آخر الأخبارأخبار دولية

مارين لوبان تفشل مجددا في الوصول إلى سدة الحكم


نشرت في: 24/04/2022 – 20:51

فشلت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان للمرة الثانية على التوالي بالوصول إلى سدة الحكم في فرنسا. لوبان التي ربما قد خاضت غمار آخر انتخابات رئاسية في مسيرتها السياسية، لم تتمكن من قلب الطاولة على الرئيس إيمانويل ماكرون رغم حملة انتخابية وصفها المتتبعون للشأن السياسي الفرنسي بأنها “ناجحة”. غيرت لوبان صورة حزبها وجعلته يحظى بقبول أكثر من قبل الفرنسيين، لكن هذا لم يكف لكي تجتاز أبواب قصر الإليزيه. فيما يلي عودة على أبرز المحطات السياسية أو الخاصة في حياتها.

لن تدخل مارين لوبان، زعيمة حزب “التجمع الوطني” (اليمين المتطرف) قصر الإليزيه بعد أن فشلت للمرة الثانية على التوالي في الحصول على أغلبية الأصوات التي تسمح لها بتولي منصب أول رئيسة جمهورية في فرنسا. زعيمة “التجمع الوطني” جاءت في المرتبة الثانية بـ 41.8 بالمئة من الأصوات أمام الفائز إيمانويل ماكرون الذي حصل على 58.2 من الأصوات وفق التقديرات الأولية.

وبهذا تكون مارين لوبان التي رمت بكل ثقلها في الحملة الانتخابية وغيرت صورة حزبها لتجعله أكثر قبولا لدى الفرنسيين قد طوت صفحة هامة من نضالها السياسي على رأس حزب غيرت حتى اسمه لكي يضاعف حظوظه في الوصول إلى سدة الحكم.

بعد خمس سنوات من مرورها إلى الدورة الثانية في الانتخابات الرئاسية 2017، عاودت مرشحة “التجمع الوطني” مارين لوبان (53 عاما) الكرة مرة أخرى في 2022، وتنافست من جديد في نهائي السباق الرئاسي الذي جمعها مع الرئيس المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون. 

لكن ظهور مرشح حزب “الاسترداد” إيريك زمور في هذه الانتخابات بثوب منافس لمارين لوبان، لا سيما بخطابه الناري ضد الهجرة والإسلام، شكل أول عقبة لها في هذه الانتخابات، خاصة وأن مجموعة من كوادر حزبها، وعلى رأسهم ابنة شقيقتها ماريون ماريشال، غادروا الحزب على حين غرة ليعززوا صفوف زمور.

ورغم أنها عرفت كيف تتجاوز الأزمة في أسرع وقت، إذ ظلت تحتل المرتبة الثانية في استطلاعات الرأي خلال حملة الدورة الأولى، إلا أن الحظ لم يكن من نصيبها في الدورة الثانية.  

مارين لوبان بـ”نيو لوك” سياسي جديد 

اكتشف الناخب الفرنسي في هذه الانتخابات مارين لوبان جديدة بخطاب مشذب، يخالف تماما ما عرفت به هي وحزبها اليميني المتطرف في مثل هذه المحطات السياسية، حيث كان يشحذ كل أدواته لمهاجمة المهاجرين والإسلام ،إضافة لمواقفه العدائية إزاء أوروبا. وتركت هذا الدور هذه المرة لغريمها إيريك زمور.  

“لقد تغيرت” مارين لوبان، كما يحلو القول للعديد من المراقبين، على الأقل على مستوى الخطاب، لا سيما وأن كل تحركاتها لإحداث هذا التحول لم تكن عفوية بل جاءت وفق استراتيجية على مستوى التواصل مع الرأي العام، أطلقتها منذ سنوات برفقة حزبها “التجمع الوطني”. 

فلم تظهر لوبان بتلك الشراسة في الخطاب حتى إن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمان، انتقد في برنامج تلفزيوني جمعهما، “رخاوتها” في بعض مواقفها السياسية. كما أنها ظهرت في صور على حسابها على تويتر، الذي يتابعه 2,6 مليون شخص كـ”أم للقطط” كما اختارت أن تصف نفسها.   

للمزيد: لوبان-ماكرون… رؤيتان للعالم

وبالنسبة لخطابها تجاه أوروبا، توقفت لوبان عن المطالبة بالخروج من الاتحاد وإنهاء التعامل باليورو، وتحدثت عن الإسلام على أنه “يتماشى مع الجمهورية”، وغيرها من “المواقف” التي تفيد أننا أمام يمين متطرف بوجه جديد، لكن على مستوى الجوهر، لا شيء تغير والبرنامج السياسي للحزب بقي عموما هو نفسه. 

“ضد التيار” 

ولدت مارين لوبان، واسمها الحقيقي ماريون آن بيرين لوبان، في 5 أغسطس/ آب 1968 في نويي سور سين  بضواحي باريس.

بالنسبة لهذه الابنة الثالثة والأخيرة (بعد ماري كارولين ويان) لمؤسس حزب “الجبهة الوطنية”، جان ماري لوبان، كانت السياسة تجري في عروقها منذ صغرها. في سيرتها الذاتية بعنوان “ضد التيار”، التي نُشرت في عام 2006، تروي أنها دخلت “السياسة بشكل كامل” في سن الثامنة تحديدا عندما نجت من هجوم استهدف شقة العائلة، وهو أحد “أهم الأحداث التي بصمت طفولتها”.  

واجهت مارين لوبان زخما من الامتحانات الشخصية في حياتها: طلاق والديها، الصور المثيرة لوالدتها التي نشرت في مجلة “بلاي بوي”، الشتائم عندما كانت ترافق والدها في سن الخامسة عشرة في أسفاره خلال حملة الانتخابات البلدية لعام 1983. لكن لم يثنها كل ما ذكر عن دخول غمار السياسة. بمجرد بلوغها سن الرشد انخرطت بشكل رسمي في حزب والدها “الجبهة الوطنية”.

في مرحلة الثانوية، لم تكن مارين لوبان قدوة يمكن اتباعها، حسب أساتذتها. فهذه التلميذة التي حصلت على نقطة 4 على عشرين في الفلسفة، لم تحصل على شهادة البكالوريا إلا في محاولتها الثانية عبر الدورة الاستدراكية. حصلت على درجة الماجستير في القانون ثم على دبلوم الدراسات المعمقة في القانون الجنائي في 1991، قبل أن تشتغل في المحاماة. والمفارقة أنها دافعت عن مهاجرين غير شرعيين. 

“بدون كراهية” 

كممارسة للسياسة، كان عليها أن تحتك مع صناديق الاقتراع يوما لعلها تضمن مقعدا في إحدى المؤسسات المنتخبة، لأنه سيشكل خطوة أولى في التعاطي عن قرب مع الشأن العام. وتسنى لها هذا الأمر في 1998 حين انتخبت مستشارة جهوية لمنطقة نورد با دو كاليه.

في العام نفسه أنجبت لوبان طفلة ثم توأمين عام 1999 دون أن يؤثر وضعها الأسري الجديد على طموحها في التسلق نحو المراتب العليا بحزب والدها. بعض خرجاتها الإعلامية حول الإجهاض أو الدين أثارت انتقادات كوادر داخل “الجبهة الوطنية”، إلا إنه كان مصير هؤلاء الإبعاد. فالوالد لوبان كان يثق في مستقبل نجلته بل كان يحضرها لتسلم الشعلة يوما منه، ولم يكن يقبل بالتشويش على مشروعه في نقل الرئاسة إلى ابنته. 

اكتشف الرأي العام الفرنسي هذه الناشطة في اليمين المتطرف على بلاتوهات التلفزيونات في 2002 عند مرور والدها جان ماري إلى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية إلى جانب الرئيس الراحل جاك شيراك. بعد أن اعتذر قيادي في “الجبهة الوطنية” عن الحضور في نقاش تلفزيوني، حلت محله مارين لوبان. كانت محاورة غير سهلة بالنسبة لخصومها السياسيين. بعد أن تضايق من تدخلاتها، لم يجد وقتها ميلنشون الذي كان حاضرا على البلاتو إلا عبارة “من هي هذه؟” بينما أطلق الجمهور صرخات استهجان ضدها، فيما ردت هي عليه: “بدون كراهية بدون عدم التسامح سيدي”.

مارين لوبان تصطدم بجدار الديمقراطية والصندوق

كانت لوبان مصممة في طموحاتها السياسية أن تذهب إلى أبعد حد وبإصرار لا يتوقف. واستحقت بذلك لقب “الحيوان السياسي” (تعبير بالفرنسية يعني ذو العزم والتصميم – أسرة التحرير) من قبل مراقبين. ووجدت في منطقة شمال فرنسا، التي تضررت اجتماعيا كثيرا بسبب إغلاق عدة معامل أبوابها، أرضية خصبة لزرع أفكارها. وتم انتخابها نائبة بالبرلمان الأوروبي في عامي 2004 و2009.  

في 2011، دقت ساعة نقل مسؤولية الحزب اليميني المتطرف “الجبهة الوطنية” من الوالد لوبان إلى الابنة مارين. وتمت العملية فعلا في مدينة تور غرب فرنسا بموجب المؤتمر 14 للحزب، حيث فازت على أحد الأسماء اليمينية المتطرفة المعروفة برونو غولنيش. 

جربت لوبان حظها لأول مرة في الانتخابات الرئاسيات في 2012، وحصلت على 17,90 من الأصوات في الجولة الأولى. وفي الوقت نفسه أدخلت “الجبهة الوطنية” في مرحلة جديدة من التغيير، بدءا بالخطاب ثم الاسم، الذي تحول إلى “التجمع الوطني” في 2018 بعد أن تخلصت من والدها في 2015، الذي كان يحتل موقع الرئيس الشرفي للحزب، بسبب تصريحاته العنصرية أو المعادية للسامية التي كانت تقوض محاولاتها في إعطاء صورة معاكسة للحزب وتبييضه في عيون الفرنسيين.  

لو فازت مارين لوبان بالانتخابات الرئاسية لكانت أول امرأة ترأس فرنسا. كما أن وصول اليمين المتطرف إلى قصر الإليزيه سيكون سابقة في تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة. لكن الفرنسيين فضلوا إعطاء مفاتيح قصر الإليزيه لإيمانويل ماكرون للمرة الثانية على التوالي لتصطدم مارين لوبان بجدار الديمقراطية والصندوق كما كان الحال في 2017. فهل سترحل عن السياسة هذه المرة؟

 

فرانس24


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى