آخر الأخبارأخبار دولية

هل تنجح مارين لوبان في انتزاع مفاتيح الإليزيه من ماكرون؟

نشرت في: 12/04/2022 – 15:51

أصبح اليمين المتطرف أقرب أكثر من أي وقت مضى من الحكم في فرنسا. فالدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي أجريت الأحد 10 أبريل/ نيسان، حملت مجددا، على غرار استحقاق 2017، مارين لوبان وإيمانويل ماكرون إلى المرحلة المقبلة والحاسمة في المعركة الانتخابية. لكن “اللعبة” ليست محسومة سلفا. الكثير من المؤشرات تشير إلى إمكانية فوز لوبان في هذه الانتخابات. فهل تنجح لوبان في انتزاع مفاتيح الإليزيه من ماكرون؟

أظهرت نتائج الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية أن اليمين المتطرف في هذا البلد في أزهى أيامه، وبلغ التأييد لأفكاره مستوى غير مسبوق في مساره السياسي. ورغم أن أصوات أنصاره توزعت بين أكثر من مرشح، إلا أن مارين لوبان ممثلة “التجمع الوطني” في الاستحقاق حصدت أكبر عدد من هذه الأصوات.

وجاءت لوبان (23,15%) في المرتبة الثانية بعد الرئيس المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون (27,84%) ليتأهل المرشحان للمرحلة الحاسمة في الاقتراع، والتي سيتحدد بموجبها في 24 أبريل/ نيسان من سيحظى بثقة الفرنسيين، ليمنحوه مفاتيح الإليزيه لمدة خمس سنوات.

وهي ثاني مرة تصل فيها لوبان إلى الدورة الثانية بعد 2017، حيث واجهت أيضا ماكرون. وكان والدها جان ماري لوبان هو أول مرشح يميني متطرف يحمل هذا المعسكر السياسي، المعروف بطروحاته المتشددة تجاه المهاجرين والمسلمين، إلى الدورة الثانية من السباق الرئاسي. وتأهل لوبان الأب في 2002 إلى جانب الرئيس الراحل جاك شيراك الذي فاز بالانتخابات.

وتبرز نتائج الدورة الأولى أن أكثر من ربع الناخبين صوتوا لليمين المتطرف، باحتساب نسبة الأصوات التي حصل عليها مرشح حزب “الاسترداد” إيريك زمور (7.1٪) ونيكولا ديبون إينيان “انهضي فرنسا” (2.1٪)، وكلاهما دعوا للتصويت لصالح مارين لوبان في الدورة المقبلة.

للمزيد – الانتخابات الرئاسية الفرنسية: أيهما الخاسر الكاسب… ميلنشون أم زمور؟

استراتيجية جديدة لمارين لوبان؟


01:24

استراتيجية جديدة في الاستقطاب

لم تظهر مارين لوبان في بدايات حملتها الانتخابية بوجه مقنع، وتوجهت الأنظار أكثر إلى منافسها، من نفس الخط الإيديولوجي والسياسي، إيريك زمور الذي شغل الرأي العام الفرنسي لشهور طويلة بتصريحاته النارية ضد المهاجرين والإسلام، وتصاعد نجمه إعلاميا، ما شجع قياديين في حزب “التجمع الوطني” من الدائرة المقربة من لوبان للالتحاق به، وكانت أبرز هؤلاء ابنة شقيقتها ماريون ماريشال لوبان.

لكن هذا الواقع الجديد الذي فرض عليها من داخل معسكرها السياسي، لم يحبط آمال مارين لوبان في مواصلة جهودها لإقناع الفرنسيين ببرنامجها. لتحتل المرتبة الثانية في استطلاعات الرأي بعد ماكرون طيلة الحملة الانتخابية، معتمدة استراتيجية جديدة في مخاطبة الناخبين، ولربما كانت هي الأولى في مثل هذه المحطات السياسية بالنسبة لليمين المتطرف.

ففي الوقت الذي واصل فيه زمور توجيه الاتهامات القاسية للمهاجرين والإسلام أيضا، ركزت هي أكثر على القدرة الشرائية. وتزامنت هذه الاستراتيجية مع ارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية في ارتباط مع الحرب بأوكرانيا. وقدمت بخصوصها وعودا انتخابية تساعد الفرنسيين على مواجهة صعاب الحياة مع هذا الوضع الجديد من التضخم.

والمقاربة التي اعتمدتها مرشحة “التجمع الوطني” في خوض هذه الانتخابات، تفيد أنها تواصل رسم صورة جديدة عنها وعن حزبها في إطار عملية تجديد في الهيكلة باستقطاب طاقات شابة، كما هو شأن رئيس الحزب بالوكالة جوردان بارديلا، والطرح أيضا بالخروج عن السياقات الإيديولوجية والسياسية الكلاسيكية لليمين المتطرف المتمرسة عادة في قضايا الهجرة والإسلام.

ماهي حظوظ مارين لوبان؟


03:12

هل بإمكانها انتزاع مفاتيح الإليزيه؟

هذه الاستراتيجية الجديدة والنوعية في تعاطي لوبان مع الناخب، أكسبتها حضورا دائما في الحياة السياسية الفرنسية رغم فشلها في الانتخابات الرئاسية السابقة. ويعتقد مراقبون أنها بصدد قطف ثمارها اليوم، ولربما ستمكنها من انتزاع مفاتيح الإليزيه من ماكرون في 24 أبريل/ نيسان.

كما قد يرفع من حظوظها في الفوز خوضها معركة الدورة الثانية برصيد من التجربة، اكتسبتها في الاستحقاق الرئاسي السابق، وهو ما تحدثت عنه في تصريح لها قائلة: “نواجه هذه الدورة الثانية متسلّحين بخبرة حصلناها قبل خمس سنوات ستعود علينا بنفع كبير”.

وكل القراءات اليوم تفيد أن اليمين المتطرف، ممثلا في المرشحة مارين لوبان، هو أقرب أكثر من أي وقت مضى من الإليزيه. أكيد أن سيناريو 2017 يتكرر اليوم في هذه الانتخابات، لكن ليس بنفس الصيغة، و”الجبهة الشعبية” المعول عليها في مثل هذه المحطات، كما حدث في 2002 مع والدها و2017 معها، قد لا تنجح الآن في قطع الطريق عليها. لأنها فقدت الكثير من قوتها، رغم دعوة ثلاثة مرشحين منها للتصويت لماكرون: يانيك جادو (عن حزب الخضر مع 4,63 % من الأصوات) وفابيان روسيل (عن الحزب الشيوعي مع 2,28 % من الأصوات) وآن هيدالغو (عن الحزب الاشتراكي مع 1,75 % من الأصوات).

وأيضا، لكون هذه “الجبهة” لا تتمتع بنفس التماسك الذي كانت عليه في الاستحقاقين المذكورين، 2002 و2017، بيد أن استطلاعات للرأي تفيد أن ما يقرب من نصف الذين صوتوا لمرشح “فرنسا الأبية” جان لوك ميلنشون، (21,9  بالمئة)، لا يعتزمون التصويت والربع منهم يريدون التصويت لمارين لوبان لأسباب اجتماعية بالدرجة الأولى. 

الإعلامي والمحلل السياسي كمال طربيه يفسر أكثر لفرانس24 الإمكانيات المتاحة لمرشحة اليمين المتطرف في الوصول إلى الحكم: “أعتقد أن مارين لوبان لها حظوظ جدية في الفوز بالدورة الثانية. وهذا مرتبط بما يمكنها أن تستقطب من أصوات من اليمين تحديدا ومن اليسار أيضا. فهي تمتلك احتياطيا من الأصوات العائدة لإيريك زمور اليميني المتطرف الآخر، وتمتلك أيضا خزانا من الأصوات في الجناح التابع لإيريك سيوتي، الممثل للجناح الصلب في اليمين التقليدي، المشهور بطروحاته اليمينية المتطرفة والقريبة جدا من طروحات مارين لوبان، وسبق أن أعلن أنه “لم يعط صوته لماكرون”. ما يعني أن أنصاره في الحزب الجمهوري قد يصوتون لها. فيما دعا الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، المحسوب على نفس الحزب، إلى التصويت لماكرون، شأنه شأن مرشحته فاليري بيكريس أحد الخاسرين الكبار في هذا الامتحان الديمقراطي.

ما الذي تغير في خطاب لوبان لمواجهة ماكرون؟


03:27

كما أنه “من الممكن أن تحصل لوبان على بعض الأصوات من ميلنشون”. يضيف طربيه، أي “هناك سلة من الأصوات الاحتياطية تصب في صالحها. وهناك مسألة أخرى قد تلعب لصالحها أيضا إذا ما كان هناك امتناع كبير عن التصويت. وإذا ما نظرنا لأجواء الإحباط والغضب الذي يخيم على أنصار ميلنشون، نرى أن هناك اتجاه إلى الامتناع عن التصويت. هذا ما قد يؤهلها للفوز بالانتخابات. لا أقول أن الأمر حسم، لكن لا يجب الاستهانة بإمكانية وصول لوبان إلى قصر الإليزيه”.

رهان على ناخبي “فرنسا الأبية”

هناك رهان كبير من قبل المتنافسين الاثنين، لوبان وماكرون، على الكتلة الناخبة لحزب “فرنسا الأبية” في حسم السباق، علما أن حامل لوائها في هذا الاستحقاق جان لوك ميلنشون دعا لعدم التصويت لمارين لوبان، لكنه لم يعط توجيهات لأنصاره لمنح أصواتهم لماكرون. 

ورغم تأكيد ميلنشون على عدم التصويت لصالحها، فمرشحة اليمين المتطرف تتمسك بالأمل في استمالة أصوات جزء من كتلته الناخبة. ولهذا الهدف، تتبنى خطابا وحدويا بين الدورين متجاوزة الأسلوب الحزبوي المعتمد عادة من قبل هذا الصف السياسي في مثل هذه المناسبات. 

وقالت لوبان في كلمة لها: “لقد قررت التحرر من العلاقات الحزبية لمخاطبتكم. وسأواصل القيام بذلك لأكون، بعد الدورة الثانية رئيسة لكل الشعب الفرنسي”. ودعت “كل الذين لم يصوتوا” لماكرون إلى “الالتحاق بها” في إشارة لناخبي ميلنشون. 

وكان رئيس حزبها بالوكالة جوردان بارديلا أكثر وضوحا في توجيه نداء لناخبي ميلنشون: “كثيرون من ناخبي جان لوك ميلنشون يرفضون التقاعد عند الخامسة والستين ويرفضون تسليم زمام السياسة الفرنسية إلى شركات خاصة مثل ماكنزي… وسيصوتون لمارين لوبن في الدورة الثانية بحسب اعتقادي”. 

“فالأمر لم يحسم بعد” بالنسبة لمحرر الشؤون الدولية في فرانس24 خالد الغرابلي. “12 بالمئة من الذين سيصوتون قد يغيرون رأيهم حسب سبر للآراء، واستطلاع للرأي آخر يرى أن ماكرون سيفوز بـ51 بالمئة من الأصوات مقابل 49 لمارين لوبان. يعني أن الهامش قليلا”، ما يجعل هذه المعركة الانتخابية غير محسومة سلفا، وقد تفرز لوبان فائزة فيها. 

 

بوعلام غبشي


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى