آخر الأخبارأخبار محلية

اتهمها بالتدخل في الانتخابات.. كيف يُقرَأ “تصويب” نصر الله على واشنطن؟!

ليس جديدًا أن يوجّه الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله اتهامات شتّى إلى الإدارة الأميركية ممثلة بسفارتها في بيروت. فلطالما كانت العلاقة بين الحزب والولايات المتحدة التي تصنّفه “إرهابيًا”، علاقة “عداوة” بامتياز، وهو ما أكّد عليه الرجل مجدَّدًا، رغم حديثه عن مساعٍ أميركية لفتح قنوات تواصل يبدو أنّها “نشطت” من جديد في الآونة الأخيرة.

 

لكن، في مقابلته التلفزيونية مساء أمس، وجّه السيد نصر الله اتهامات مباشرة للسفارة الأميركية بـ”التدخل” في الانتخابات النيابية المفترضة خلال ثلاثة أشهر. أكثر من ذلك، تحدّث عن “نفوذ أميركي سياسي وأمني ومالي واقتصادي في لبنان”، وذهب لحدّ القول إنّ السفيرة الأميركية “لازقة” بالجيش، قبل أن يطالب “كل من يتحدث عن السيادة والاستقلال” بمواجهة هذا “النفوذ المخرّب”، على حدّ وصفه.

 

وجاءت هذه الاتهامات بعد ساعات على موقف “لافت” للسفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا من ملف الانتخابات، حيث أكّدت وجود “إجماع” في المجتمع الدولي على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها “بصورة تتسم بالنزاهة والشفافية”، مشدّدة على أنّ “لا مجال للمناورة”، تزامنًا مع بعض “التسريبات” التي انتشرت قبل يومين في صحف ووسائل إعلام عن رغبة قوى “8 آذار” بتأجيل الانتخابات لمدّة عام على الأقلّ.

 

هواجس” لدى “حزب الله

في المبدأ، لا يفترض أن “يغيظ” موقف السفيرة الأميركية من وجوب إجراء الانتخابات “حزب الله”، طالما أنّه “يتنصّل” من كلّ ما يسرّب عن “مؤامرات ومخططات” لتطيير الانتخابات، ويؤكد في كلّ المناسبات أنّه “جاهز” للاستحقاق، وأنّه “يريد” حصوله في موعد، بمُعزَلٍ عن كلّ الظروف، علمًا أنّ الحزب قد يكون من “قلّة” بدأت فعلاً تحضيراتها للانتخابات، ليس من اليوم، بل منذ أربعة أشهر وفق نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم.

 

لكنّ الموقف الأميركي هذا أيقظ “هواجس” لدى “حزب الله” من “النوايا المبيتين” للأميركيين وغيرهم، وسط تساؤلات تُطرَح عن سبب “اندفاعة” المجتمع الدولي على تأكيد التمسّك بوجوب إجراء الانتخابات في موعدها، وهو موقف سبق مجلس الأمن السفيرة الأميركية إلى التشديد عليه الأسبوع الماضي، وسط حديث متزايد عن “رهانات” لدى بعض القوى الخارجية على هذه الانتخابات لضرب “حزب الله” والحدّ من نفوذه.

 

ومع أنّ الحزب يؤكد أنّه “مطمئنّ” إلى واقعه الشعبيّ، وأنّه مرتاح إلى أنّ النتائج التي ستفرزها الانتخابات لن تُحدِث تغييرات جذرية في الصورة العامة، وبل لن تُحدِث أيّ “خرق” في الساحة الشيعية، إلا أنّ المقرّبين منه والعارفين بأدبيّاته لا ينكرون أنّه ينظر بعين “الريبة” إلى بعض المواقف الدوليّة، خصوصًا بعدما “ثبُت” على مرّ الأعوام، من خلال ويكيليكس وغيرها، كم من الأموال دُفِعت فقط “لتشويه صورة المقاومة”، وفق قول هؤلاء.

 

كلام “انتخابي

من هنا، يبدو أنّ لدى “حزب الله” أسبابًا كثيرة تدفع إلى الاعتقاد أنّ المجتمع الدولي، والولايات المتحدة بصورة خاصة، لا تنطلق في مواقفها من “الغيرة” على مصلحة لبنان وأسس الديمقراطية. يذكّر العارفون بأدبيّاته بتجربة الانتخابات الفلسطينية التي لم تُمحَ من الذاكرة، حين أفضت إلى “انتصار” للمقاومة، ممثلة بحركة “حماس”، فرفضت واشنطن الاعتراف بنتائجها، وعلّقت مشاريعها في الأراضي الفلسطينية.

 

لكن، إلى جانب “الهواجس”، ثمّة بعد “انتخابي” في كلام السيد نصر الله، بحسب ما يرى كثيرون، علمًا أنّ الرجل تطرّق إلى موضوع الانتخابات في المقابلة نفسها، حيث عبّر عن “أسفه” لانسحاب رئيس تيار “المستقبل” سعد الحريري، لكنّه حدّد أيضًا العنوان الأساسيّ الذي سيخوض على أساسه “حزب الله” الانتخابات المقبلة، وهو “حماية المقاومة مقابل الهجمة التي عنوانها العدوان على المقاومة“.

 

بهذا المعنى، يبدو هذا العنوان “الانتخابي” متناغمًا ومنسجمًا بالكامل مع “التصويب” على الولايات المتحدة. فمع أنّ الموقف من واشنطن يُعَدّ من “الثوابت” بالنسبة إلى “حزب الله”، الذي لا يزال جمهوره يكرّر في كلّ المناسبات بصوتٍ عالٍ شعار “الموت لأمريكا”، إلا أن التركيز عليه اليوم، بعيدًا عن الشجون والهموم الداخلية المتفاقمة، والتلميح لنوايا مبطنة، وتجسس أميركي وغير ذلك، قد تكون له دلالاته “الانتخابية” الواضحة.

 

صحيح أنّ الشأن الداخلي لم يحضر بقوة في “صلب” مقابلة السيد حسن نصر الله، وقد يكون متروكًا لكلمة مرتقبة له في الأيام القليلة المقبلة، لكنّ الواضح أنّ “حزب الله” اختار بوضوح عناوين معركته الانتخابية، وقوامها “حماية المقاومة”، عنوان يعبّر عن “تكتيك” من شأنه “اجتذاب” الكثير من فئات الجمهور المؤيد، الذي “ابتعد قسرًا”، بفعل الأزمات الداخلية المتعاقبة، وغير المسبوقة.

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى