“صاروا عشرة”-اليوم الوطنيّ للتلامذة ذوي الصعوبات التعلّميّة
بمناسبة اليوم الوطني للتلامذة ذوي الصعوبات التعلمية، كتب سمير فسطنطين في جريدة النهار:
حدث ذلك في مثل هذا اليوم، قبل عشر سنوات بالتمام. وزارة التربية والتعليم العالي بشخص الوزير آنذاك حسان دياب، والمركز التربويُّ للبحوث والانماء، والمركز الثقافي البريطاني، ومركز سكيلد للصعوبات التعلميّة، وراغب علامة سفير النوايا الحسنة، يُطلقون “اليوم الوطني للتلامذة ذوي الصعوبات التعلميّة”. مذ ذاك، بات لـ 22 نيسان معنىً آخر وبُعدٌ وطنيٌّ في الوجدان.
من هُم هؤلاء الذين نطلق عليهم تسمية “التلامذة ذوي الصعوبات التعلميّة”؟ هُم 13 في المئة تقريباً من مجموع عدد التلاميذ في لبنان. فمثلاً، إذا كان في صفّ ولدك ستّةٌ وعشرون تلميذاً، إعلم أنّ إثنين من هؤلاء يعانيان صعوباتٍ تعلّميّة. “الصعوبات التعلميّة” هي مجموعة من الاضّطرابات تظهر من خلالِ صعوبةٍ في اكتساب القدرات السمعيّة والكلاميّة والقرائيّة والكتابيّة والتحليليّة والحسابيّة، وفي استخدام هذه القدرات. من هذه الصعوبات، تلك التعلّميّة النَمائيّة مثل صعوبات في التفكير، واللغة، والتركيز، والتذكّر، والإدراك. ومنها صعوباتٌ تعلّميّة أكاديميّة من مثل التهجئة والقراءة والكتابة والحساب. ونتيجة للصعوبات التعلميّة، يعاني التلميذ صعوبات اجتماعيّة نفسيّة تؤثّر في تطوّره كشخص سويٍّ فاعل في مجتمعِه، قادرٍ على التواصل والإنتاج، منها المفهوم المتدنّي للذات كقلّة الثقة بالنفس، والاتّكاليّة، والانسحاب الاجتماعي، إضافة إلى السلوك المضّطرب بشكل عام.
في الزمن الذي كُنتُ فيه تلميذاً في المدرسة، كان هؤلاء التلاميذ يُنعَتون بأنّهم “كسلانين” أو “تلابيس” أو “مش نافعين لشي”. وكان أهلُ هؤلاء التلاميذ يسمعون في المدارس عبارات مثل: “مدام إبنك ما بيِطْلَع من أمرو شي” أو “يا أستاذ خودْ هالصبي عَلْمو شي صَنعة لأنّو مش متل رفقاتو”.
لكن ومع مرور الوقت وتقدُّم الأبحاث التربويّة والنفسيّة، بدأ الجميع يدرك أنّ هؤلاء بحاجةٍ إلى رعايةٍ خاصّة ذلك لأنّ أوضاعَهم خاصّة. وبدأت عملياتُ التشخيصِ لهم التي بيّنَت أيضاً أمراً طريفاً وهو أنّ التلاميذ ذوي الصعوبات التعلّميّة غالبًا ما تكون قدراتُهم العقليّة طبيعيّة أو أقرب للطبيعيّة وقد يكونون من الموهوبين.
المهم الآن أنّ في لبنان ما يزيد على الماية ألف تلميذ وتلميذة من الذين يعانون صعوباتٍ تعلّمية. حقّهم علينا جميعاً أن نعي أنّهم موجودون، وأن نتعاطى معهم على قاعدة “كيف نردّ لهم حقوقهم المسلوبة منهم”؟ المؤسّسات الخاصّة أبدَعَت “على قد إمكاناتها” في التعاطي مع هذا الموضوع، لكن عدد الذين شملتهم خدمتها ما زال قليلاً جدّاً. وزارة التربية من جهتها أطلقت برنامج الدمج في الـ 2016 في ثلاثين مدرسة رسميّة. لكن الحاجات هائلة والكلفةُ عالية.
هي دعوة هذا الصباح إلى الجميع إلى الارتقاء بالموضوع إلى حجم “قضيّة وطن”. هؤلاء التلامذة يشبهون كلّ لبنان وحقّهم هو على كلِّ لبنان. وهو نداء أيضاً لكي تتبنّى الموضوع لجنةٌ وطنيّة مشتركة من وزارات التربية والشؤون الاجتماعيّة والصحّة، فيها حضورٌ خبراتي تربويٌّ للقطاع الخاص، مهمّتُها الأولى والأخيرة وضع استراتيجيّة وإيجاد تمويلٍ لها من جهاتٍ مانحة لكي تشمل العنايةُ الصحيحةُ كلَّ الذين يعانون صعوباتٍ تعلميّة فوق الأراضي اللبنانيّة.
إذا كان هؤلاء بحاجة إليك لا تخذلْهم في ربيع عمركَ، ففي خريف العمر لن تكونَ أنتَ تلميذاً ذا صعوباتٍ تعلّميّة، لكنّك ستكون إنساناً ذا احتياجاتٍ خاصّة. كلّنا في مكان ما بحاجة إلى بعضنا البعض لنتمتّع في مراحل عمريّة مختلفة بمواطنيّتنا كاملةً.
سمير قسطنطين، “وزنات”
مصدر الخبر
للمزيد Facebook