آخر الأخبارأخبار دولية

مجزرة بوتشا تذكر بأساليب ووسائل استخدمت في الشيشان


نشرت في: 06/04/2022 – 16:55

رغم أن موسكو تنفي ارتكاب قواتها لأية جريمة حرب في مدينة بوتشا متهمة أوكرانيا بالتدبير لـ”تمثيلية”، فإن عديدا من الخبراء يشبهون الفظائع المكتشفة في هذه المدينة الأوكرانية، بجرائم الحرب التي ارتكبها الجيش الروسي في الشيشان. استراتيجية هدفها بث الذعر والرعب لإخضاع السكان المدنيين للمحتل.

أثار تداول وسائل الإعلام العالمية للصور الملتقطة في بوتشا المدينة الواقعة بغرب كييف، وأظهرت جثثا في الشوارع، بعضها لأشخاص قيدت أيديهم وراء ظهورهم أو محترقة جزئيا، إلى جانب مقابر جماعية، صدمة لدى المجتمع الدولي. واتهم الغرب روسيا بارتكاب “جرائم حرب” وهو ما تنفيه موسكو التي اتهمت أوكرانيا بتدبير “تمثيلية”.

وفي السياق، أكدت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إليزابيث ثروسيل الثلاثاء بأن “كافة الدلائل تشير إلى حقيقة أنه قد تم استهداف الضحايا عمدا وأنهم قتلوا بشكل مباشر. وهذه الأدلة مقلقة للغاية”. وذكَّرت المتحدثة بأن القانون الدولي الإنساني يحظر استهداف المدنيين بشكل عمدي، وهو ما يرقى إلى جرائم حرب.

من جهتها، قالت لفرانس24 كارول غريمود بوتر المتخصصة في الشأن الروسي بجامعة مونبيلييه، وهي أيضا مؤسسة مركز أبحاث روسيا وأوروبا الشرقية، إن التشابه بين التجاوزات التي اقترفها الجيش الروسي خلال حربي الشيشان (1994-1996 و1999-2000) واضح. مضيفة: “في الشيشان، كان كل مدني يعتبر بمثابة إرهابي. وقد أطلق الروس على هذه الحرب تسمية ‘عملية مكافحة الإرهاب’. تم هذه المرة تبديل عبارة ‘مكافحة الإرهاب’ بـ: ‘مناهضة النازية’. في أوكرانيا، تصنف موسكو مجددا مجموعة من السكان كأهداف مدنية وهي تعتبرهم متواطئين في هذه الإيدولوجية، أعداء روسيا الذين يجب سحقهم”.

كما أوضحت الباحثة بأن المدنيين في الشيشان قد استهدفوا على الأرض وأيضا عبر عمليات القصف الجوي التي طالت البنى التحتية المدنية كالمنازل، والمدارس والمستشفيات، مشيرة إلى وقوع أيضا عمليات الخطف والاعتقالات والتعذيب. استراتيجية هدفها “إثارة الرعب لإخضاع المدنيين للمحتل”.

غرف استجواب؟

ولاحظت غريمود بوتر خلال الأيام الأخيرة، وجود أساليب متشابهة في الفظائع المكتشفة في بوتشا، لما وقع في الشيشان. فقد عثر الإثنين على جثث خمسة رجال قيدت أيديهم خلف ظهورهم في قبو مصحة للأطفال في المدينة الأوكرانية. وقالت غريمود بوتر في هذا الشأن: “ذكرني هذا فورا بغرفة استجواب”. مضيفة: “إبان حرب الشيشان، استخدم الروس ‘معسكرات للتصفية’، مراكز للاستجواب حيث كان المدنيون الشيشان يعتقلون ويحتجزون لاستجوابهم، بما في ذلك تحت التعذيب”.

وأشارت الباحثة أيضا إلى اختطاف الصحافي الأوكراني أوليه باتورين، وهو من مدينة خيرسون، في 12 مارس/آذار الماضي. فاستجوبه الجيش لمدة ثمانية أيام وتعرض للتعذيب النفسي، مضيفة في هذا السياق: “يبدو أن الجيش الروسي يطبق نفس المنهجيات”.

“سحق المدنيين” لتعويض “الضعف التكتيكي”

بدوره، اعتبر جيف هاون المتخصص في القضايا العسكرية الروسية بكلية لندن للاقتصاد، في محادثة مع فرانس24، أن “المنهجية هي نفسها سواء في أفغانستان وسوريا وفي دونباس، إنها تلك الثقافة العسكرية للوحشية والفتك، ثقافة عسكرية مجردة من الإنسانية”. أضاف هاون أن “الجيش الروسي يمثل مؤسسة لا تهتم بالحد من جرائم الحرب، لا توجد محاكم تعاقب على مثل تلك الجرائم. وللعسكريين المجال متاح بالكامل للانزلاق بدون أية حواجز. إنها إذا طريقة لتشجيع مثل هذه التصرفات”.

في نفس الإطار، لفتت كارلوتا غال صحافية نيويورك تايمز التي كانت شاهدة على سيطرة الروس على غروزني في 1995، إلى ما وقع خلال حرب الشيشان الأولى، حيث تمكن الجيش الروسي من إدارة إحباطه في غروزني بعد فشله في السيطرة على العاصمة الشيشانية. وقالت غال: “مكون بشكل رئيسي من مجندين لا يتوقعون ما ينتظرهم، قام الجيش الروسي بإقحام تشكيلات طويلة من الدبابات والمدرعات داخل المدينة، متيقنا من كونه قادرا على الإطاحة بالزعماء الشيشان في لمح البصر. ميدانيا، اصطدمت الدبابات الروسية بوحدات من المقاتلين الشيشان المتحمسين والمسلحين بصواريخ مضادة للدبابات. في غضون ليلة واحدة فقط، وقع المئات من الجنود والدبابات الروسية في كمائن حامية من الشيشان ووقعوا في مصيدة النيران”.

تضيف كارول غريمود بوتر أن “الجيش الروسي يعوض ضعفه التكتيكي من خلال سحقه المدنيين”، وتذكِّر أن 25 ألف مدني دفعوا حياتهم خلال هذا النزاع. من جانبها، قالت كارلوتا غال إنه وتحت وقع القنابل، تحولت غروزني إلى “خراب. أتذكر أن المباني كانت مقسومة إلى نصفين وكيف باتت حياة الناس وشققهم مكشوفة على الهواء الطلق”. وكانت الأمم المتحدة قد وصفت في 2003 العاصمة الشيشانية بأنها أكثر مدينة مدمرة على وجه الأرض.

“تغطية إعلامية متباينة للغاية”

رغم ذلك، فإن “عالما” يفصل بين الحرب في أوكرانيا والنزاع في الشيشان. فتقول كارول غريمود بوتر: “في نهاية التسعينيات، لم تكن منصات التواصل موجودة بعد. كان يتم بسهولة حظر صور الحرب في الشيشان”، مشيرة إلى أن “منظمات غير حكومية مثل ميموريال كانت تعمل على توثيق جرائم الحرب تلك. صحافيون أيضا، مثل آنا بوليتكوفسكايا، التي دفعت حياتها ثمنا من أجل ذلك”.

وكانت منظمة ميموريال الروسية غير الحكومية تحقق منذ أكثر من ثلاثين عاما في عمليات التطهير السوفياتية وتحصي عمليات “القمع المعاصر”. لكن بادرت المحكمة الروسية العليا بحلها في 28 ديسمبر/كانون الأول الماضي. “اتخذ هذا القرار بضعة أسابيع قبل الغزو الروسي لأوكرانيا”، فتتساءل الخبيرة في الشأن الروسي: “هل هي مصادفة؟”.

لكن اليوم، ينبغي على روسيا أن تتعامل مع المعلومات التي تنشرها المنصات ووسائل الإعلام المتواجدة في أوكرانيا ولو كان الوصول إلى بعض مناطق النزاع مثل مدينة ماريوبول يبقى أمرا معقدا.

بهار ماكويي


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى