذين نتشارك معهم بالثوابت الوطنية حتى لو لم نتحالف هذه المرة في الانتخابات”.   عند هذه النقطة، فإنّ “مغازلة تيمور” للجماعة عزّزت اعتقاداً وتوقعات لدى البعض بشأن وجود نية من الحزب “الإشتراكي” لعدم كسر الجرّة مع الجماعة خلال الانتخابات، أي العمل على استمالتها باتجاه لائحة “الشراكة والإرادة”، وذلك مثلما حصل في العام 2018 عندما ذهبت أصوات من الجماعة باتجاه لائحة “المصالحة” التي كان يدعمها جنبلاط أيضاً آنذاك.  

في هذا الإطار، يقول المسؤول السياسي ضمن الجماعة الإسلامية في جبل لبنان محمد سرور لـ”لبنان24″: “لقد قرأنا مغازلة تيمور جنبلاط، وفيها العجب. يمكن أن يكون نادماً على شيء معين مثل استبعاد الجماعة عن لائحته”. ويضيف: لتيمور رأيه، ولديه كامل الحرية في خياراته، ولكن في السياسة لا ينفع الندم”.  

خلال حديثٍه، لا يخفي سرور سخط الجماعة الإسلامية على لائحة “توحدنا للتغيير”، إذ اعتبر أن أقطابها عمدوا اإلى اد الجماعة من لائحتهم وعملوا على طعنها، ويقول: “حاولنا منذ البداية دمج اللوائح والوصول إلى جبهة واحدة موحدة من قوى المجتمع المدني، إلا أننا تفاجأنا بأن الطريق مسدودة، وهناك جهات لا تريد الجماعة الإسلامية معها، وذلك خوفاً من وصول مرشحها الذي سيحظى بأرقام مرتفعة انتخابياً”.  

 

ورأى سرور أن “المرشحين مارك ضو وغادة عيد ضمن لائحة توحدنا للتغيير، كانا من المسؤولين عن استبعاد الجماعة من لائحتهما”، وقال: “برأيي الشخصي، فإنّ منطق غادة ومارك كان سبباً في تشكل لوائح أخرى. لو بقينا على جبهة واحدة، لكان باستطاعتنا تحصيل أكثر من حاصل انتخابي واحد. باختصار، وجودنا على لائحة قوية هو وصول لمرشحنا وهذا ما لم يقبل به أي طرف”.  

 

بيعٌ وشراء؟

 

وفي ظل هذه المشهدية القائمة، لا تنفصل عن الجماعة الإسلامية عبارة “بيشترو وببيعو وقت الانتخابات”.  

 

في الواقع، فإن هذا العبارة تكشف عن أن الجماعة تسير “بحسب الموجة”، في حين أن هناك مرجعية سياسية بارزة تقول لـ”لبنان24” إن “الجماعة كانت ترهن أصواتها لجنبلاط مقابل الأموال، وقد حصل ذلك سابقاً خصوصاً في العام 1996”.  

 

ولهذا، فإن المبدأ السائد عن الجماعة الإسلامية دفع ببعض المراقبين إلى اعتبار مسألة “مغازلة تيمور” هي استعطافٌ للجماعة من أجل الفوز بأصوات منها لصالح لائحته، لكن هذا الأمر يحتاجُ مباشرة لقرار من الجماعة، وهو الأمر الذي سيؤدي بها إلى الانقسام ضمن إطارها الداخلي، لأن هناك اجماعٌ كامل على الاستمرار بالاستحقاق مع مرشحها بشكل كبير ومن دون أي تراجع، وفق ما قال سرور.  

 

ويضيف: “ليس صحيحاً أننا نتخب لائحة جنبلاط بشكل دائم. هناك أماكن لها خصوصية، وعندما لا يكون لدينا مرشح، فإن القرى تختار ما يتناسب مع وضعها. في العام 2018، كانت المعركة طويلة وكبيرة في الإقليم، وكل انسان اقترع لمصلحة أهله ومجتمعه، وكانت لدينا مواجهة مع اهل السلطة بما فيهم جنبلاط”.

 

وتابع: “النائب السابق علاء ترو  الذي يمثل الحزب الإشتراكي في الإقليم، تواصل مع الجماعة وكانت هناك مساعٍ من قبله لحسب مرشحنا. قد يكون سبب هذا التواصل هو لأن الأستاذ علاء وجد نفسه في حشْرة. لكن مع كل ذلك، فإننا نطمئن بأن الجماعة مستمرة بترشيح عمار ولا تراجع عنه أبداً.

 

بديل عن “المستقبل”؟

 

وفي ظل كل التبدلات والتغيرات، لا يعتبرُ سرور أن الجماعة هي البديل عن “المستقبل” في الشوف – عاليه وفي كل لبنان، ويضيف: “ما من أحد يستطيع أن يكون بديل الآخر في السياسية. إذا لم تكن موجوداً انتخابياً فهذا لا يعني أنك غائب عن القاعدة الخاصة بك. تيار المستقبل مغيب قسراً وهو يعرف ظروفه بشكل أكبر”.  

 

وأردف سرور: “نحن لسنا بديلاً أبداً ولكن يمكننا تعبئة هذا الفراغ القائم، وعندها لا تضيع البوصلة عند القيادة السنيّة وتكون في مكانٍ آخر”.  

 

في المحصلة، فإنّ ما يتبين هو أن الجماعة ماضية في معركتها الانتخابية حتى الرمق الأخير، لكن الأرقام تشيرُ إلى أن لائحة “سيادة وطن” قد لا تنال الحاصل الانتخابي مقارنة بلائحة “توحدنا للتغيير” التي قد تظفر بحاصل واحد مضمون. واليوم، فإنّ رهان الجماعة الإسلامية واستمراريتها سنكشف خلال الأيام المقبلة، وعلى ضوء المستجدات يتحدّد الخيار الجديد.  

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى