تكنولوجيا

التنافس بين شركتي آبل و فيسبوك بات خارج عن المألوف

التنافس بين الشركات التقنية الكبرى والمناوشات والبيانات الإعلامية يعتبر أمرًا معتادًا في الوسط التقني، ونراه كثيرًا وليس مستغربًا خاصة في وادي السيليكون، ولكن يبدو أن التنافس بين شركتي آبل وفيسبوك وتحديدًا بين الرئيسين التنفيذين للشركتين “مارك زوكربيرج” و “تيم كوك” هو أمر خارج عن المألوف، ودخل على ما يبدو الى ساحة الصراع الشخصي أكثر من كونه صراع بين شركتين ترتبطان مباشرة بأكثر من ثلثي سكان العالم.

وقد خرج هذا الصراع للسّطح بشدة، بعد قرار شركة آبل تضمين ميزة الخصوصية الجديدة في إصدار نظام التشغيل “آي أوإس 14” iOS 14 التي تتطلب من مطوري التطبيقات طلب الإذن قبل تتبع المستخدمين عبر التطبيقات ومواقع الويب، حيث أظهرت هذه الميزة إنها ستضر بنموذج عمل شركة فيسبوك بشكل رئيسي.

نتيجة لذلك، شنَّ الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك “مارك زوكربيرج” حربًا شاملة ضد شركة آبل، متمسّكاً بشعار “مجانية الإنترنت” كسلاحٍ له من خلال الإعلانات في الصحف، وإطلاق موقع إلكتروني جديد لإظهار مدى تأثير هذه الميزة على المطورين وأصحاب المشاريع الناشئة.

بينما ستكون شركة آبل أكبر المستفيدين، حيث أوضح البيان الموجود في الموقع: إن قواعد التتبع الجديدة من آبل تتعلق بالربح، وليس الخصوصية، ونعتقد أن آبل تتصرف بشكل غير تنافسي من خلال استخدام التحكم في متجر آب ستور بطريقة تفيد أرباحها النهائية على حساب المطورين والشركات الصغيرة.
ومن المحتمل أن تكون لهذه الخطوة تأثير حقيقي وملموس على نموذج عمل شركة فيسبوك، لكن الشيء المثير للاهتمام هو أن شركة آبل لا تقول للمطورين إنه لا يمكنهم تتبع المستخدمين بشكل نهائي، بل عليهم فقط طلب الإذن أولًا، ولكن يبدو أن “مارك زوكربيرج” قد سمع الجزء الثاني فقط

وهكذا، بدأت شركة فيسبوك معركة علنية لمناهضة هذا القرار ومحاولة التأثير لإلغاء هذه الميزة، أو على الأقل تغيير ولو جزء من عملها، حيث بدأت في الأشهر الماضية بنشر إعلانات في كبرى الصحف الأمريكية ضمن صفحات كاملة، تدّعي فيها أن شركة آبل تهاجم الشركات الصغيرة.
كما أبلغت المستثمرين أن شركة آبل تعتبر واحدة من أكبر منافسيها، وبدأت في التجهيز لرفع دعوى قضائية ضد الاحتكار تستهدف فيها متجر التطبيقات الخاصة بشركة آبل.

وتوالت هذه الأحداث بعد أن كشفت صحيفة “Wall Street Journal” في تقرير لها نُشر في الأسبوع الماضي، يقول أن “مارك زوكربيرج” قد أخبر موظفيه في عام 2018 أنه يحتاج إلى إلحاق الأذى بشركة آبل.

وذلك ردًا على مقابلة صحفية للرئيس التنفيذي لشركة آبل (تيم كوك) أجرها في العام نفسه قال فيها: إن شركة آبل لن تكون أبدًا في هذا الموقف، وذلك عند سؤاله حول ممارسات جمع البيانات المثيرة للجدل التي تقوم بها شركة فيسبوك بعد ظهور تفاصيل فضيحة Cambridge Analytics

والسؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي يدفع سابع أغنى رجل في العالم، وهو يبلغ من العمر 37 عامًا فقط، على إمضاء الكثير من الوقت في الهجوم على شركة بحجم آبل التي تعتبر أكثر الشركات قيمة في العالم؟

والأمر ببساطة لأن شركة آبل قد تكون الصوت الوحيد الذي يقول “لا” لخطة الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك “مارك زوكربيرج” غير العلنية للسيطرة على العالم أو على الأقل خطته لجمع أكبر قدر من البيانات والمعلومات واستغلالها في تحقيق الأرباح.

قد يقول الكثيرون أن خطوة شركة آبل فيما يتعلق بالميزة التي تريد تقديمها في إصدار نظام التشغيل “آي أوإس 14” iOS 14 خلال هذا العام ستخدم مصالحها ايضًا، هذا صحيح، فأي خطوة تقوم بها أي شركة لصالح مستخدميها فهو بالتأكيد سيخدم مصالحها الذاتية أيضًا.

وسنجد أن شركة آبل بالتأكيد ستستفيد من تضمين ميزة الخصوصية الجديدة كعامل تمييز تنافسي، وهو جزء من القيمة التي تقدمها الشركة لعملائها، والذين هم على استعداد لشرائها.

ومع هذا، فإن الهجوم المستمر قد يفسر سبب تركيز مالك شركة فيسبوك بشركة آبل، فكل مستخدم لإحدى منتجات فيسبوك هو إما عميل لشركة آبل أو جوجل من خلال نظامي التشغيل آي أوإس أو أندرويد، وبهذا المعنى فإن شركة فيسبوك تعمل كوسيط بين المستخدمين وأي إعلانات أو خدمات تابعة لجهات خارجية.

حيث نجد أن آبل هي المالكة والمطورة لهاتف آيفون ونظام التشغيل (آي أوإس) iOS، وهذا يعني أنها ستضع القواعد بحسب مصالحها الذاتية، في حين نجد أن شركة فيسبوك ليس لديها النوع نفسه من العلاقة لأنها تعتمد على صانعي الأجهزة، وهذا يجعلها بشكل مباشر تخضع لشركات، مثل: آبل وجوجل، وعليها أن تلتزم بقواعدهما الخاصة بشكل إجباري أو اختياري.

ويبدو انه لا يوجد أي ترحيب من “مارك زوكربيرج” الذي أظهر في كثير من المواقف أنه لا يحب القواعد التي يضعها الأخرون لأنها تتعارض بشكل مباشر مع نموذج أعمال شركته. فيسبوك
وهنا نذكر أنه على الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك التفكير في فرضية أن يكون نموذج عمله مهددًا بفكرة أن يسمح المستخدمون له بتتبع ما يفعلونه عبر الإنترنت، فإن مشكلته ستكون مع نموذج عمل شركته وليس شركة آبل.

فبدلًا من تركيز “مارك زوكربيرج” وشركته على المنافسة، عليه أن يركز على تحسين منتجات شركة فيسبوك للأفضل، ومن ثم إذا هُدد نموذج عمل شركته فيجب عليه أن يعمل على إصلاح ذلك بدلاً من الشكوى من الشركات الأخرى، مثل: آبل.

للمزيد على facebook

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى