آخر الأخبارأخبار محلية

“الهيبة على المحك”.. هل المطلوب “تدمير مؤسسات الدولة”؟

من يلقي نظرة بسيطة على واقع القضاء في لبنان إنما سيرى أمراً واحداً: اتجاه غير معروف المصير وسط سطوة سياسية تتحكم به.

حتماً هذا ما يحصل اليوم عندما يتعلق الأمر بقضية مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون التي تلاحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بهدف توقيفه بموجب مذكرة إحضار.

في الواقع؛ بات منسياً أن الأمور في لبنان لا تحل بهذه الطريقة، في حين أن الملاحقات لا تحصل إلا بموجب اطار قضائي واضح وشفاف يبدأ بتحديد المسؤوليات بتجرد تام. قد يكون سلامة من المسؤولين الذين يجب محاسبتهم وقد يكون مرتكباً وسط الانهيار؛ لكن المسؤولية لا تقع على عاتقه وحده، وهذا ما يجب ادراكه عندما يتخذ فعلاً قرار شفاف ببدء معركة قضائية شفافة لمحاربة الفساد واجتثاث اسباب الأزمة الراهنة.

بشكل واضح؛ فإن ما يحصل اليوم على الساحة القضائية ليس عادياً، خصوصاً أن التوجهات القائمة لا ترتبط باطار تحسين واقع البلاد بقدر ما أنها تصب في خدمة الجهة السياسية التي ترتبط بها عون. وهنا يطرح سؤال واحد: ما هو الشيء الذي تتم المراهنة عليه؟ هل الهدف اسقاط هيبة ما تبقى من دولة؟ هل المطلوب ضرب هيبة القضاء؟ هل المطلوب جعل المؤسسات الأمنية تصطدم ببعضها؟

ما تكشفه الوقائع حالياً هو أن التوجه القائم حالياً يقودنا نحو الانحدار وضرب ما تبقى من مؤسسات متماسكة في هذه الدولة.. ما يحصل أيضاً إنما يضع هيبة القضاء على المحك؛ أي أن القضاة ينصاعون مباشرة لاوامر السياسة وينسلخون عن القانون الذي يحكمهم.. فهل هكذا يكون بناء الدولة؟ هل هكذا يمكن محاربة الفساد؟

اليوم، ثمة أمران يثيران المخاوف: الأول وهو انقسام القضاء مثلما انقسمت المؤسسات الأمنية في زمن الحرب، الأمر الذي جعل الفوضى تمتد الى سائر لبنان. كل ذلك كان بفعل التدخلات والنفوذ السياسي الذي كان أقوى من الدولة؛ وما زال.

أما الأمر الثاني المخيف أكثر هو اصطدام القوى الأمنية ببعضها، وهو الأمر الذي كان سيحصل بين عناصر “أمن الدولة” و “قوى الأمن الداخلي” إذ قيل أن الأخيرة منعت أمن الدولة من الوصول الى حاكم مصرف لبنان لاقتياده الى التحقيق تنفيذاً لقرار عون. ما حصل دفع بالأخيرة الى الادعاء على مدير عام “قوى الأمن الداخلي” اللواء عماد عثمان الذي قال أن عناصر قوى الأمن لم يمنعو أمن الدولة من تنفيذ مذكرة الاحضار بحق سلامة؛ موضحاً أن هناك تنسيقاً حصل بينه وبين مدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا”.

وعند تصور المشهد الأخير، فان ما سيتبين هو أن أي احتكاك بين العناصر الأمنية كاد سيفتح جبهة نارية وسيؤدي الى سقوط دماء؛ ما يعني معركة لا تنتهي.. فهل ستتحمل القاضية عون هذا الأمر؟ هل يستأهل إحضار سلامة “استحضار” صراع نحن بغنى عنه؟

كل ذلك يساهم في اسقاط هيبة الدولة، وما التنسيق بين عثمان وصليبا ليس الا خطوة ضرورية لحفظ الأمن أولاً وثانياً لمنع أي صراع أمني يؤدي الى ضرب البلاد من شمالها الى جنوبها.

ما المطلوب؟
وسط كل هذه المشهدية، يبقى المطلوب هو التالي: أولاً احترام القضاء وهيبته وقراراته والتأكيد على استقلاليته التي تبني دولة. ثانياً: ابعاد المؤسسات الأمنية عن التجاذبات السياسية وعدم استخدامها للتصفيات الثأرية. ثالثاً: السعي دائماً لجعل هيبة الدولة محفوظة وعدم الوصول إلى ضرب مؤسساتها مهما كانت؛ لأن ذلك لا يخدم سوى جهات تسعى لطرح نفسها بالفوضى. أما الأمر الأهم فيتعلق بالمعالجة الهادئة والفعالة للازمة المالية والانهيار الحاصل، وهذا الأمر يحصل عبر الأطر القانونية وبمشاركة القضاء وبالاجماع السياسي أيضاً لأن المسؤولية تقع على عاتق الجميع من دون استثناء.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى