الفلسطينيون في لبنان.. بين قرار وزير العمل وحكم مجلس الشورى
يمثّل قرار وزير العمل مصطفى بيرم الصادر في 25 تشرين الثاني 2021 والذي أتاح للاجئين الفلسطينيين العمل في 126 مهنة كانت محصورة باللبنانيين (لا تتضمن المهن الحرّة التي لديها نقابات تشترط الانضمام لمزاولتها كالأطباء والمهندسين وسواهم)، إقراراً بحقّ عمل اللاجئين الفلسطينيين بعد اللبنانيين. هو لا يعرض عليهم وظيفة، بل يعترف ببعض الوظائف التي يمارسونها في لبنان منذ عقود. وبحسب المستشار القانوني لوزير العمل عصام إسماعيل، فإن القرار يأتي في سياق «ضبط الفوضى التي تعتمل في الوزارة لناحية منح تصاريح العمل كيفما كان لكل الجنسيات والتي كانت تضيّق على الفلسطيني وتستبعده وتقدّم عليه جنسيات أخرى. فإذا لم يوجد متقدم لبناني لوظيفة معينة يكون المستحق بدرجة ثانية هو الفلسطيني. علماً أن كثيراً من المهن لا يتقدم إليها لبنانيون».
النقاش القانوني في هذه المسألة، لا ينحصر بقرار الوزارة التي تسند ظهرها على تطبيق القانون 128 تاريخ 24/08/2010 الذي أخضع اللاجئ الفلسطيني العامل المقيم في لبنان والمسجّل في مديرية الشؤون السياسية واللاجئين – وزارة الداخلية والبلديات إلى أحكام قانون العمل من دون سواه لجهة تعويض نهاية الخدمة وطوارئ العمل. وأعفاه من شروط المعاملة بالمثل المنصوص عنه في قانون العمل وقانون الضمان الاجتماعي. كما طبّقت القانون 129 تاريخ 24/8/2010 الذي أعفى الأجراء الفلسطينيين اللاجئين المسجلين من رسم إجازة العمل الصادرة عن وزارة العمل ومن شرط المعاملة بالمثل. وفي رأي الوزارة إن قرار وزير العمل هو نصّ تنفيذي لأحكام القانونين المذكورين، لذا لا يفترض بالقضاء النظر في دستورية القرار، لأنّ ذلك يؤدّي إلى النظر في دستورية القانون المستند إليه.
هذا الجدل القانوني، يعدّ شكلياً في علم الاقتصاد. فالحقيقة القانونية قد تفترض أنه يحقّ أو لا يحقّ للعامل الفلسطيني مزاولة مهن مخصّصة للبنانيين، لكن الحقيقة الاقتصادية تفترض التعامل مع الوقائع كما هي بكل نتائجها ومخاطرها. فالفلسطينيون موجودون في لبنان منذ عقود، وهم بالمعنى الفعلي يزاحمون اليد العاملة اللبنانية لأنهم اندمجوا معها وصاروا جزءاً منها، يقدّمون قوّة عملهم في مقابل أجر مسعّر وفق معايير السوق المحليّة. إذاً لا يمكن إنكار حقيقة أنهم يعملون، لا بل مضطرون أن يعملوا لمواصلة الحياة. هذا العمل قد يكون نظامياً أو مخفياً. هنا فقط يجب النظر إلى النتائج. بالتالي فإن قرار وزارة العمل هو لتأكيد المؤكّد فقط والتعامل مع نتائجه الحاصلة حتماً. أما الطعن في القرار فهو، من وجهة اقتصادية، ليس أكثر من وهم.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook