آخر الأخبارأخبار محلية

مراجعة فرنسية لسياستها في لبنان

كتبت هيام القصيفي في صحيفة “الأخبار”: تقوم الدوائر الفرنسية بمراجعة سياستها في لبنان في ضوء ما حدث منذ مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عقب انفجار مرفأ بيروت. والمراجعة هذه تتعدى القراءة العادية المتعلقة بسياسة فرنسا تجاه لبنان، لتصل إلى طرح أسئلة حول مستقبل هذا البلد ودور القوى الإقليمية والدولية المؤثرة فيه، وموقع القوى السياسية اللبنانية.

وبحسب هذه المراجعة، تعترف فرنسا بتعثر مبادرتها لأسباب متنوعة. لكنها لا تضع المسؤولية على سياستها بقدر ما تحمّلها للسياسيين اللبنانيين الذين لم يفوا بتعهدهم أمام ماكرون نفسه بكل أنواع الالتزامات للتقدم نحو حلول للأزمة.
باتت فرنسا تنظر إلى النظام الحالي على أنه فاسد. وعلى رغم أن لها علاقات مختلفة المستويات مع القوى اللبنانية، إلا أنها تتوقف عند علاقتها برئيس الجمهورية ميشال عون بنوع خاص. فالعلاقة معه مزمنة وتاريخية منذ أن كان قائداً للجيش وصولاً إلى مرحلة نفيه إليها وعودته منها. وهي علاقة لا تقتصر على جهة فرنسية واحدة، بل متعددة المستويات، ومتينة ومتشعّبة. وما فاجأها أنها لم تستطع التفاهم معه منذ أن وصل إلى رئاسة الجمهورية، ولم تتمكن من التوصل إلى أي اتفاق على حلول ومبادرات يمكن تسويقها دولياً وإقليمياً كإطار لحل الأزمة اللبنانية. وهذا أمر مهم بالنسبة إليها، لا سيما من موقعه كرئيس للجمهورية، خصوصاً أنها كانت إلى جانبه، وظلت ترسل إليه موفدين وتبقي أواصر العلاقة معه على متانتها.

تعتب باريس على واشنطن بسبب سياستها في لبنان، كونها الأكثر فاعلية في المنطقة وبعض دولها. فواشنطن تتصرف وكأنها تعتمد سياسة ضبابية تجاه الوضع اللبناني، فيما تتحضر للانسحاب من المنطقة من دون رسم أي سياسة عامة تجاهها. فتارة تتقدم بسرعة على أساس أنها تريد الحفاظ على الاستقرار في لبنان وتارة تتراجع تاركة الوضع يتخبط أكثر، كما يحصل مثلاً في ملف الكهرباء واستجرار الغاز من مصر، بعدما كانت حريصة على تسريع الخطوات في هذا الملف. ما تقوله باريس لواشنطن إنه يجب رسم سياسة كاملة للوضع اللبناني، وإن البلد ليس الجيش اللبناني وحده، وحصر واشنطن اهتمامها ومساعدة لبنان بالجيش فقط ليس كافياً. لأنه في حال سقوط لبنان، ماذا ستنفع مساعدة الجيش؟. فلبنان بات مهدداً بالانحلال، وكثرة الضغوط عليه والتحديات ستجعله عاجلاً أم آجلاً رازحاً تحتها، وحينها كيف يمكن الإفادة من دعم واشنطن للجيش، إذا كان هذا الدعم سيذهب هباء. ولأن لا سياسة واضحة تجاه لبنان ومستقبله، تعول باريس على واشنطن ودفعها لاستدراك هذه الضبابية، والأخذ في الاعتبار ضرورة وضع سياسة عامة تتناول جميع مرافقه ومؤسساته، خصوصاً أن موقف واشنطن وتعاطيها مع بيروت يؤثر في موقف دول المنطقة والخليج في نظرتهم إليها، ويساهم أكثر في ترك إيران تتصرف براحة أكبر فيها.إلا أن واشنطن، حتى الآن، تبدو أكثر ميلاً إلى تجاهل هذا العتب وعدم الدخول في تفاصيل الوضع اللبناني، وهذا ما يقلق باريس، إذ لا تستطيع استيعاب أو تأييد غياب أي استراتيجية أميركية في ظل الإدارة الحالية تجاه لبنان. وفيما هي لا تزال مهتمة به وتخشى نتيجة الضغوط التي تؤثر في مستقبله، تنظر بريبة إلى السياسيين اللبنانيين الذين لا يزالون يتصرفون من دون أي اهتمام، تماماً كما تصرفوا منذ أن أطلقت مبادرتها.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى