آخر الأخبارأخبار محلية

يُعد العدة للرحيل مُجدداً.. بلال يروي كيف نجا من قوارب الموت: “عشنا الحلم بقوة”

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن“: في البداوي كما في كل لبنان، يتلمّس الكثير من الشباب الهجرة أملا بحياة أفضل. يجدون في قوارب الموت ملاذاً للهرب من الفقر. هو البحر الذي أضحى وسيلة المتعطشين للوصول إلى أوروبا علّهم يجدون في دولها ما عجزت عن تقديمه دولتهم الأم. يمثل بلال موسى عيّنة من عشرات بل مئات الشباب الذين ضاقت بهم الحياة في بلدهم، فصاروا على هامش المجتمع.

 

الهجرة: الحلّ الوحيد

بدأت القصة خلال جلسة على فنجان قهوة، استعرض بلال موسى (35 عاما) ومجموعة من اصدقائه تدهور اوضاعهم المعيشية والحلول الممكنة. اختاروا الهجرة. كان الخروج من لبنان الحل الوحيد، لكن الى اين ستكون الوجهة، ليس الى دول الخليج لان راتب اللبناني تدنى هناك واختلف الوضع عما كان عليه في الماضي، فكانت العين على دول اوروبا. القرار اتخذ وشرطه الإحاطة بالسرية. باشر بلال تحضير نفسه للسفر. باع سيارته وبعض ما يملك، ليشتري حلماً طال تحقيقه، وحجز مقعداً على “باخرة” تقله الى حيث الامل بحياة افضل وبدأت المغامرة.

 

احتمال الخطر لم يحجب حلمه الذي سارع لتحقيقه متحمساً “توجهت عند منتصف الليل ولم اتحدث الى اي فرد من عائلتي. قلت لوالدي سأسافر على متن الباخرة فجراً الى ايطاليا ومنها الى المانيا حيث لنا بعض الاقارب ليساعدوني في بداية حياة جديدة، وغادرت من دون ان اسمع رأيه“.

 

الصدمة

وجد بلال من يدغدغ حلمه ويلعب على وتر عوزه. وعده متعهد السفر ان رحلته ستكون في غاية السهولة، لن يحتاج الى أي شيء، المنامة والمأكل مؤمنان وفي غضون خمسة ايام ستكون في اوروبا”، ادرك كيف يلعب على نقطة ضعفه. حلم يتحقق على مسافة خمسة ايام قال بلال في نفسه “توجهنا ليلاً على اساس أن السفر على متن يخت واذ بنا نصعد الى فلوكة (قارب). راجعناه فقال ان اليخت موجود بعد ان نقطع المياه الاقليمية اللبنانية لنكمل على متنه“.

 

بعد انطلاق القارب من القلمون بنصف ساعة تقريباً اعترضته دورية من بحرية الجيش لتعيده “تابعنا سيرنا الى ان قطعنا المياه الاقليمية، عندها انطفأ محرك القارب صار هرج ومرج بين الناس وارتفع صراخ النسوة واعتراهن الخوف”. برر المتعهد ان المياه اخترقت القارب بسبب مطاردة الجيش لرحلتهم، وان العطل كان يمكن اصلاحه لولا خوف النسوة ورغبتهن بالعودة، لكنه لم يقل مثلاً ان هذا العدد الكبير على متن قارب صغير يمكن ان يكون سبباً “كنا اتفقنا ان عدد المسافرين لن يزيد على الخمسين وفوجئنا ان عددنا حين انطلقنا صار 90 راكباً، بينهم 10 شباب من دون عائلاتهم و32 طفلاً”. كان حبل نجاتهم سترة واقية ومناجاة إلهية “لحظة توقف القارب جرت اتصالات مع الجيش لسحبنا خشية الغرق. قيل ان هناك استحالة لاستعادتنا لاننا صرنا خارج المياه الاقليمية. استمرت المحاولات حتى ساعات الصباح الاولى حيث تمت اعادتنا الى المرفأ وبدأت المذلة. تحقيق واحتجاز لساعات في البرد والمسافرون مبللون بالمياه وبينهم طفل في شهره الرابع اختنق وشارف على الموت لولا تدخل الصليب الاحمر ومدّنا بأكياس ساخنة للتدفئة”.

 

السفر ثانيةً!

مضى ما يناهز الشهرين على تجربة بلال المريرة لكن الامل في داخله بالسفر لا يزال حياً. واذا كان السفر بحراً في فصل الشتاء يعد انتحاراً، الا ان تجارب الناجين ومن وصل الى اوروبا يشكل حافزاً له ولذا فهو يعد العدة للرحيل مع حلول الصيف وفي داخله شعور يقول له “لا بد ان تنجح“.

 

لا يبالغ بلال في امنياته وتقتصر طموحاته على العيش حياة كريمة “لا بدي صير غني ولا بدي عوز حدا” مستجدياً من الحياة “عملاً يؤمن حياتي وعائلتي ويضمن استمرار تعليمهم الذي بات مستحيلاً في لبنان“.

 

عزاؤه بخوض التجربة مجدداً على ابواب الصيف “اني حاولت. اذا رحلت فسيقال لاولادي ان والدكم غرق بينما كان يسعى لتأمين حياة كريمة لتعيشوها وهذا جهاد في سبيل الرزق”.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى