“التشنّج” السياسي يكاد ان يضيّع “رهجة” عيدٍ آخر
قد تكون عبارة “بأيّ حالٍ عدت يا عيد” قد أصبحت مستهلَكة لكثرة تكرارها في السنوات القليلة الماضية، إلا أنّ أحدًا لا يستطيع أن ينكر كم تنطبق على الواقع اللبناني اليوم، وقد دخلت البلاد عمليًا في “عطلة الأعياد”، بدءًا من الميلاد الذي يحلّ غدًا، من دون أن تواكبه “البهجة” المفترضة، ولا “الأحلام” المشروعة بغدٍ أفضل وأكثر إشراقًا.
يحلّ عيد الميلاد على لبنان في وقت لا يبدو الجوّ السياسي “متشنّجًا” فحسب، بل “مكهرب” إن جاز التعبير، على وقع الإطلالة الأخيرة لرئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل، الذي اختار بعد سقوط طعن تكتّله أمام المجلس الدستوري أن يعمّق الخلافات بدل “تيسير” الأمور، فرفع السقف إلى الحدّ الأقصى، مستخدمًا ورقة “مساءلة” الحكومة، وملوّحًا بأوراق “تصعيدية” أخرى، رحّلها إلى مطلع العام الجديد.
وبانتظار “نضوج” خيارات الرجل، التي يخشى كثيرون أن تصبّ الزيت على النار، على أبواب انتخابات نيابية توصَف بـ”المفصليّة”، عادت “الطوابير” لتتصدّر المشهد عشيّة الميلاد، هذه المرّة من بوابة المصارف، التي قرّرت “الإفراج” عن “فتات” الدولارات للموظفين، فتمنحهم رواتبهم بالعملة الخضراء وفق سعر “صيرفة”، ما دفع المواطنين إلى التهافت لنيل “عيديّتهم”، في مشهد “مهيب” آخر يسجَّل للتاريخ.
“الطوابير” عادت
ما كان بالإمكان لعام “الإذلال والمهانة” الذي اختبره اللبنانيون على مدى الأشهر الفائتة، أن ينتهي بغير مشهد “الطوابير” الذي طغى على “روزنامة” العام، بحلوها ومرّها. كيف لا، وقد أصبحت هذه الطوابير بمثابة “ماركة مسجّلة” لعام 2021، يُخشى أن “يرثها” العام الجديد منه، بعدما تنقّلت بين مختلف القطاعات، من محطات المحروقات إلى الأفران والمخابز، مرورًا بالمصارف والبنوك.
الأكيد أنّ مشهد “الطوابير” لم يكن أفضل ما يمكن في موسم “الأعياد”، ولو أنّه في طبيعته وخلفيّاته وتبعاته ودلالاته، مشهد أكثر من “معبّر“.
“معارك” السياسة لا تنتهي
وإذا كان المواطنون لا يُلامون بتهافتهم على المصارف للحصول على “حصّتهم” من العملة الخضراء، بعدما بات الدولار “كنزًا ثمينًا” بفعل الانهيار المالي والاقتصادي، فإنّ المسؤولين عن هذه “الجريمة”، أركان الطبقة السياسية، يُلامون لأنّهم اختاروا مرّة أخرى أن تطغى خلافاتهم على كلّ الأجواء، وأن تضيّع “رهجة” عيدٍ آخر، لم يعد يختلف عن سائر أيام السنة، بالنسبة إلى الكثير من اللبنانيين.
هكذا، ثبت مرّة أخرى أنّ “معارك” السياسة لا تنتهي، ففيما كان اللبنانيون يسعون بكلّ ما أوتوا من قوة لتمرير العيد “بالتي هي أحسن”، ولو أنّ غلاء الأسعار منعهم من ممارسة الكثير من عادتهم، أو حتى شراء الحدّ الأدنى من الهدايا الخاصة بالمناسبة، كان السياسيون “يفتعلون” المزيد من المعارك، بل يعمد بعضهم إلى استخدام “التحريض”، لعلّه ينفعه قبل أشهر من الانتخابات النيابية.
قد يكون الوزير السابق جبران باسيل أول “المُدانين” في هذا الإطار، هو الذي اختار عشيّة الميلاد لتصعيد الموقف، ولم يكتفِ بذلك، بل وعد أنصاره بالمزيد مع مطلع العام الجديد، مبشّرًا بانطلاقة “واعدة” للسنة الجديد، ما “شنّج” الأجواء مرّة أخرى، وهو ما تجلّى في الساعات الماضية بـ”اشتباكات سياسية” عابرة للأطياف، حتى إنّ “الجبهات اشتعلت” بين الحلفاء قبل الخصوم، في مفارقة مثيرة للانتباه.
بأيّ حالٍ عدت يا عيد. لا شكّ أنّ العبارة، ولو كانت مستهلَكة، تبقى خير معبّر عن أجواء العيد في لبنان. ليست “الطوابير” التي عادت إلى المصارف السبب الوحيد، ولا “التشنّج السياسي” الذي لجأ بعض “الزعماء” إلى رفع وتيرته عشية العيد. قبل هذا وذاك، “ضاعت” رهجة العيد بالأوضاع الاقتصادية المأساوية، بالأسعار الخيالية والفاحشة، التي باتت تفوق قدرة اللبنانيين، ممّن فتّشوا عن هدية “متواضعة” تناسب قدرتهم، فلم يجدوا بكل بساطة!
مصدر الخبر
للمزيد Facebook