آخر الأخبارأخبار محلية

هل قدّم الحريري هديّة مجانيّة لـ”حزب الله” أم قراره فتح مواجهة ضدّ سلاح المقاومة؟

منذ إعلان الرئيس سعد الحريري تعليق مشاركته في الحياة السياسيّة، لم يصدر حتّى تاريخه أي موقف أو بيان رسمي لـ”حزب لله” عن الموضوع. ورغم أنّ الكثيرين اعتبروا أنّ الحريري قدّم هديّة مجانيّة لـ”الحزب”، للفوز بالاكثريّة النيابيّة والتمدّد إلى الشارع السنّي، يرى آخرون أنّه من أبرز الخاسرين من قرار الحريري. فكان الخصوم قبل الاصدقاء يصفون تيار “المستقبل” ونوابه ورئيسه بالمعتدلين، ليس فقط من حيث الطائفة والمذهب، وإنّما من حيث النظرة إلى كيفيّة معالجة موضوع سلاح المقاومة.

 
وتجدر الاشارة إلى أنّ كلمة “المقاومة” كانت داخل بيانات الحكومات الوزاريّة التي ترأسها الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وصولا إلى إبنه سعد والرئيسين فؤاد السنيورة وتمام سلام المنضوين أو المقربين من راية “المستقبل”، على الرغم من أنّ مواقف نواب التيّار “الازرق” معروفة من سلاح المقاومة وحصره بيد الدولة. كذلك، دخل الحريري في عدة تسويات مع “حزب الله”، وتحالف معه في انتخابات العام 2005، وشاركه في الحكم في جميع الحكومات التي ترأسها.

 
وبعد تعليق الحريري نشاطه السياسي، أطلق رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط تصريحاً، وهو ما يشاركه به الكثير من المراقبين، بأنّ “حزب الله” سينقضّ ويسيطر على المقاعد السنّية التي سيخلفها الحريري. وهنا، يجدر التذكير بنقطة أساسيّة، وهي أنّ “حزب الله” موجود في البيئة السنّية من خلال النواب الحلفاء له (أسامة سعد، فيصل كرامي، عبد الرحيم مراد، الوليد سكرية، جهاد الصمد، قاسم هاشم)، والمؤيدين لخط المقاومة وللسلاح بوجه العدو الاسرائيلي.
 
ومع تحفظّ “حزب الله” عن التعليق، سؤال منطقي يُطرح، هل يترقب الايام المقبلة وما ستحمله من تسويّة خارجيّة ستُعيد الحريري إلى المعركة الانتخابيّة والحياة السياسيّة، ليرتاح من فكرة المرشحين السنّة “المتطرفين” تجاه سلاحه، وهم كُثر ومعروفون؟، وبالتالي هناك تخوّف داخل “الحزب” من أنّ وصول هؤلاء إلى سدّة مجلس النواب سيضعه أمام مشكلة داخليّة خطيرة، ربما لن تمنع عودة عقارب الساعة إلى 7 آيار جديد، وذلك لعدّة أسباب.

 
ولعلّ السبب الرئيسي هو بناء هؤلاء على برنامجهم الانتخابيّ من حيث حمّل الحريري إيران، وبطبيعة الحال “حزب الله” داخليّاً مسؤوليّة ما وصلت إليه الامور السياسيّة والاقتصاديّة، وصولا إلى اتّخاذه قراره بتعليق مشاركته في الحياة السياسيّة. ويبقى هاجس “الحزب” من أنّ يستعمل هؤلاء المرشحون من طرابلس وعكار وصولا إلى بيروت هذه اللغة لجذب أصوات مناصري “المستقبل” المعارضين لسياسته ولـ”السيطرة الايرانيّة” كما يسمّوها على لبنان، بهدف الوصول إلى مجلس النواب، ما سيكوّن مع كتلة “القوات اللبنانيّة” و”الكتائب اللبنانيّة” وبعض المستقلين المنضويين تحت راية “السياديين” حلفاً أكبرَ ضدّ سلاح “حزب الله”، والمطالبة بتنفيذ القرار 1559 والعودة إلى خندق المواجهات السياسيّة الخطيرة كما كان الحال قبل العام 2005.
 
ويجب التذكير، أنّ هذا الخوف في أروقة “حزب الله” يأتي بعد تقديم الورقة الكويتيّة، التي شدّدت على تنفيذ القرارات الدوليّة، ومن بينها الـ1559، وعدم استعمال لبنان كمنصّة لاستهداف الدول العربيّة، علما ان زيادة حجم النواب “المتطرفين” ضدّ سلاح “الحزب” من شأنه أن يزيد الضغوط داخليّاً عليه.
 
في السياق، بدأ رؤساء أحزاب يعملون عبر بياناتهم وتصاريحهم المحاولة لاستمالة جمهور تيار “المستقبل”، عبر التعاطف مع الحريري وتفهمّ قراره. فرئيس “التيار الوطني الحرّ” أراد توجيه رسالة إلى هذا الجمهور أنّ رئيس حزب “القوات” سمير جعجع “مرتهن للخارج وهدفه الحرب الاهليّة”، وبالتالي فإنّ التصويت لصالح “التيار” في الانتخابات هو مثل مشروع الحريري، أيّ بناء الدولة. أما جعجع، وبالرغم من أنّه تلقى ردود فعل شاجبة من “المستقبل” لموقفه تجاه الحريري، فلا يُخفى أنّ شعبيّة “القوات” زادت في الشارع السنّي، وخصوصاً بعد أحداث الطيونة المؤسفة الاخيرة.
 
في إطارٍ آخر، برز موضوع الميثاقيّة وتمثيل الطائفة السنيّة. وقد أكّدت مصادر قانونيّة ودستوريّة لـ”لبنان 24″ أنّ “قرار الحريري، وعدم مشاركته وتياره وأنصاره في الانتخابات النيابيّة، لا يعني أنّ الميثاقيّة مفقودة، والدليل أنّ هناك نوابا سنّة من خارج “المستقبل”، وهناك كتلة تمثلهم في مجلس النواب. وبالتالي، فإنّ الحريري لا يمثّل الشارع السنّي بكامله. والميثاقيّة تُفقد إن عزفت طائفة ومرشحيها عن خوض الانتخابات النيابيّة، وهو امر لن يحصل”.
 
وهنا يأتي دور الشخصيات التي ستتولى تعبئة الفراغ الذي سيتركه “المستقبل”. وبحسب مراقبين، فإنّ وصول هؤلاء سيفجّر المجلس النيابي بينهم وبين “الثنائي الشيعي”. وبالتالي، فإنّ على “حزب الله” العمل على توسعة تمثيل حلفائه النواب السنّة في بيروت والبقاع والشمال، بوجه المرشحين الطامحين لملء مقاعد “المستقبل”. ويرى مراقبون أنّ هذه المهمّة لن تكون صعبة إن عزف مرشحو “المستقبل” التقليديين والقاعدة التي تمثلهم عن المشاركة في الانتخابات. ويلفت المراقبون إلى أنّ انخفاض نسبة التصويت، سيزيد من فرص حلفاء “حزب الله” عبر كسب الحواصل.
 
وبانتظار كل هذه السيناريوهات، تتّجه الانظار إلى نواب “المستقبل” الحاليين، وعما إذا كانوا سيخوضون الانتخابات المقبلة من دون راية تيارهم، الامر الذي سيُشكّل صعوبة بوصول المرشحين الاخرين. ولكن، من جهة ثانية، يحذّر مراقبون من استثمار حالة الاحباط في الشارع السنّي، ودفع المال، للتأثير على خيارات الناخبين، وإيصال نواب غير معتدلين، و”متطرفين” تجاه سلاح “حزب الله”، ما سيؤدّي إلى تأزّم الاوضاع السياسيّة أكثر، وانسحاب لغة الخطاب التصعيديّ إلى مواجهات في الشارع.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى