آخر الأخبارأخبار محلية

كواليسُ تحرّكات لتيار “المستقبل”.. هكذا قد يُشارك في الانتخابات

صحيحٌ أن الرئيس سعد الحريري بات خارجَ العملية الانتخابية المباشرة في الوقت الآني بعد إعلانه تعليق عمله السياسيّ، وصحيحٌ أن تياره، تيار المستقبل، لن يخوض الانتخابات النيابية في أيار المقبل عبر مرشحين أو لوائح “مُباشرة”، لكنّ ما يتبين بشكل لافت هو أنّ التيار “الأزرق” يعملُ خلف الكواليس ولم يشهد أي انكفاءٍ أبداً.  


من دون أيّ مُنازع، تيّقنت أطرافٌ عديدة حجم الفراغ الذي تركه “المستقبل” في ساحة الطائفة السّنيّة، في حين أن القدرة على ملء هذا الفراغ ليست معروفة المعالم، حتى بالنسبة للأطراف الأخرى الفاعلة سياسياً ضمن الطائفة.  


وانطلاقاً من هذا الأمر، يعتبرُ “المستقبل” نفسه معنياً بالانتخابات أكثر من أي وقتٍ مضى، كون شعبيته ما زالت حاضرة، في حين أن “التيار” لم يتمّ حلّه تنظيمياً، كما أنّ النواب الذين ينتمون إليه لم يستقيلوا من مجلس النواب، والترويج لهذا التوجّه سقط منذ اللحظة الأولى التي برز فيه. 


اليوم، بات تيار “المستقبل” حاضراً أكثر للحفاظ على إرثِ الحريرية السياسيّة، وسط هجمة أطرافٍ كثيرة للاستحواذ على مكانة الأخير السياسيّة والشعبية. أما الأمر الأهم فهو أنّ الكثير من المسؤولين فيه باتوا يعتبرون التيار أكثر تحرّراً من السابق، فلا قدرة للآخرين على استمالته بأي طريقة، كما أنه لم يعد بإمكان أي جهة أن تأخذ ضمانات التزام من “المستقبل” سواء عبر تحالفات أو ترشيح شخصيات أو بتقسيم أصوات، وهنا بيتُ القصيد.  


حتماً، أصبحت قاعدة “المستقبل” قادرة على التحرّك بشكل أكبر في المناطق، ويمكنها دعمُ شخصيات عديدة في أكثر من دائرة انتخابية، الأمر الذي يسمحُ بوصول “التيار” من جديد إلى المجلس النيابي بطريقةٍ غير مباشرة، ومن دون أن يقدم تنازلات أو التزامات لأحد.  


على أساس هذه القاعدة، تبيّن أن منسقيات “المستقبل” في المناطق ما زالت تعملُ بوتيرةٍ مستمرة، كما أن مسؤولين رفيعي المستوى ضمن “التيار” ومعنيين بالانتخابات، يُجرون زياراتٍ لمناطق وازنة بالنسبة للمستقبل، ويعقدون فيها لقاءات مُغلقة مع شخصيات مقرّبة منه. إضافة إلى ذلك، فإنّ التوجّه العام لنوّاب المستقبل لم يُحسم حالياً سواء بالنسبة للانكفاء أو الترشح من جديد، إذ ينتظرون قراراتٍ جديدة قد تصدرُ من الحريري شخصياً، في حين أن الأنظار تتجه أكثر نحو ذكرى 14 شباط التي قد تكون الفترة التي تليها، مرحلة بروز ترشيحات لشخصيات من تيار “المستقبل”. 


ما يكشُفه المسار الحالي أيضاً أنّ “المستقبل” يُراهن على شخصيات مؤهلة لتكون مفاتيح انتخابية تستطيع الحصول على نسبة عاليةٍ من الأصوات التفضيلية في مناطقها. وهنا، فإنّ التّركيز سيكون على الأصوات السنيّة بشكل كبير، ما يعني أن القاعدة الحزبية للمستقبل ستصبّ كامل تركيزها على المرشحين السنة الذين يعتبرون في صفّ “المستقبل” سياسياً. وعليه، فإن الدعم سيكون مُطلقاً، كما أن الاستفادة من موجة التأييد للحريري ستكون حاضرة، الأمر الذي قد يشكل ورقة رابحة بالنسبة للتيار أقله في وجه التمدّد الذي يسعى لـ”قبع وجوده”.  


مع هذا، فإنّ الرهان على بعض نواب “المستقبل” في مناطق مختلفة ما زال كبيراً خصوصاً في الدوائر التي تمثل “ثقلاً” سياسياً وشعبياً بالنسبة للتيار الأزرق. واليوم، ما يتبين هو أنّ لعبة الشعارات قد تطرح نفسها بقوة بالنسبة لهؤلاء المرشحين، في حين أنّ التعبئة التي ستُخاض بين الناس حول ضرورة الحفاظ على إرث “المستقبل” في وجه تمدّد “حزب الله” والأطراف الأخرى التي تحمل “نزعة تطرّف”، ستكون كفيلةً بحشدِ دعمٍ أكبر وإعادة تكريسِ وجود نواب “المستقبل” سياسياً من جديد. إلا أن هذا الأمر، ورغم وجوده بشكل كبير، تقابله محاذير كثيرة عندما يتعلق بالإنجازات التي زرعها هؤلاء النواب، وعمّا إذا كان المزاج الشعبي سيقبل وجودهم من جديد وسط بروز أسماء شخصيات أخرى يمكن أن تكونَ مقبولة بالنسبة للناس بشكل أكبر خصوصاً عندما تلعب المناطقية دورها إلى حدّ كبير. 


كذلك، يبقى الأهم هو أن الشخصيات التي يسعى “المستقبل” لدعمها يجب أن تتمتع بقبولٍ شعبي، كما أن التيار يجب أن يحسم وجهة الشخصيات التي سيدعمها، أي التحالفات التي ستكون ضمنها تلك الأسماء التي سيعمل لحشدِ دعم لها. وهنا تطرح تساؤلات أساسية: هل ستقود الشخصيات التابعة للتيار والمدعومة منه، لوائح مستقلة بعيداً عن اسم التيار ظاهرياً؟ هل ستكون هناك تحالفات مع المجتمع المدني؟ 


إذا صحّ القول، فإن العمل الانتخابي للمستقبل هذه المرة سيكون “بلدياً” من أجل “النيابة”، أي أنه سيدخل إلى كواليس المناطق المحسوبة عليه بشكل دقيق، كما أنه سيكون “من تحت لتحت” من دون أي تكلفة أو التزام. أما فهو الأهم أن المسار القائم حالياً سيجعل “المستقبل” بعيداً عن استغلاله من جديد من أي أطرافٍ أخرى.  


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى