آخر الأخبارأخبار محلية

استراتيجية دفاعية للمقايضة

كتب المحامي فؤاد الأسمر: مفهوم الدولة يعني ثلاثة اركان وهي شعب وارض ومؤسسات دستورية وقانونية. ان انتفاء اي ركن من هذه الاركان الثلاثة ينفي وجود الدولة.
فمجرد وجود شعب على ارض معينة لا ينتج دولة ما لم تتحقق مؤسسات تكرس مفهوم السيادة والسلطة والقانون الذي يحكم الشعب والأرض.

من هنا ضرورة وجود مؤسسات مختلفة من تشريعية وتنفيذية وقضائية وعسكرية وأمنية ومالية الى ما هنالك من مؤسسات وسلطات يجب توافرها للقول بوجود دولة.
إن الدولة هي التي تحدد من هو الصديق ومن هو العدو، وهي التي ترسم آليات الدفاع عن كيانها من خلال ما يسمى الاستراتيجية الدفاعية التي هي حق حصري منوط بمؤسساتها وترتبط بهيبة وكرامة الدولة، ولا يجوز ان تكون الاستراتيجية الدفاعية رهينة بيد فئة أو حزب واحد بمعزل عن وجود ارادة وطنية جامعة حول أسسها.

التزاماً بهذا المبدأ، عمدت السلطات في لبنان الى اطلاق طاولة الحوار الوطني حول استراتيجية دفاعية تتفق جميع مكونات الوطن عليها، الا أن طاولة الحوار هذه توقفت قسراً في العام ٢٠١٤ بفعل الفراغ في رئاسة الجمهورية.
بعد انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، تم اهمال البحث بمفهوم الاستراتيجية الدفاعية، لا بل جرى نسفها بفعل ما تم تداوله عن وجود تسوية مفادها “السلاح مقابل الفساد” مع ما تحمله هذه التسوية من آثار مدمرة وماحقة على الوطن ومؤسساته.
اليوم وبعد أن دخلنا في الأشهر الأخيرة من العهد الحالي، أعاد الرئيس طرح موضوع الاستراتيجية الدفاعية مؤكداً أنها حق حصري بيد الدولة. فما هي جدية هذا الطرح بظل الظروف والمعطيات الراهنة؟
ان هذا الطرح كان يمكن ان يرتدي الطابع الجدي والصادق لو أنه تم في مطلع الولاية الرئاسية وليس عند انتهائها.
كما وان هذا الطرح يأتي عشية انتخابات رئاسية يجاهر فيها الحزب علناً بترشيحه للوزير سليمان فرنجيه لرئاسة الجمهورية.

ويأتي هذا الطرح على أثر ذهاب المجلس الدستوري، ومن ضمنه القضاة المحسوبون على الثنائي الشيعي، الى رد الطعن المقدم من التيار الوطني الحر بالتعديلات على قانون الانتخاب.
وهو يأتي في خضمّ التحضير للانتخابات النيابية التي ستشكل محطة بالغة الأهمية على حجم الكتلة النيابية التي يطمح اليها التيار البرتقالي، ذلك أن ضمور حجم كتلته النيابية لا بد وأن ينعكس سلباً على أحلام رئيسه الوزير جبران باسيل بالرئاسة.
انطلاقاً من هذه الظروف والمعطيات يضحى جلياً أن طرح موضوع الاستراتيجية الدفاعية اليوم هو غير جدي بل لمقايضة الحزب، الذي يبقى لاعباً أساسياً على الساحة الداخلية، بفعل الأوراق والمفاتيح التي ما يزال ممسكاً بها، من جهة، وبفعل التشرذم الحاصل لدى باقي القوى، من جهة أخرى.
فهل سيرضخ الحزب ويتنازل عن مرشحه ويتبنى ترشيح الوزير باسيل لرئاسة الجمهورية بهدف حماية سلاحه ومكتسباته؟ أم أننا سنشهد حرب تحرير ثانية في مرحلة تشبه ببعض ظروفها ومعطياتها مرحلة العام ١٩٨٩؟

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى