آخر الأخبارأخبار محلية

ميقاتي يقرع “جرس الإنذار”.. “الشعبوية” تطيّر “الإصلاحات”؟!

هو “جرس إنذار”. هكذا، وصفت مصادر حكومية معنيّة موقف رئيس مجلس النواب نجيب ميقاتي في مستهلّ جلسة مجلس النواب التشريعية، حين دعا إلى تحويلها إلى جلسة “مساءلة” للحكومة، على أن تُطرَح في ضوء المناقشة الثقة بها، وهو موقف أثار الكثير من التساؤلات والتكهّنات، فيما “تصدّى” له رئيس مجلس النواب نبيه بري، باعتبار أنّ أيّ طلب لم يَرِده بهذا الخصوص من النواب.

 

الأكيد أنّ كلام الرئيس ميقاتي لم يأتِ من العدم، ولا سيما أنّه جاء بعد يوم يوم من “تطيير” مشروع الكابيتال كونترول في اللجان المشتركة، وتصوير ذلك على أنّه “انتصار”، بعد الترويج للمشروع الذي حضّرته الحكومة بما ينسجم مع المفاوضات مع صندوق النقد، وكأنّه يضرب مصلحة المودعين، بل “يقضي” على ودائعهم بالضربة القاضية.

 

لكنّ العارفين يؤكدون أنّ موقف الرئيس ميقاتي لم يستند فقط إلى ما جرى في جلسة اللجان المشترك، بل إلى جو عام آخذ في التصاعد في الآونة الأخيرة، يقوم على “تغليب” المناكفات السياسية، التي عادت لتطفو على السطح بعد فترة من الانقطاع والانكفاء، وهي “مناكفات” قد تكون مفهومة ومبرّرة، وربما مشروعة، على أبواب الانتخابات النيابية المقرّرة في أيار، لكنها لا يمكن أن تكون كذلك في ظلّ “الانهيار” الذي تعيشه البلاد على كلّ المستويات.

 

“شعبوية ومزايدات”

 

بهذا المعنى، عبّر موقف الرئيس ميقاتي عن “امتعاض” في جانبٍ ما، ولو بقي غير مُعلَن، من أداء بعض القوى السياسية، التي سبق أن أعلنت دعمها للحكومة، التي جاءت بمهمّتين عريضتين، هما إنجاز المفاوضات مع صندوق النقد والعمل على تفادي سيناريو الانهيار المطبق، إضافة إلى إجراء الانتخابات النيابية، فإذا بهذه القوى، وفي سبيل رفع “حظوظها الانتخابية”، تنغمس في السجالات السياسية، على حساب مشاريع الحكومة.

 

ويرى البعض أنّ ما أزعج ميقاتي، وربما “استفزّه” في هذا السياق، يتمثّل في لجوء بعض القوى، التي يفترض أنّها في خانة موالاة الحكومة، لا المعارضة، إلى “الشعبوية والمزايدات” سلاحًا انتخابيًا، الأمر الذي يدفع إلى “المراوحة” بالحدّ الأدنى، وربما “الشلل” في مرحلة لاحقة، ما يحول دون التنفيذ السريع للإصلاحات التي سبق للحكومة، ممثلة برئيسها وسائر الوزراء، أن تعهّدت بتطبيقها أمام المجتمع الدولي.

 

ويقول العارفون إنّ ما صدر عن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان بعد لقائه أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حيث تمسّك عمليًا بمقولته الشهيرة “ساعدوا أنفسكم لنساعدكم”، مكرّرًا بذلك الموقف الفرنسي “المبدئي” الذي يصرّ على أنّ الكرة لا تزال في ملعب الحكومة، التي يقع على عاتقها إطلاق ورشة الإصلاحات، وهو ما يسمعه رئيس الحكومة أساسًا خلال اللقاءات التي يعقدها في جولاته الخارجية المكثّفة.

 

ماذا بعد؟

 

ببساطة، أراد رئيس الحكومة من خلال موقفه في مستهل الجلسة التشريعية أن يوصل “الرسالة” إلى القاصي والداني، وإلى كلّ من يعنيه الأمر، وأراد وضع الأمور في نصابها، حتى يصار إلى طرح كلّ الملفات علنًا، وعرض المواقف والتوجهات بالموازاة، لأنّ استمرار الأمور على منوالها الحالي لم يعد جائزًا، خصوصًا أنّه يضيّع على لبنان “فرصة” للمضيّ إلى الأمام، في سبيل الحصول على بعض الأصوات الانتخابية، بالزائد أو الناقص.

 

صحيح أنّ الرئيس ميقاتي لا يتوخّى رفع السقف أكثر من خلال موقفه، وهو لا يريد الاستقالة من منصبه، كما أوضح صراحةً، لأنّ حكومته تعهّدت بإجراء الانتخابات في وقتها، ولا بدّ من إنجاز الاستحقاق قبل كلّ شيء، لكنّ الصحيح أيضًا أنّ رئيس الحكومة أراد رمي كرة المسؤولية عن كاهله، باعتبار أنّ المطلوب من جميع الأفرقاء تحمّل مسؤولياتهم، ولا سيما أنّ المُنتظَر من هذه الحكومة كثير، وإن كان معروفًا من قبل تشكيلها أنه ليس “شعبيًا”.

 

وعلى أهمية الانتخابات المُنتظَرة في أيار المقبل، واستنفار القوى السياسية لانتزاع الأكثرية البرلمانية بنتيجتها، عدديًا وميثاقيًا، فإنّ الأهمّ كما يؤكد العارفون هو أن ينجح لبنان في تجاوز المحنة الكبرى التي يواجهها في هذه المرحلة، وهو ما يتطلب تضافرًا للجهود من قبل الجميع، وتغليبًا للمصلحة الوطنية العليا على المصالح الانتخابية الضيقة، وهو ما يعتقد البعض أنّ مقاربة مشروع “الكابيتال كونترول” لم تترجمه على أرض الواقع.

 

يقول العارفون إنّ رئيس الحكومة قرع “جرس الإنذار”، حين نبّه إلى أنّ “الشعبوية” التي يتمسّك بها البعض على أبواب الانتخابات، بدأت تضرّ أكثر ممّا تنفع، خصوصًا أنها “تطيّر” الإصلاحات التي لا يزال المجتمع الدولي ينتظرها حتى يمدّ “يد العون”، وفي وقتٍ تتعقّد الأزمات على وقع الحرب الروسية في أوكرانيا، بدل أن تتيسّر، فهل من يتّعظ من كلّ ذلك، قبل فوات الأوان؟!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى