آخر الأخبارأخبار محلية

إتهم واشنطن بمحاولة تعطيلها.. السيد نصر الله “يرسم” خريطة الانتخابات!

رغم شموله بعض الملفّات الإقليمية المهمّة، على غرار الهجمات الفدائية الأخيرة في فلسطين، والهدنة المُعلَنة في اليمن، إلا أنّ خطاب الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله مساء أمس بدا إلى حدّ بعيد “انتخابيًا بامتياز”، حيث حدّد موقف “الحزب” من الاستحقاق المُنتظَر، الذي قال مرّة أخرى إنّه سيخوض فيه “معركة الحلفاء” بشكل أو بآخر!

 

لعلّ ما كان لافتًا في خطاب السيد نصر الله أنه سعى مرة أخرى إلى تأكيد “جهوزية” فريقه السياسي للانتخابات، في إطار “دحض” الاتهامات التي تُوجَّه له حول السعي إلى “تطييرها”، كرمى لعيون هذا الحليف أو ذاك، عبر افتعال توتّرات ربما، بل إنّه ذهب إلى رمي التهم في “الاتجاه المعاكس”، عبر التلميح إلى أنّ الأميركيّين هم من سيحاول تعطيل الاستحقاق وإجراءه، بالنظر إلى أنّ “رهانهم” على إسقاط “حزب الله” عبر صناديق الاقتراع لم يعد واقعيًا.

 

لكنّ السيد نصر الله، الذي ثبّت مرّة أخرى اهتمام حزبه، الذي يبدو لكثيرين “مُبالَغًا به” في مقاربة الانتخابات المقبلة، متحدّثًا عن ثلاثة مهرجانات انتخابية سينظمها بعد شهر رمضان، ويتحدث فيها “بالمباشر”، رسم بشكل أو بآخر “خريطة” مرحلة ما بعد الانتخابات، التي وضع “الحوار والتوافق” عنوانًا لها، بمُعزَل عن النتائج التي ستفرزها، رافضًا ما وصفه بـ”المنطق الإلغائي”، خصوصًا في مرحلة دقيقة كالتي يعيشها لبنان هذه الأيام.

 

من يعطّل الاستحقاق؟

في خطابه، حرص الأمين العام لـ”حزب الله” على إضفاء “الجدية” على استحقاق الانتخابات، في مواجهة “مناخ التشكيك” الذي لا يزال طاغيًا بالنسبة إلى كثيرين، رغم أنّ التحضيرات اللوجستية والعملياتية قطعت الشوط الأكبر، وأنّ الحملات الانتخابية وصلت إلى “ذروتها”، مع اكتمال التحالفات واللوائح، ومع أنّ شهرًا واحدًا تقريبًا بات يفصل عن “اليوم الموعود”، الذي بدأت القوى والأحزاب السياسية تستعدّ له بكلّ طاقتها.

 

وإذا كان السيد نصر الله قد عدّد في خطابه، بعض العوامل أو “الألغام” التي قد تُستخدَم كذريعة لتعطيل الاستحقاق أو تأجيله، وأولها المطالب الاجتماعية، استنادًا إلى اعتكاف القضاة وإضراب المعلمين والهيئات الدبلوماسية، فإنّه “تعمّد” رمي الكرة في ملعب خصومه بشكل مباشر، حين قال إنّ “من حقّه” القول إنّ السفارة الأميركية وبعض القوى السياسية في الفريق الآخر ستعمل على تعطيل الانتخابات أو تأجيل الاستحقاق.

ولعلّ السيد نصر الله أراد، وفق ما يرى بعض المتابعين، القول إنّ الأميركيين وحلفاءهم في لبنان ليسوا “متحمّسين” للانتخابات بعدما أدركوا أنّ الجو المحيط بها “مغاير” لما كانوا يخططون له، حيث بيّنت معظم الاستطلاعات والتقديرات أنّ “حزب الله” قد يكون “الرابح الأكبر” فيها، ولا سيما بعدما نجح في “توحيد” لوائحه خلافًا للقوى الأخرى التي تعاني من “التشتّت”، وبالتالي فإذا ما كان هناك من خشية على حصول الانتخابات، فإنّ مصدرها ليس الحزب.

 

تأكيد على “المعركة

وبعيدًا عن تعطيل وتأجيل الاستحقاق، فإنّ السيد نصر الله واصل في خطابه سياسة “التعبئة”، إن جاز التعبير، من خلال التشديد على أهمية الانتخابات، والتأكيد على خوض “معركة الحلفاء”، وكان لافتًا في هذا السياق سعيه لثني جمهوره على التعامل مع المعركة وكأنّها “محسومة سلفًا”، ما قد يؤدي إلى خفض نسبة المشاركة، وتذكيره في هذا السياق بتجربة انتخابات 2009 التي جاءت نتيجتها مغايرة لكلّ التقديرات والتوقعات بسبب ذلك.

 

لكن “استذكار” تجربة 2009 جاء ربما أيضًا في إطار سعي السيد نصر الله لتحديد مسار ما بعد الانتخابات، بمعزل عن نتائجها، وسواء كانت الأكثرية في “يد” قوى الثامن من آذار أم لا، وعنوانه “التوافق والحوار”، لأنّ أحدًا لا يستطيع إلغاء الآخر، وفق ما قال، علمًا أنّه رفض كذلك فرضيّة حصول أيّ فريق على الثلثين في مجلس النواب، معتبرًا أنّ مثل هذا الهدف “غير منطقي وغير واقعي“.

 

باختصار، يرى البعض أنّ الأمين العام لـ”حزب الله” رسم ملامح ما بعد الانتخابات لتكون كما قبلها، بمعزل عن حصوله على الأكثرية النيابية العددية أو الميثاقية أم لا، لتبقى السياسة قائمة على الحوار والتوافق والتفاهم، خصوصًا أنّ المرحلة المقبلة قد تكون من الأكثر “دقة” في تاريخ لبنان الحديث، باعتبار أنّ إجراءات “قاسية” يُعتقَد أنّها تنتظر اللبنانيين، في إطار مسار “الإنقاذ” الذي وضعت الحكومة الحالية الحجر الأساس له.

 

قد لا يكون عاملاً مبشّرًا أن يستمرّ “تراشق الاتهامات” بالسعي إلى تعطيل الانتخابات قبل شهر فقط من موعدها، ولو أنّ كلّ الأجواء “الطبيعية” للانتخابات بدأت تُرصَد بالملموس في مختلف الدوائر الانتخابية. لكنّ الواضح أنّ “حزب الله” لا يتعاطى مع هذه الانتخابات كأيّ انتخابات، هو الذي أعلن ما يشبه “الاستنفار”، وقد جاء خطاب السيد نصر الله بالأمس ليشكل أول “ترجمة عملية” له، من دون جدال!

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى