آخر الأخبارأخبار محلية

رسائل “صامتة” للحريري في ذكرى اغتيال والده… ماذا بعد؟!

بدا 14 شباط 2022 مغايرًا لكلّ مثيلاته من الأيام منذ 14 شباط 2005، ذلك اليوم “المشؤوم” في تاريخ لبنان، الذي بات يُعرَف بـ”الزلزال”، في إشارة إلى اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، والذي غيّر الكثير من “الثوابت” في السياسة الداخلية، وتحكّم بـ”خريطة” التحالفات والعلاقات على امتداد 17 عامًا بالتمام والكمال.

 
صحيح أنّ طريقة إحياء الذكرى اختلفت مع السنوات، وخفّ وهجها، مع انتقالها من المهرجانات الشعبية الجماهيرية، إلى الاحتفالات المركزيّة الموسّعة، فالمحدودة، إلا أنّ هذا التاريخ بقي من “الثوابت” في “الأجندة” الداخلية، ينتظر فيه اللبنانيون إطلالة رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري ليحدّد موقفه من الاستحقاقات، وربما “يبقّ البحصة”.
 
لم يحصل شيء من هذا هذه المرّة. اقتصر إحياء الذكرى على زيارة الضريح، الذي تحوّل مقصدًا للكثيرين، ومنهم سعد الحريري، الذي التزم “الصمت”. بدا ذلك انسجامًا مع قراره “المفصليّ” الذي أعلنه قبل نحو شهر، بتعليق مشاركته في العمل السياسي وإحجامه عن خوض الانتخابات النيابية، لكنه بدا أكثر من “ثقيل” في يوم كـ14 شباط تحديدًا.

 
رسائل “صامتة”
 
كانت زيارة الحريري إلى بيروت “قصيرة” هذه المرّة. اقتصرت على يوم واحد، تزامن مع الذكرى السنوية لاغتيال والده رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري. قراءة الفاتحة كانت النشاط الوحيد في الذكرى، التي خلت من أيّ كلمة للحريري، على جري العادة، ولو ذات طابع “عاطفي ووجداني”، كما توقّع الكثيرون عشية الذكرى، ربما لأنّ “الشيخ سعد” وجد أنّ “الصمت” أكثر تعبيرًا، وأقوى تأثيرًا.
 
وباستثناء اجتماع قصير “يتيم” مع أعضاء كتلته النيابية، للتأكيد على ما سبق أن أعلنه لجهة رفض خوض الانتخابات النيابية المقبلة، خلت زيارة الحريري أيضًا من الأنشطة السياسية. لعلّ ذلك كان متوقَّعًا، إذ لم يَمضِ شهر بعد على قراره “الشهير” بالاعتكاف، وبالتالي لم يكن متوقَّعًا منه أن “يكسره” في أول مناسبة أو استحقاق، علمًا أنّ هناك من ينقل عنه أنّ مدة الابتعاد لن تقلّ عن أربع سنوات، على أن يُبنى على الشيء مقتضاه بعد ذلك.

 
يتعزّز ذلك بما تسرّب عن لقاء الحريري بأعضاء كتلته، حيث بدا مرّة أخرى حازمًا وصارمًا، في رفض “تحدّي” قراره. هو قال للنواب الراغبين بالترشح إنّ هذا “حقّهم”، ويمكنهم “فعل ما يريدون”، ولكنه اشترط عليهم عدم استخدام اسمه أو اسم “تيار المستقبل” في معاركهم الانتخابيّة، قبل أن يوجّه لهم “نصيحة أخوية”، لا كرئيس تيّار ينتمون إليه، بالابتعاد، محذّرًا من أيام “قاسية” بانتظار لبنان في المرحلة المقبلة، في كلمة يجدر التوقف عندها.
 
أين مشروع الحريري؟
 
سريعًا، ترجم كلام الحريري، فصدر “تعميم” رسميّ عن قيادة تيار “المستقبل” يوجب على كلّ منتسب أو منتسبة إلى التيار، في حالة عدم التزام توجيهات الحريري والعزم على المشاركة في الانتخابات كمرشّحين، توجيه طلب استقالة خطيًا إلى الهيئة التي ينتمي إليها، مع الامتناع عن استخدام اسم “التيار” أو أحد شعاراته أو رموزه في الحملات الانتخابية، والامتناع عن أيّ ادّعاء بتمثيل “التيار” أو مشروعه خلال أي نشاط انتخابي.
 
يقول البعض إنّ هذا “التعميم” جاء بعدما بدا واضحًا أنّ ثمّة توجّهًا من عدد من نواب “المستقبل” لخوض الانتخابات، ولو أنّه لم “ينضج” بعد، علمًا أنّ بعض هؤلاء يروّجون لمشروعهم كتتمّة للمشروع الذي بدأه “التيار الأزرق”، في مواجهة المشاريع “البديلة” التي بدأت بالظهور، علمًا أنّ هؤلاء يؤكدون في مجالسهم الخاصة أنّهم “سيحرصون” على عدم التحالف مع كلّ من “غدروا” الحريري، وتحديدًا “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”.
 
يأتي ذلك في وقت يواصل شقيق رئيس تيار “المستقبل”، بهاء الحريري، “اندفاعته”، ما أوحى بطابع “عائلي” للمعركة في حيّز كبير منها، وقد كثّف الرجل في الأيام الأخيرة من تصريحاته الإعلامية والسياسيّة، شأنه شأن كثيرين من “الطامحين” لوراثة تيار “المستقبل”، ومعه مشروع رفيق الحريري، الذي يبقى وسط كلّ هذه “المعمعة” الضحيّة الأكبر برأي كثيرين، بانتظار أن تنضج الصورة أكثر وتتبلور في القادم من الأيام.
 
في الظروف العادية، كان يفترض أن يكون تاريخ 14 شباط حاسمًا وعاديًا. كان يُنتظَر من سعد الحريري أن يعلن في مثل هذا التاريخ، إطلاق حملته الانتخابية، وربما كشف أسماء مرشحيه في مختلف المناطق. فضّل الحريري “الاعتكاف” قبل هذا اليوم، و”الصمت” خلاله، “صمت” قد يكون له دلالاته العابرة للحدود، والمتجاوزة لمنطق الانتخابات وطبيعة المعارك، ولو كانت “الشغل الشاغل” لكثيرين اليوم!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى