آخر الأخبارأخبار دولية

فرنسا وأوروبا بين معضلة الإبقاء على وجود عسكري في مالي أو مغادرتها


نشرت في: 18/01/2022 – 12:20

أثار توتر العلاقات الأخير بين مجموعة العسكريين الحاكمة في مالي وفرنسا تساؤلات حول مستقبل الحضور العسكري الفرنسي والأوروبي في هذا البلد بغرب أفريقيا. خصوصا بعد تعنت العسكريين الماليين الذين رفضوا تنظيم انتخابات عاجلة تعيد السلطة للمدنيين واستنجادها  بمجموعة فاغنر الروسية  رغم نفيهم الرسمي لذلك.  وتحاول فرنسا والاتحاد الأوروبي والولايا ت المتحدة الضغط على المجموعة العسكرية الحاكمة في مالي دون جدوى ، ما دفع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) إلى فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية ضد مالي في منتصف كانون الثاني/يناير الجاري.

تثير العلاقات المتوترة بشكل متزايد بين العسكريين في مالي وباريس تساؤلات حول مستقبل الحضور العسكري الفرنسي والأوروبي في البلد، لكن خيار الانسحاب لا يبدو سهلا سياسيا لفرنسا مع اقتراب انتخاباتها الرئاسية وفي ظل ترأسها الاتحاد الأوروبي.

في الأسابيع الأخيرة، تجاوز العسكريون الذين يسيطرون على السلطة في باماكو الخطوط الحمر التي وضعتها دول المنطقة وشركاء مالي الأجانب، فرفضوا تنظيم انتخابات في وقت قصير بهدف إعادة السلطة إلى المدنيين، ولجؤوا إلى مجموعة فاغنر شبه العسكرية الروسية المثيرة للجدل رغم نفيهم ذلك رسميّا. 

وحاولت باريس والاتحاد الأوروبي وواشنطن ثني حكام مالي عن السير في هذا الطريق. وشجب وزير خارجيتها جان إيف لودريان ووزيرة قواتها المسلحة فلورنس بارلي مؤخرا احتمال نشر مرتزقة فاغنر في مالي، معتبرين أن ذلك “غير مقبول” و”يتعارض” مع وجود الآلاف من العسكريين الفرنسيين. وأعلن لودريان الجمعة أن فرنسا وشركائها الأوروبيين يعتزمون البقاء في مالي “لكن ليس تحت أي ظروف”.

لكن لم يكن للتهديدات والضغوط أي تأثير، ما دفع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) إلى اتخاذ حزمة عقوبات اقتصادية ودبلوماسية ضد مالي في منتصف كانون الثاني/يناير.

أما رد فعل باريس، فلم يمض حتى الآن أبعد من التنديد مع التأكيد أن الروس لا ينشطون حاليا في نفس منطقة نشاط قواتها في مالي.

وتنخرط فرنسا عسكريا منذ عام 2012 في مكافحة الجهاديين في مالي، وقد كلفها ذلك 52 قتيلا ومليارات اليورو.

ومن المنتظر أن يتناول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الموضوع الأربعاء في كلمة سيوجهها للجيوش الفرنسية.

لكن شركاء أوروبيين آخرين مضوا أبعد من الاستياء والتنديد. فقد أشارت وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبريخت مؤخرا إلى إمكانية نقل الوحدة المشاركة في بعثة الاتحاد الأوروبي المكلفة تدريب القوات المالية “إلى مكان آخر أكثر أمانا لجنودنا”.

وقالت السويد التي تنشر نحو 300 عسكري في مالي، الخميس إنها “قلقة للغاية” بشأن الوضع في البلاد وتعتزم “تحليل تداعياته”.

  رسائل عدائية  

لم يطلب العسكريون في مالي رسميا من القوات الفرنسية والأوروبية المغادرة، لكنهم زادوا رسائلهم العدائية في خضم انتشار مشاعر معادية لفرنسيا في المنطقة.

وقد نظمت مظاهرات حاشدة ضد عقوبات إيكواس الجمعة في أنحاء مالي بدعوة من المجلس العسكري، هتف خلالها المحتجون بالكثير من الشعارات التي تنتقد القوة الاستعمارية السابقة.

بدوره، اتهم رئيس الوزراء المؤقت تشوغويل كوكالا مايغا فرنسا الأحد باستخدام إيكواس أداة “لتصفية حسابات أخرى”، وأشار إلى احتمال مراجعة اتفاقيات الدفاع التي تربط باريس وباماكو. وقال “نريد مراجعة الاتفاقات غير المتوازنة التي تجعلنا دولة لا تستطيع حتى التحليق فوق أراضيها دون إذن من فرنسا”.

وأكد مصدر دبلوماسي فرنسي الاثنين “تلقينا طلبا من مالي (في هذا الصدد) ونقوم بدراسته”.

وانتقدت باماكو الأسبوع الماضي حرية حركة الطائرات العسكرية الفرنسية التي تدخل المجال الجوي المالي أو تغادره.

لكن هيئة الأركان الفرنسية أكدت الإثنين أنه “لا توجد عقبات أمام العمليات الجوية” على أراضي مالي.

وفي حال قررت مالي إغلاق حدودها الجوية، فإن ذلك سيمنع الجيوش الفرنسية من مواصلة مهمتها ويعطّل عمليات تناوب القوات لاسيما مع استمرار الحظر على تحليق الطائرات العسكرية الفرنسية فوق الجزائر الساري منذ تشرين الأول/أكتوبر. 

وتعليقا على هذا السيناريو المحتمل، قال مصدر فرنسي مقرب من الحكومة إنه “لا يمكننا مساعدة الناس رغما عنهم”. لكن ينبّه بعض الفاعلين في الملف من خطر إفساح المجال أمام النفوذ الروسي في المنطقة. 

  أوروبا 

تخفّض فرنسا عديد قواتها العاملة في مالي منذ الصيف في إطار إعادة تنظيمها، لكنها تعتزم حتى الآن الإبقاء على قوات في غاو وميناكا وغوسي تتقدمها مجموعة القوات الخاصة الأوروبية الجديدة “تاكوبا” التي أطلقتها باريس منذ أكثر من عامين لتقاسم العبء مع حلفائها.

و”تاكوبا” رمز لـ”سياسة الدفاع الأوروبية” التي ينادي بها إيمانويل ماكرون، لكنها ستختفي في حالة الانسحاب بعد أن نجحت فرنسا في إقناع عشرات الدول بالمساهمة فيها. وقد أعلنت النيجر المجاورة أنها لن تستضيف “تاكوبا”. 

وفي حال حصل ذلك، فإنه سيمثل انتكاسة كبيرة في خضم الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي وقبل ثلاثة أشهر من الانتخابات الرئاسية الفرنسية.

ومما سيفاقم المرارة هو أن حصيلة تسع سنوات من التدخل العسكري بعيدة كل البعد عن أن تكون مرضية، إذ لا يزال للجماعات الجهادية التابعة للقاعدة حضور بارز رغم تحييد العديد من قادتها. 

فرانس 24 / أ ف ب 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى