آخر الأخبارأخبار محلية

هذا هو رجل العام!

درجت العادة على إختيار رجل العام عند مطلع كل سنة. وهذا الرجل الذي سيحمل هذا اللقب غير موجود في عالمنا الواقعي، للأسف. ولن يجدينا التفتيش عنه في روزنامة الإنجازات العظيمة. فهذه الإنجازات غير موجودة في قاموس الإختيارات المحتملة.

إن الشعب اللبناني الذي أصبح بمعظمه تحت خطّ الفقر، وهو بات يعيش كل يوم بيومه، حتى أن الكثيرين من هذا “الشعب العظيم” يبيت ليلته من دون أكل أو شرب، لا يكترث كثيرًا لمن سيكون رجل العام، وأن الموضوع لا يعنيه لا من قريب ولا من بعيد، لأن همومه أكبر بكثير من هذا الذي يفتشّ عنه الإعلام أو إستطلاعات الرأي لإعلانه رجل العام بإمتياز.

فالمهمة هذه السنة صعبة علينا وعلى غيرنا، وقد سبق لـ”لبنان24″ أن إعتبر أن رجل العام ليس قدرًا عندما لمس لمس اليد، كيف أن اللبناني المجبول بالكرامة وعزّة النفس يفتّش عن قوته في براميل القمامة، في مختلف المناطق اللبنانية. قد يكون الفقر هو رجل هذا العام، وكان قبله، وسيكون بالتأكيد بعده، خصوصًا إذا لم يقرّر اللبنانيون تغيير ما في أحوالهم، وهم على أهبة إتخاذ قرار قد يكون من أهمّ القرارات التي يمكن أن تُتخذ على صعيد التغيير المحتمل

فالإنتخابات النيابية على الأبواب. وبعيدًا عن أخبار التنجيم والتبصير والضرب بالرمل، فإن ما هو مؤكد حتى الآن أن هذه الإنتخابات، وهي بمثابة إستفتاء هذه المرّة، حاصلة لا محال، إذ لا مصلحة لأحد في الداخل أن يعمل على “تطييرها”، لأن الذي سيعرقل يعرف أن ثمة سيفًا دوليا مصلتًا ينتظره، وأن ثمة عقوبات موجعة هذه المرّة ستنزل على رأس كل من يفكرّ في أن يلغي هذا الإستحقاق المهمّ من الحياة السياسية اللبنانية.

هذا الأمر لوحده لا يكفي، أي حتمية إجراء الإنتخابات النيابية في مواعيدها المحدّدة في شهر أيار، إذ لا بدّ من أن يرافق هذه العملية أمران: الأول، على المستوى الشعبي بالنسبة إلى الخيار الصحيح، لأن على هذا الخيار يتوقّف مصير البلد، أقّله لأربع سنوات آتية. فإذا أراد اللبنانيون إعادة إنتاج الطبقة السياسية ذاتها فسيكون هذا خيارهم النهائي، وهم أحرار في ذلك. ولكن بعد ذاك لن يحقّ لهم “النق” أو التذمّر أو التأفف من الحال التي وصلوا إليها، وبالتالي لا يعود من حقّهم إلقاء اللوم على الآخرين. فالخيار كان ملك أيديهم. وعليهم أن يتحمّلوا مسؤولية ما أختاروا، وإن كنا نعتقد أن التغيير الشامل أمر مستحيل، لأنه يُبنى “طوبة طوبة”، على حدّ قول إخواننا المصريين.

أمّا الأمر الثاني، وقد يكون أكثر واقعية من الأول، فهو أن تبادر الطبقة السياسية بأحزابها وتياراتها المتعدّدة إلى إحداث ثورة ذاتية من داخلها، بحيث تلجأ إلى إعتماد اساليب مغايرة عن أساليبها السياسية السابقة التي أدّت، شئنا أم أبينا، إلى الكوارث التي يعيشها لبنان بكل تفاصيلها وعلى كل المستويات الإقتصادية والمالية والإجتماعية.

ولأننا متيقنون بأن القديم سيبقى على قدمه فإن التغيير الداخلي لدى الأحزاب والتيارات السياسية مطلوب قبل أي أمر آخر، وذلك حتى لا يُقال لنا “كما تكونون يُولّى عليكم”. فإذا لم يحدث هذا التغيير الداخلي فعبثًا يتعب البناؤون، وسيبقى وضعنا على حاله لسنوات طويلة آتية، وسيبقى اللبنانيون، الذين أعُطيت لهم حرية الإختيار، يفتشّون عن كسرة الخبز في براميل الزبالة. وسيأتي يوم، ولو متأخرًا، تجد فيه هذه الأحزاب أنها قد اصبحت منتهية الصلاحية وغير مطابقة للمواصفات المطلوبة، التي لا تتماشى مع التطّور والتغيير.

 

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى