آخر الأخبارأخبار دولية

بعد قطيعة دبلوماسية لنحو عام… ماذا ينتظر من لقاء الملك محمد السادس ورئيس الوزراء الإسباني؟


نشرت في: 07/04/2022 – 08:22

يقوم رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز الخميس بزيارة للمغرب بدعوة من الملك محمد السادس، هي الأولى من نوعها عقب دخول المملكتين في قطيعة دبلوماسية، استمرت قرابة العام على خلفية قضية زعيم البوليساريو إبراهيم غالي. وتأتي هذه الزيارة، التي توصف بـ”التاريخية”، بعد إعلان مدريد دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء الغربية، وهو ما أعاد الدفء للعلاقات بين البلدين. ويرتقب أن يعقبها استئناف الرحلات البحرية بين الضفتين، واستعادة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية عافيتها بشكل كامل، بل يعتقد مراقبون أن هذه العلاقات ستشهد تطورا أكثر في المرحلة المقبلة.

بعد قرابة العام من القطيعة الدبلوماسية، يتوجه المغرب وإسبانيا بخطى حثيثة نحو مرحلة جديدة في العلاقات بينهما، جسدها التقارب المتواصل بين الرباط ومدريد عقب إعلان الجارة الأوروبية في 18 مارس/ آذار دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء الغربية، معتبرة إياه “الأساس الأكثر جدية وواقعية لحل النزاع”. 

وتوترت العلاقات بين البلدين إثر استقبال أحد المستشفيات الإسبانية في مدينة لوغرونيو شمال البلاد لزعيم البوليساريو إبراهيم غالي بـ”هوية منتحلة” حسب وصف الرباط، التي أعربت وقتها عن “سخطها”، فيما ردت مدريد بأن غالي “كان يحمل أوراقا ثبوتية باسمه دخل بموجبها إسبانيا”. 

لكن صحيفة “إل باييس” كشفت حينها أن زعيم البوليساريو وصل إلى إسبانيا بسرية تامة في 18 نيسان/أبريل 2021 في طائرة طبية وضعتها تحت تصرفه الرئاسة الجزائرية وبحوزته “جواز سفر دبلوماسي”. ثم أدخل، وهو في حالة حرجة، إلى مستشفى لوغرونيو باسم مستعار “لأسباب أمنية”. 

“بادرة قوية جدا” 

لكن هذه الخلافات أصبحت اليوم من الماضي البعيد، ويستعد الطرفان للانطلاق نحو المستقبل بنفس جديد، سيدشن بقمة تجمع بين الملك محمد السادس ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز الخميس في الرباط، بدعوة من العاهل المغربي. 

وأعلن وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس الثلاثاء أن العاهل المغربي سيستقبل رئيس الوزراء الإسباني الخميس في إطار زيارة رسمية، هدفها تأكيد انتهاء أزمة دبلوماسية بين البلدين، استمرت قرابة عام. وسيشاركه وجبة إفطار في لقاء اعتبره رئيس الدبلوماسية الإسبانية “بادرة قوية جدا”. 

وإسبانيا هي الشريك التجاري الرئيسي للمغرب. ويتعاون البلدان في قضايا مختلفة بينها الهجرة والطاقة ومكافحة التطرف. وأعطيت الكثير من التفسيرات للتحول الجذري في موقف إسبانيا من قضية الصحراء الغربية. لكن العديد من القراءات أجمعت على أن مدريد اتخذت هكذا موقف، لأنه من مصلحتها الحفاظ على علاقات من مستوى عال مع الرباط.  

وجاء الدعم الإسباني لخطة الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب في الصحراء الغربية في سياق مواقف مماثلة لكل من الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وإسرائيل ودول أخرى في أفريقيا والعالم العربي. وتؤكد الرباط في كل مناسبة أن مبادرة الحكم الذاتي، التي يعود تاريخ طرحها إلى 2007، هي أبعد ما يمكن القيام به كحل سياسي، وهو ما ترفضه جبهة البوليساريو، المدعومة من الجزائر، والتي تلح على تنظيم استفتاء.  

“مغاربة العالم الضحية الأولى” 

هذا “الخلاف المغربي الإسباني، الذي تواصل لشهور طويلة، كان ضحيته بالأساس مغاربة العالم وخصوصا مغاربة إسبانيا، الذين اضطروا لاستعمال الموانئ الفرنسية وبأسعار تذاكر مرتفعة”، حسب تصريح جمال الدين ريان، رئيس مرصد التواصل والهجرة بأمستردام، لفرانس24. 

وستكون هذه الزيارة “تاريخية”، حسب ريان، نظرا “لتغير موقف إسبانيا من قضية الصحراء المغربية واستئناف الرحلات البحرية من كل الموانئ الإسبانية. سيتمكن مغاربة العالم من استعمال سياراتهم للدخول إلى بلادهم، وستعود الحركية بالموانئ وتنتعش وكالات الأسفار في البلدين”. قبل أن يتساءل “هل سيكون للجانبين الوقت الكافي من أجل تنظيم عملية ‘مرحبا‘ ابتداء من 15 يونيو/ حزيران القادم؟” التي تطلق سنويا بالتنسيق بين الرباط ومدريد من أجل استقبال الجاليات المغربية بأوروبا. 

ولم تتضرر من وقف الرحلات البحرية بين البلدين منذ أكثر من عامين، بسبب الأزمة الصحية ثم الخلافات الدبلوماسية، الجالية المغربية المقيمة بالقارة العجوز فقط، بل مست أيضا “عمال الحدود مع إغلاق معبري سبتة ومليلية منذ مارس/ آذار 2020″، يشير ريان الذي سبق له أن قام بزيارة إلى سكان المنطقة للاطلاع على أوضاعهم عن قرب.  

ويوضح ريان أن “هناك عاملات وعمال مغاربة عالقون داخل المدينتين بعد أن انتهت صلاحية أوراق إقامتهم وكذلك جوازات سفرهم، منذ عامين، لأنه مفروض تجديدها بالمغرب وليس بقنصليته بالجزيرة الخضراء، حيث لا يصنفهم المغرب ضمن مغاربة العالم، أي الجالية، وفقا لاتفاقية بين البلدين”.

وشدد ريان على أن “يطالب المغرب إسبانيا بتسوية الوضعية القانونية” لهؤلاء، وكذلك “الذين بقوا بالمغرب هذه الفترة ولم يستطيعوا الدخول لمزاولة أعمالهم”.

“وحتى أطفال الحدود حرموا من متابعة دراستهم الابتدائية”، يلفت رئيس مرصد التواصل والهجرة، ويشير إلى أن “هؤلاء يتحدرون من المدن والقرى المجاورة لسبتة ومليلية، اختار آباؤهم تسجيلهم بالمدارس الابتدائية والثانوية الإسبانية، ويتابعون تعليمهم بالمدينتين، فكانوا يعودون إلى بيوتهم في كل مساء أو في نهاية الأسبوع”. 

“ترسيخ الموقف الإسباني نحو مبادرة الحكم الذاتي” 

تعد هذه الزيارة، برأي مراقبين، تأكيدا جديدا للموقف الإسباني من قضية الصحراء الغربية. فهو رئيس الوزراء بيدرو سانشيز يقوم بهذه الرحلة “لترسيخ” هذا الموقف برأي الأكاديمي والمحلل السياسي محمد بودن، الذي يعتبر “الموقف الإسباني الجديد والمواقف الدولية المتزايدة الداعمة لوجاهة ومصداقية وواقعية مبادرة الحكم الذاتي في كنف السيادة المغربية، تعبر كذلك عن المكانة الإقليمية التي تتمتع بها المملكة المغربية وثقلها الاقليمي والقاري بفضل دبلوماسية ملكية منتجة للحلول والمبادرات” حسب تعبيره. 

ويضيف رئيس مركز “أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية” بطنجة شمال المغرب أن “الواقع الجديد للعلاقات المغربية الإسبانية أصبح موسوما بالأهمية الاستراتيجية التي يمثلها البلدان لبعضهما، وقد برز هذا بجلاء في دفاع رئيس الحكومة الإسبانية عن خياره الواقعي بخصوص وجاهة مبادرة الحكم الذاتي أمام البرلمان الإسباني”.

ويستطرد: “اليوم ثمة قناعة مشتركة لدى البلدين بأن لديهما ظروف مواتية لمضاعفة التعاون الثنائي، ومقاربة ملف الهجرة ومكافحة الإرهاب ومختلف المخاطر تبقى كذلك الشغل الشاغل والهدف المشترك بين البلدين. وأتصور أن هذه المحاور تمثل مكسبا في سياق الاستمرار ببناء علاقات بناءة ومثمرة بين جارين حتميين.” 

“ثمة آفاق واسعة بين البلدين” 

على الصعيد الاقتصادي والتجاري في العلاقات بين الرباط ومدريد، يرى مودن أن “إسبانيا إحدى دول الاتحاد الأوروبي التي يمكن أن تكون بمثابة جسر هام لتمثيل المصالح المغربية في أوروبا وأمريكا اللاتينية، والمغرب كبلد محوري في القارة الأفريقية والشرق الأوسط وثاني مستثمر أفريقي في القارة، يمكنه أن يساعد إسبانيا على التموقع في الأسواق الأفريقية الواعدة كتوجه مستقبلي في إطار استثمار فرص منطقة التجارة الحرة الأفريقية، خاصة وأنها قريبة من غرب أفريقيا عبر جزر الكناري تحديدا”.

ويخلص مودن إلى القول: “إن السوق المغربية كانت وستكون مثيرة للاهتمام دائما بالنسبة لإسبانيا، وهذا المعطى يؤكده حجم التبادل البيني على مستوى النقل البحري والزراعة والصيد البحري وعدد المقاولات الإسبانية التي لها ارتباط مباشر وغير مباشر بمناخ الأعمال في المغرب، وثمة آفاق واسعة بين البلدين لاستكشاف فرص أخرى للتبادل في مجالات الطاقة والأسمدة والاقتصادين الأخضر والرقمي. إذن فالزيارة ستخلق توقعات إيجابية، وتفتح آفاقا جديدة بخصوص العلاقات الاقتصادية والتجارية الثنائية وستعزز الأدوار المؤثرة التي يجب أن يلعبها البلدان في الفضاء المتوسطي”.

 

بوعلام غبشي


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى