آخر الأخبارأخبار محلية

الجيش وحده يحمي… والدولة وحدها تبني

في كلمته أمس أسهب الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في الحديث عن شعار “باقون نحمي ونبني”. وتطرّق إلى مسألتين أساسيتين في الجزء الأول من شعار الحملة الإنتخابية المقبلة عندما تحدّث عن تحويل التهديدات الإسرائيلية في ما يعتبره العدو “معركة بين الحروب” إلى فرصة، من خلال إستهداف هذا العدو للإمدادات الإيرانية في سوريا، وهي في طريقها إلى المقاومة في لبنان، وبالأخص “الصواريخ الذكية”. وهذه الفرصة تقوم على أن “حزب الله” بدأ بتصنيع هذه الصواريخ في لبنان، “وهي بالالآف”. 

أمّا التهديد الإسرائيلي الثاني فهو المسيّرات، والذي حوّله “حزب الله” إلى فرصة أخرى، حين بدأ بتصنيع الطائرات المسيّرة في لبنان أيضًا، مع تطوير وسائط الدفاع الجوي، الذي حال دون تمادي العدو في إستهداف لبنان بهذه المسيّرات، أمنيًا ومعلوماتيًا. 
وفي ما يتعلق بالشق الثاني من شعار الحزب في المعركة الإنتخابية “الواضحة والتي لا تحتاج إلى شرح”، أي “نبني”، فتحدّى سماحته خصومه في أن يظهروا ما حققّوه على مدى سنوات في مجال البناء مقابل الأموال الطائلة التي تلقوها من الخارج، مقابل ما أنجزه الحزب في هذا المجال، من حيث بناء الجامعات والمدارس والمستشفيات ودور الرعاية الصحية ودور الأيتام وتحسين البنى التحتية، من خلال ما قدّمه وزراؤه ونوابه من مشاريع عامة لجميع اللبنانيين وليس لفئة دون أخرى. 

في المنطق السائد، ووسط الإنقسام العامودي والأفقي بين الشعب اللبناني حول الخيارات، لا شك في أن لكل من طرفي النزاع في لبنان حول المسلمات الوطنية والخيارات الإقليمية منطقه وحججه وأهدافه واساليبه في التعبير عن التأييد أو الرفض لسياسة هذا المحور أو ذاك، لكن المنطق العام، وهو المتبّع في كل دول العالم، التي تعتبر أن الأمن وحماية مواطنيها من أي إعتداء خارجي أو داخلي مواضيع هي من مسؤوليتها فقط. 
هذا المنطق يقول إن الدولة المركزية هي التي تحمي مواطنيها وليس أي فئة أخرى، وذلك خوفًا من أن تتحّول هذه الحماية إلى وكالات حصرية تُعطى وفق شروط معينة، تمامًا كالشروط المفروضة على الشركات المتخصصة بالحمايات الجماعية أو الفردية للمؤسسات أو الشركات وللأشخاص. 
الحماية المركزية هي حصرًا للدولة ولقواها الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي وقوى أمن عام وقوى أمن دولة، ولكل أجهزتها التي تفرض الأمن والأمان على كل بقاع الأرض اللبنانية وعلى الحدود. فالشعب اللبناني الذي يمدّ هذه القوى بمستلزماتها المعنوية والمادّية لا يمكنه أن يركن لأي حماية أخرى، ولا لأي أمن ذاتي آخر.  

فالأمن والحماية هما من مسؤولية الجيش والقوى الأمنية، وبالتالي لا يحقّ لأي فئة لبنانية، أيًّا تكن، أن تدّعي التشارك في هذه المسؤولية، أيًّا تكن الحجج والذرائع. من هنا تأتي المطالبات بأن يكون السلاح في يد القوى الشرعية وحدها دون سواها. ومن هنا أيضًا الحاجة إلى توافق لبناني جامع على توحيد الرؤية حول الإستراتيجية الدفاعية. 
أمّا البناء العام فهو من مسؤولية مؤسسات الدولة، وما يزيد عن ذلك فيمكن إعتباره بمثابة مساهمات أو هبات تفرض الإستحصال على موافقة مسبقة من مجلس الوزراء لكي يتمكّن الشعب اللبناني قاطبة من الإستفادة منها. 
أمّا المشاريع الخاصة في مجال البناء على أنواعه، من جامعات ومدارس ومستشفيات ودور رعاية صحية ودور أيتام فتبقى ضمن المشاريع الريعية، التي يعود بعضها بفائدة مادية على اصحابها أو بمنافع معنوية، خصوصًا بالنسبة إلى المشاريع التي لها صفة إنسانية عامة. 
أمّا تحديد سياسة البناء فتعود حصرًا إلى الدولة المركزية، من حيث ضرورة تفعيل المشاريع القائمة من جامعات ومدارس ومستشفيات حكومية، أو من حيث خلق مؤسسات أخرى حيث تدعو الحاجة. 
فإذا كانت ظروف البلاد صعبة وقاسية فهذا لا يسمح لأي فئة أن تأخذ دور الدولة كما حصل إبّان الحرب، بل المفروض بالجميع تقوية هذه الدولة ودعم مؤسساتها الأمنية والخدماتية من ضمن مشروع متكامل الأهداف والغايات، وإلا نكون ذاهبين إلى فوضى وإلى تقسيمات غير مرغوب بها.    


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى