آخر الأخبارأخبار محلية

هذه هي سياسة الفاتيكان تجاه لبنان

معروف عن حاضرة الفاتيكان أنها لا تتدّخل في التفاصيل السياسية الداخلية لمختلف دول العالم، وهي تكتفي بوضع عناوين عريضة عامّة حول تصوّرها لما يمكن أن يكون الأفضل لخير الشعوب قاطبة. وهذا ما عبّر عنه البابوات الذين تعاقبوا على السدّة البطرسية، سواء من خلال رسائلهم العامة أو من خلال الخطب التي يلقونها في المناسبات العامّة.  

وما درج عليه البابوات السابقون، ونخصّ منهم على سبيل المثال لا الحصر البابوات: بولس السادس ويوحنا الثالث والعشرين ويوحنا بولس الثاني وبنديكتوس السادس عشر، يحرص البابا الحالي فرنسيس على إتباعه، مع تشديده على الدور الريادي للكنيسة في العالم، وبالأخصّ حيث توجد أزمات وصراعات وحروب وخلافات متعدّدة، ومن بين هذه الدول لبنان، الذي سيزوره البابا قريبًا لتكريس دوره الحضاري والتاريخي، من دون أن يحيد عن خارطة الطريق التي رسمها الفاتيكان على مدى عقود من الزمن. 

فمواقف عاصمة الكثلكة معروفة من شتى الأحداث في العالم، وهي تعلنها مواجهة ومن دون حاجة إلى الدخول في لعبة الأمم القائمة على المصالح، وبالتالي لا تحتاج إلى تسريب أي معلومة لهذه الجهة أو تلك للإعراب عن موقف معيّن من هذه القضية او تلك، خصوصًا أن سياستها الخارجية تقوم على مبادىء عامة، ولكن واضحة، لا لبس فيها ولا مساومات ولا أنصاف حلول. فالأبيض بالنسبة إليها أبيض، وكذلك الأسود، ولا تحتمل تلك المواقف الواضحة والصريحة التأويل أو الإجتهاد أو التفسيرات الخاصة. فلا شيء مثلًا إسمه مصادر في دوائر الفاتيكان. 
فهذه المواقف المعلنة وغير المضمرة تستند أولًا إلى التقارير التي تصل إليها من سفرائها المعتمدين في مختلف أنحاء العالم، وهم يُختارون وفق سلّم أولويات ومجموعة قيم ومبادىء غير خاضعة لأجندات خارجية لا تنسجم مع روحانية الرسالة البابوية، والتي تتخذ من القيم المسيحية والقيم الإنسانية دستورًا لها تسير بهديه من دون أن تضطّر إلى لبس قفازات عندما تريد أن تعلن أي موقف قد يكون معاكسًا لتيارات سياسية كثيرة تتحكّم بمصير الشعوب. 

فالفاتيكان ضد الحروب، وبالأخصّ العبثية منها، في أي بقعة من العالم. هي ضد قمع الحريات وإخضاع الشعوب لأي نوع من أنواع العبودية المقنّعة، أيًّا تكن الذرائع والحجج. هي مع تعزيز دور المرأة في المجتمع وإعطائها كامل حقوقها. هي ضد العنف والتعصّب الأعمى، وضد التمييز العنصري، وضد تدّخل الدول بشؤون الدول الأخرى، وضد التمييز الطبقي، وضد كل ما من شأنه التقليل من جوهر الإنسان وقيمته المطلقة، بغض النظر عن دينه ولونه وجنسه وعرقه وإنتماءاته المناطقية. 
وكل ما زاد عن ذلك يدخل في إطار الإجتهادات غير المبرّرة، والتي تخرج عن المسار الطبيعي للأمور، التي ترتبط إرتباطًا عضويًا بالسياسات الداخلية لكل دولة حتى ولو لم كن تتوافق هذه السياسات مع المبادىء التي يعتمدها الفاتيكان في سياسته الخارجية. 
أمّا ما يتعلق بالوضع اللبناني فإن في دوائر الفاتيكان هرمية متبعة لا تحيد عنها في إتخاذ القرارات، وتقوم بالتواصل الدائم مع سفارتها في حريصا، وبما تتلقاه منها من تقارير موضوعية، بالتنسيق مع المراجع الكنسية اللبنانية، وبالأخص بكركي. 
فالفاتيكان لم يتدّخل في اللعبة السياسية اللبنانية الداخلية، وهو ليس في وارد التدّخل لا اليوم ولا في المستقبل، بل يكتفي بدعوة جميع اللبنانيين إلى تغليب مصلحة بلدهم على اي مصلحة خارجية أخرى. ونقطة على السطر.    


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى