آخر الأخبارأخبار محلية

قانون الاحوال الشخصية.. الدستور مدني والتطبيق طائفي!

يشعر اللبنانيون اليوم بضرورة ان يكون لديهم قانون موحد للأحوال الشخصية يكرس مبدأ العدالة والمساواة بين جميع افراد المجتمع، ويحقق مبدأ المواطنة، كونه السبيل  الوحيد  للتخلص  من  النظام  الطائفي  الذي لم يجلب  معه  سوى الحروب  والازمات،  ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل أن السلطة اللبنانية بشقيها التشريعي والتنفيذي جاهزة لسن مثل هذا القانون  متخطية  حساباتها الطائفية  والمذهبية؟

لا أكراه في الدين

يؤكد النائب الاسبق  ورجل القانون ادمون رزق على اهمية وجود قانون موحد للاحوال الشخصية في لبنان، لما  لذلك من علاقة  بموضوع الحريات وشرعة الحقوق الانسان.
وقال في حديثه لـ “لبنان 24″:” ليس هناك الزام لأي شخص كان، الا ضمن إطار القوانين الوضعية،  والمبدأ الاساسي الذي يجب أن يسير عليه الجميع هو مبدأ  “لا أكراه في الدين كما جاء في الديانة الاسلامية ، مع العلم أن خيارنا جميعاً هو إلايمان”.

 رزق اعتبر ايضاً  ان  وجود  قانون  موحد  للأحوال  الشخصية هو امنية وقرار ضمني في وثيقة الوفاق الوطني التي اجمع عليها نواب الامة في الطائف، والتي  تحولت  في ما بعد إلى دستور للبلاد  بعد اقرارها  في المجلس النيابي.

الخطاب المذهبي اقوى

اقرار  قانون  موحد  للأحوال الشخصية  اعتبره  رزق  انه  يجب ان يكون  موضوع  اجماع  وطني، وذلك  نظراً  لأهميته  في  تعزيز   فرص الوحدة الوطنية  في  بلد  تعددي  مثل  لبنان ، واردف قائلاً: ” من المعروف أنه  ليس هناك في  لبنان  قانون  موحد  للاحوال الشخصية، فهناك محاكم  مذهبية  لدى الطوائف الاسلامية، ومحاكم روحية  لدى الطوائف المسيحية”.

رزق  عزى  سبب فشل  كل  المحاولات  التي  جرت  حتى  الان  لإقرار قانون موحد للأحوال الشخصية  في لبنان  إلى قوة  تأثير الخطاب المذهبي والطائفي  في المجتمع اللبناني ،  وأردف:”في  لبنان  ووفقاً لدستوره يجب أن  يكون هناك  قانون موحد للاحوال الشخصية على أن يكون اختيارياً، وفي  ذلك  تأكيد على  مبدأ ا لمواطنة ، ولكن هذا الامر  لم  يحدث حتى   الان  بكل اسف بالرغم  من أن المادة 95  من  الدستور نصت  على  وجوب  انشاء الهيئة  الوطنية  لالغاء الطائفية السياسية ،  والتي  جاءت  بناء  على  اقتراح من قبلي عندما كنت وزيراً  للعدل في اول حكومة في عهد الرئيس الياس الهرواي،  والتي  كانت  برئاسة  الرئيس  سليم الحص ، وقبل  ذلك  كنت من ابرز المطالبين  بأنشاء هذه الهيئة عندما اجتمعنا في الطائف ، ويومها اصريت  على وجوب اقرار قانون موحد للأحوال الشخصية في لبنان”.
رزق  رأى  في حديثه أيضاً  أن عدم اقرار قانون موحد للأحوال  الشخصية  قد اوصل البلاد  إلى ما هو اسوأ من الطائفية ألا وهي المذهبية، محملاً مسؤولية   ذلك إلى العهود المتعاقبة ، والتي  تخلفت عن تطبيق  اقرار قانون موحد  للأحوال الشخصية ، والذي يمثل مناقبية الدستور اللبناني، ويهدف إلى  تأكيد  مبدأ الوحدة الوطنية  والمساواة  بين المواطنين.
فتش عن الجهالة
رزق قال أيضاً:” لقد تم التنكر لاتفاق الطائف انطلاقاً من واقعين اثنين . الواقع الاول هو الجهالة لدى المسؤولين باتفاق الطائف ووثيقة الوفاق الوطني، والثاني  هو  وجود مشاريع اخرى لدى بعض المسؤولين، والتي تتعارض  مع  نهائية  الكيان اللبناني  ووحدة  لبنان  على  أسس مدنية.
وأضاف: “نحن مع  لبنان المؤمن ، ولكننا في نفس الوقت   ضد  لبنان  المتذهّب، فالطائفية  ليست دينا ، وهي تتنافى  مع  كل  قيم الدين.فالدين  الاسلامي واضح قوله: لا اكراه في الدين، كما ان الدين المسيحي يجاهر بالمناداة  بالمحبة والتسامح.”

لقانون متدرج

أما المحامي الدكتور سلام عبد الصمد فقد رأى في حديثه لـ  “لبنان 24” أنه  لا يمكن  بناء  لبنان  الجديد خارج القيد الطائفي،  وقيام  الدولة   المدنية، من دون  وضع قانون موحد للإحوال الشخصية ، وقال أيضاً: “لا شئ  يمنع من  أن يكون هذا القانون  في البداية اختيارياً،  وذلك بهدف تعويد الطوائف في لبنان على تقبل  فكرة القانون المدني تدريجياً  على  أن يصبح  الزمياً  فيما بعد،” مستشهداً في حديثه  بإلامارات العربية المتحدة الدولة المسلمة،  والتي اعتمدت مؤخراً مبدأ القانون الاختياري للأحوال الشخصية”.
عبد الصمد أرجع عدم وجود  قانون موحد  للإحوال  الشخصية  في لبنان  إلى تاريخ انشاء دولة  لبنان الكبير،  حيث لعبت دولة الانتداب دوراً رئيسياُ في  تطييف  المجتمع اللبناني  ومذهبته  خدمة  لمصالحها  الاستعمارية،  وعلى  هذا  الاساس  تم  وضع الدستور اللبناني.
 وأضاف قائلاً: “وبدل  أن يتعظ  اللبنانيون  من  توزعهم  شيعاً ومذاهب، وكل  طائفة  تتصرف كأنها  دولة قائمة  بحد ذاتها  مما أدى إلى اصطدام هذه الطوائف  ببعضها  البعض  في حرب  اهلية استمرت خمسة عشرة عاما، عاد اللبنانيون  ليكرروا  التجربة  نفسها  من خلال  وثيقة الطائف ، والتي  اعتبرت أن الانتخابات  النيابية  يجب  ان تجري على  أساس التوزيع الطائفي،  مع العلم   ان الدستور اللبناني  هو دستور مدني،  ولكن الشواذ  هو  في التطبيق ، وفي  التفسير المغلوط  لبعض هذا الدستور.
 الامر الذي عجل   في انتشار سرطان الطائفية  في  جسم  المجتمع  اللبناني ، بحيث  بات قوياً ومتمكناً  إلى درجة يصعب  فيها اقتلاعه”، داعياً  إلى اقرار  قانون انتخاب  خارج القيد الطائفي  مع السماح  للطوائف بالتمثل  داخل  مجلس الشيوخ  كما ينص الدستور.
عبد الصمد حمل في حديثه المجلس النيابي  بالدرجة الاولى مسؤولية  عدم اقرار قانون موحد  للإحوال الشخصية، وقال:” في الظاهر يبدو النواب عندنا علمانيين  لا طائفيين ، ولكن عند  وضعهم امام  مسؤولياتهم  في  القيام  بخطوات  باتجاه  قيام الدولة المدنية وابرزها اقرار قانون موحد للأحوال الشخصية  يختلف  المشهد  كلياً،
بحيث يبدأون بالتهرب من مسؤولياتهم بذرائع واهية، وذلك طبعا لأسباب شخصية  ومصالح  انتخابية  على حساب  صحة المجتمع  وسلامته.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى