آخر الأخبارأخبار محلية

برّي قد ينقذُ جنبلاط.. سقوط تحالفٍ واحد يغيّر المشهد كلّه!

قبل الأزمة اللبنانية – الخليجيّة بين أيلول وتشرين الأول 2021، كان رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط على “تواصلٍ غير معلن” مع التيار “الوطني الحر”.  

في تلك الفترة، كان “الإشتراكي” يبحث عقد تحالف انتخابيّ مع التيار البرتقاليّ، في حين أنّ الخيارات كانت واضحةً لجهة حسمِ التقارب ورأب الصدع بين جنبلاط من جهة، ورئيس الجمهورية ميشال عون من جهة أخرى. 

حين جاءت الأزمة مع دول الخليج، اضطرّ جنبلاط فجأة للاصطفاف جانباً بعيداً عن “الوطني الحر”، فألغيَ التواصل السياسي بشأن التحضير للانتخابات، وكان الهدف الأساس هو الابتعاد عن أي جبهةٍ ترتبطُ بـ”حزب الله”. ولهذا، لجأ جنبلاط مباشرة إلى “القوات اللبنانية”، فأسس معها تحالفاً عريضاً وواسع النطاق في مختلف الدوائر الانتخابيّة، معلناً بذلك التكتل في وجه “الوطني الحر” بكل قوّة، ولكن من دون صراعٍ بارز.  

اليوم، بات الخلافُ واسعاً بين “القوات” و”الإشتراكي”، إذ باتت المفاوضات الانتخابية في مهبّ الريح في أكثر من مكان ودائرة انتخابيّة. ففي الشوف – عاليه، اختار “الاشتراكي” خوض معركة المقعد الكاثوليكي بشارل عربيد، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، علماً أن “القوات” كانت رهنت هذا المقعد لصالح مرشح حزب “الوطنيين الأحرار” فادي معلوف. أما في عاليه، فإن “الإشتراكي” طرح راجي السعد على المقعد الماروني، في حين أن “القوات” كانت تريدُ طرح إميل مكرزل. وفي ما خصّ دائرة البقاع الغربي، فإنّ “الإشتراكي” رفض ترشيح “القوات” لعماد واكيم بضغطٍ من النائب محمد القرعاوي، الذي أبدى تأكيداً لتوجه قاعدة “المستقبل” لتجيير أصوات نحو “الإشتراكي” شرط ألا يكون هناك تحالفٌ مع “قواتي”.  

 

حتماً، فإنّ حجم الخلاف بين “القوات” و”الإشتراكي” قد يؤدّي إلى انفصال في لحظة من اللحظات، لكنّ هذا الأمر مستبعدٌ تماماً، كون مصلحة الطرفين تقتضي تلاقياً لا تنافراً أو ابتعاداً، وتحديداً عندما يتعلق الأمرُ بمواجهة “القوات” للتيار الوطني الحر في أكثر من دائرة. 

 

ما يبرز هنا بشكل أساسي هو أنّ “الإشتراكي” يريدُ ضمان حصّة أكبر من المرشحين لصالحه، باعتبار أن جنبلاط هو صاحب كلمة الفصل وتحديداً في الشوف – عاليه.  

 

وفي ما خصّ هذا الأمر، قالت مصادر سياسيّة إن “جنبلاط استحوذ على مقعد الكاثوليك في الشوف من أجلِ إحباط مساعي الوطني الحر بالسيطرة عليه عبر مرشحه الوزير السابق غسان عطالله، إذ أن الأخير سيحصل على كافة أصوات مناصري الوطني الحر في الشوف باعتباره المرشح الحزبي الوحيد”. وضمنياً، فإنّ موافقة “القوات” على مرشح “الأحرار” فادي معلوف، سيؤدي إلى خسارة المقعد الكاثوليكي، نظراً لضعف الاستقطاب الانتخابي المرتبط بالأخير وفق ما أظهرته معطيات انتخابيّة متقاطعة. ولهذا السبب، كان جنبلاط متمسكاً بترشيح عربيد الذي سيكون السعي من خلاله لاستقطاب كتلة مسيحية شعبية باتجاهه من دون الحاجة لتجيير أصواتٍ من الطائفة الدرزية له، لأن التركيز الجنبلاطي ينصبّ بشكل أساسي على مرشحه مروان حماده. 

 

أما في عاليه، فإنّ تمسك جنبلاط براجي السعد نابعٌ بدرجة أولى من عدم إعطاء “القوات” حيزاً كبيراً باختيار النواب الموارنة في دائرة مفصلية تعني جنبلاط بالصّميم. ولاعتبارات عديدة، كان “الإشتراكي” متمسكاً بالسعد من أجل خوض الانتخابات به، كون الأخير يمكن أن يشكل خرقاً واضحاً ومضموناً بناء لحسابات حزب جنبلاط.  

 

على صعيد البقاع الغربي، يسعى رئيس “الإشتراكي” لعدم “تفويت” فرصة التفاف “المستقبل” حوله عبر تغطية مباشرة من النائب القرعاوي، إلا أن الشرط الأساس كان في تجنيب بيئة “المستقبل” أي تصويتٍ لصالح مرشح “قواتي” مهما كانت ظروفه. واليوم، فإنه من مصلحة جنبلاط دعم أبو فاعور إلى أقصى الحدود في البقاع الغربي، نظراً للتهديد السياسي والانتخابي الذي يتعرّض له الأخير وتحديداً من “حزب الله” وحلفائه. 

 

وفي حال تمكّن جنبلاط من فرط التحالف مع “القوات”، فإنّ الأخيرة ستصبحُ وحيدة في دائرة كبرى مثل الشوف – عاليه، كما أنها ستخوض معركة غير مضمونة النتائج، و”الناجي” الاول منها قد يكون النائب جورج عدوان، في حين أن الآخرين قد يواجهون خسارة صعبة لا سيما أن “الإشتراكي” يعتبر رافعة انتخابية لأي لائحة من ناحية الحاصل الانتخابيّ.  

 

أما الأمر الأهم هو أنه في لحظة تخلي جنبلاط عن “القوات”، فإنّ حليف الأول، رئيس مجلس النواب نبيه بري، سيلاقي زعيم “المختارة” فوراً من جديد. وفعلياً، فإن حركة “أمل” ترفض بتاتاً التصويت للائحة تضمّ اسماً قواتياً، وفي حال استُبعد عدوان عن لائحة جنبلاط، فإنّ التوجه قد يتغير بالنسبة لبري، وبالتالي فإن أصوات نسبة ثابتة من “المتلزمين” حصراً بحركة “أمل”، قد تذهب بالدرجة الأولى باتجاه لائحة جنبلاط وتحديداً لمرشحها عن المقعد الدرزي الثاني مروان حماده، وذلك في إطار دعمٍ واتفاق قد يحصلُ فجأة مثلما حصلَ في العام 2018 عندما صبّت أصوات “أمل” للنائب نعمة طعمة. 

 

وهنا، تكون حركة “أمل” قد صوّتت في المكان الذي ترتضيه قيادتها ولكن من دون إحراجها، لاسيما أن هناك قراراً حاسماً بعدم التصويت لأي جهة متحالفة مع “القوات”. في المقابل، فإن هذا الأمر قد ينعكسُ سلباً على اللائحة العريضة الأخرى التي تضمّ “الوطني الحر” ورئيس حزب “التوحيد العربي” وئام وهاب والنائب طلال أرسلان، إذ أن هناك تعويلٌ أيضاً على دعم حركة “أمل” لها. 

 

غير أن عائلات مختلفة في الشوف من الطائفة الشيعية، قد ترفض اعطاء جنبلاط أي صوت، وبالتالي فإنّ الانقسام قد يكون قائماً بين جبهتي “الإشتراكي” و “الوطني الحر” بدرجة كبيرة، الأمر الذي قد يضفي تغييرات جوهرية في المعادلة القائمة.

 

في المحصّلة، فإنّ “الحسم” النهائي لن يكون قريباً، وفي حال أعيد تحريك التواصل بين “القوات” و”الإشتراكي”، فإنّ سيناريو التنافر قد يصبحُ بعيداً، والأرجح استكمال الأمور كما هي عليه الآن، نظراً لخطورة المجازفة بفرط أي تحالف في ظلّ طموحات القوى الأخرى الهادفة لإضعاف جنبلاط وتحجيمه سياسياً وانتخابياً.  


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى