آخر الأخبارأخبار محلية

موارنة الأطراف في لبنان… مغيّبون أم غائبون؟

في عيد القديس مارون تتجه الأنظار الى مقرات ومقامات لبنانية باعتبارها رمزا للوجود المسيحي بشكل عام والمارونيّ بشكل خاص.
وفي جردة سريعة على هذه الأماكن تظهر معظمها مرتبطة بالأطراف أو بالمحافظات والأقضية البعيدة عن العاصمة بيروت.

فالموارنة في الأساس هم من سكان الجبال والوديان، وما امتدادهم الى المدن والسواحل والبحار الا علامة انفتاح وقدرة على التواصل ومواكبة مجريات الحياة بصفة فاعل لا شاهد.
لكن، وعلى مايبدو، فان هذا الانفتاح الذي دفع بالحالة المارونية الى الامتداد ساحلا أي نحو كسروان والمتن بشكل خاص والبترون وصيدا وطرابلس وغيرها من المدن والقرى والبلدات،أدى الى نوع من اللاتوازن بين موارنة الوسط وموارنة الاطراف.
ويأخذنا الحديث هنا نحو التوّسع الماروني، لا نحو النزوح الماروني من القرى والبلدات الذي يحمل في طياته أبعادا ونتائج مختلفة.

وبعيدا عن التمثيل السياسي والنيابيّ، اذ ان للموارنة بصورة متفاوتة نوابا في مختلف الدوائر الانتخابية لاسيما في دائرة الشمال الثالثة التي تشكل نافذة يطل من خلالها موارنة الأطراف للتأكيد على وجودهم ككتلة فاعلة قدمت للوطن شخصيات بارزة في الدين والسياسة والاقتصاد والثقافة وغيرها من المجالات، لا بد من طرح مجموعة أسئلة حول واقعهم ودورهم الحاليّ.
فكيف يبدو حضور موارنة الاطراف في المشهد الوطنيّ العام وأين هم من الحكومات المتعاقبة ومن الوظائف العامة بفئاتها المختلفة؟
وأين هم من حسابات بكركي ومختلف مؤسساتها الوطنية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية؟
وكيف لهم باعدداهم المتناقصة يوما بعد يوم ان يقتنصوا الفرص والحظوظ ويواكبوا التطور في زمن بات البحث عن الأرقام والأعداد هاجسا وهدفا لكل سلطة روحية أم مدنية؟
موارنة الأطراف غير منفصلين عن الوطن
في هذا الاطار قال عضو المجلس التنفيذي في الرابطة المارونية المحامي كريم طربيه لـ”لبنان 24″ أنه ” بداية يقتضي التوضيح ان عبارة “ينتشر” لا تعني ان موارنة الاطراف هم منفصلون عن موارنة آخرين او ان وضعهم هو شبيه بوضع اللبنانيين المنتشرين في بلاد الاغتراب، فهم كسائر الموارنة جزء من النسيج اللبناني وجزء اكيد من النسيج الماروني العام.

ويتوزع الموارنة في مختلف اقطار الوطن ولو بنسب متفاوتة ويعتبر شمال لبنان مركز “ثقل” ماروني ان كان من حيث عدد الموارنة او من حيث الارث التاريخي والديني لهم. فأقضية البترون وزغرتا وبشري هي اقضية مارونية بامتياز اعطت لبنان واغنته على مدى عصور برؤساء جمهورية ورجالات دولة وشعر وادب رفدوا الثقافة العالمية.
ودينياً يعتبر وادي قنوبين جوهر الايمان الماروني ومقصداً لكل مؤمن برسالة الموارنة.
كما أن لبنان الجنوبي، ليس اقل شأنا اذ ان قضاء جزين هو ايضاً ثقل ماروني استطاع ان يصمد على الرغم من كل الظروف الصعبة والحروب التي مرت عليه، وموارنة الجنوب اعطوا الكنيسة بطريركين هما بولس المعوشي وانطوان خريش.

الأزمة الحالية أخطر من الحرب الأهلية

وأشار طربيه الى أن “الواقع الحالي لموارنة الاطراف هو كواقع سائر اللبنانيين، فهم يعانون من الانهيار المالي والاقتصادي والمصرفي ومن غياب خدمات الدولة ما زاد من نسبة البطالة والفقر وما دفعهم الى الهجرة بشكل كثيف.
وبنظرنا، فان الازمة الاقتصادية الحالية قد تكون من حيث تداعياتها لا سيما على صعيد الهجرة اخطر بكثير من الحرب الاهلية.
ودفعت هذه الازمة الى ظهور مبادرات فردية للتخفيف من حدتها ومن صعوبة نتائجها، فعلى سبيل المثال نذكر قيام مدرسة راشيل ادة الرسمية في بلدة سبعل الشمالية، التي تحولت الى مدرسة نموذجية كعلامة من علامات مواجهة الواقع الحالي”.
وعن العوائق التي تواجه موارنة الأطراف أكد طربيه انها في معظمها “انمائية بامتياز تعود الى سياسات الحكومات المتعاقبة بعد الحرب الاهلية اذ ان جميعها انصب الى انماء بيروت وضواحيها على الرغم من ان الطائف نص على الانماء المتوازن.
لذلك لا بد من تفعيل اللامركزية الادارية لانه لم يعد بامكان المواطن الانتقال الى العاصمة لاجراء معاملاته لا سيما بعد الارتفاع الكبير في سعر صفيحة البنزين.
ولا بد من الاشارة الى تضاؤل فرص العمل في هذه المناطق واقتصار الحركة الاقتصادية فيها على اشهر محدودة، من هنا يجب العمل على تفعيل اقتصاد هذه المناطق حتى يدرك موارنتها انهم جزء اساسي من الاقتصاد اللبناني ولهم دور محوري فيه”.
كما رأى طربيه انه في مجال المقارنة بين موارنة الاطراف وموارنة الوسط “تظهر ظروفهم وفرصهم متدنية وهذا يعود الى أمرين اساسيين اولهما الواقع الجغرافي لمناطقهم وثانيهما السياسات الاقتصادية التي اتبعتها الحكومة والتي سبق وتحدثنا عنها، من هنا لا بد من نظرة جديدة الى هذه المناطق باعتبارها ابعد من سياحية ما يدفع نحو الانماء المتوازن”.

ليسوا ادنى شأنا من سواهم من الموارنة

وعن دور الكنيسة ومدى اهمالها لموارنة الاطراف، قال طربيه أن ” الاجابة على هذا السؤال تتطلب تحديد دور الكنيسة اذ ان دورها ليس انمائيا وليس مطلوب من الكنيسة ان تحل محل الدولة في اي شيء.
فللكنيسة دور ديني وتربوي عبر مؤسساتها التعليمية وهي تثابر على ممارسته رغم الصعوبات الحالية.
ولا يظهر دور الكنيسة من خلال رجال الاكليروس فقط، بل يتعداهم الى سائر المؤسسات المارونية كالرابطة المارونية التي لعبت خلال العام 2020 دوراً مهما في مواجهة الازمة الاقتصادية التي طالت المناطق المذكورة اذ قامت بتأمين اكثر من 4 آلاف حصة غذائية بواسطة مؤسسة كاريتاس وجمعية مار منصور وهذا دليل على ان تعاضد جهود الكنيسة يمكن له ان يرفع الظلم عن المناطق.
ويمكن لموارنة الاطراف ان يلعبوا دوراً ريادياً وقياديا فهم قادرون على تغيير الواقع الحالي ولهم القدرة على ذلك بسبب عددهم (هم ثقل اساسي وارث تاريخي).
ولا ينحصر دورهم التغييري في السياسة فقط بل يتعداه الى عالم الانماء والاقتصاد.
ففي السياسة الدعوة لهم الى ممارسة حقهم في الاقتراع والتغيير في الانتخابات النيابية المقبلة اما في الاقتصاد فالدعوة لهم ان يستثمروا في مناطقهم صناعيا وتجاريا وزراعيا ما يدفع الى رفع فكرة التهميش عن مناطقهم كما ان الدعوة لهم الا ينتظروا منة لا من الدولة ولا من اي طرف آخر فهم ليسوا ادنى شأنا من سواهم من الموارنة.
والدور الوحيد الذي لا يجب ان يؤدوه هو دور المهاجر لانهم بذلك يقومون بتسليم البلد الى الغريب ما يفقد لبنان وجهه وصورته التاريخية، والازمة الحالية مهما طالت لا بد من مواجهتها بايمان مطلق وادراك أكيد انها ستزول بعد حين”.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى