آخر الأخبارأخبار محلية

القوى السُّنيّة وتجربة الاعتكاف المسيحيّ

كتبت هيام قصيفي في” الاخبار”: ما يمكن الكلام عنه، والأقرب إلى الواقع، هو أن الزعامات السنية تعيش حالة سبق أن عاشتها القيادات المسيحية في مرحلة التسعينيات وما تلاها، قبل أن تعود بعد سنوات لتمسك زمام أحزابها، وتحاول إبعاد الشخصيات التي صعدت بقوة في الوسط السياسي. في الواقع السني اليوم، تظهر قيادات الصف الأول، وكأنها تنسحب من السباق لمصلحة شخصيات من الصف الثاني أو من دائرة المقرّبين العائلية والسياسية، في انتظار جلاء لمستقبل لبنان يساعد أكثر في التعاطي مع المرحلة المقبلة.

لكنّ الطبيعة لا تحب الفراغ، وتجربة المسيحيين مع الانكفاء لم تكن تجربة مشجّعة. اليوم ثمّة شخصيات سياسية مسيحية تبقى تقاتل وتناور وتترشّح وتخسر، لكنها تبقى صامدة في العمل السياسي، ولا تتراجع تحت سطوة القيادات السياسية، في حين أن من شأن انكفاء زعامات سنية، في ظل مرحلة سياسية غير واضحة، ومليئة بالتحديات التي تتعلق بمستقبل النظام اللبناني، أن يثير بلبلة داخل الصف السني، إذ إنها ليست مجرد انكفاء مرحلي، سبق أن عاشته بعض الزعامات السياسية، قبل أن تطل مجدداً بزخم وحضور أقوى.
فصعود شخصيات سنية من طرابلس إلى بيروت وصيدا، في هذه المرحلة تحديداً يحتاج إلى عناوين واضحة وكثير من التحالفات ومن خريطة طريق تغطي سياسياً ومالياً، كل ما يحتاج إليه الشارع المتخبّط منذ سنوات بين عناوين سياسية وهموم اجتماعية. والخروج من عباءة الحريري الابن، للدخول في اصطفافات داخل عائلة الحريري أو قيادات في تيار المستقبل، من شأنه أن ينذر بصعوبات أكثر بالنسبة إلى الشارع الذي لن تستطيع أن تجمعه حينها وجهة سياسية واحدة، قادرة في الوقت الراهن وخلال مدة قصيرة على تزعّم الحالة السنية تحت راية بديل الحريري مهما كان اسمه. وهنا مكان الأسئلة عن دور النائبة بهية الحريري، أو الرئيس فؤاد السنيورة، أو قبل طرح السؤال عن دور بهاء الحريري في كل ما سيجري في الانتخابات، ودور قيادات مناطقية في الحلول مجتمعين في خريطة ترشيحات متساوية. 
واقع الحالة السنية اليوم، خصوصاً في غياب راعٍ إقليمي مباشر، وواضح التوجّهات، يعيد تظهير مقاربة الانتخابات من زاوية وضع اليد على زعامتها، أو تركها تتخبّط في تحالفات متنوّعة، في غياب مشروع سياسي واضح. وهي في الحالتين ستترك تأثيرات مباشرة، سواء أكانت القضية قضية انتخابات فحسب، أم رسم مستقبل القوى السياسية وزعاماتها، في لعب دور محوري في إعادة تزخيم واقعها المتفسّخ، وفي المساهمة في تقرير ما يُكتب للبنان.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى